ملف خاص: "قسد" ترتكب جرائم حرب في حلب .. قنص وترهيب أزهق أرواح المئات
تعتبر مدينة حلب، من المدن التي تضم مختلف المكونات والطوائف السورية، بما فيها "المكون الكردي" حيث يقيم هؤلاء في أحياء (الشيخ مقصود والأشرفية) في الأطراف الشمالية الشرقية لمدينة حلب، خضعت تلك الأحياء لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية منذ عام 2011، ورغم تبدل السيطرة بين عامي 2013 - 2015، إلا أن "قسد" عادت وسيطرت عليها بعد حملة تهجير الأحياء الشرقية في عام 2017.
واجه المكون الكردي في أحياء حلب، شتى أنواع الانتهاكات على يد عناصر ميليشيا "قسد" والشبيبة الثورية من اعتقال وتضييق في لقمة العيش وخطف للأطفال، كما عانى الأهالي طويلاً من الحصار الذي فرضته الفرقة الرابعة في جيش النظام لسنوات طويلة بسبب استخدام المدنيين كورقة ضغط وتفاوض بين "قسد والنظام".
تحرير حلب و"قسد" تتوسع وتنشر القناصات
عقب تحرير مدينة حلب وخروج قوات النظام البائد، في 29 تشرين الثاني 2024، عملت "قوات سوريا الديمقراطية" على استثمار الحدث والفراغ الأمني والعسكري، من خلال التواسع والانتشار في الأحياء المتاخمة لحيي "الشيخ مقصود والأشرفية"، وقامت بنشر مجموعات عسكرية صغيرة في عدد من المداخل وضمن الشوارع، إضافة لنشر القناصات بشكل كبير في المناطق المكشوفة.
وتوسعت "قسد" مناطق سيطرتها في أحياء (السريان - الميدان - الهلك - بعيدين - الحيدرية والمناطق المؤدية إلى دوار الجندول والخالدية المطلة على دوار الليرمون وأجزاء من حي بستان الباشا ورصد دوار الصاخور وأجزاء من شارع النيل ودوار الليرمون، ورصدت طريق الكاستلو الواصل بين دوار الليرمون والجندول مرورا بمنطقة الشقيف، وأجزاء من حي السبيل من الجهة الشرقية).
جرائم حرب بعمليات قنص منظمة
في الوقت الذي بدأ فيه المدنيون والمقاتلون التوجه لمدينة حلب من أبنائها بشكل خاص، ولعدم معرفة طبيعة السيطرة العسكرية عقب فرار النظام، رغم أن المدينة لم تشهد أي معارك ضمن أحيائها، فوجئ الجميع بعمليات قنص وقتل يومية سجلت على مشارف الأحياء الخاضعة لسيطرة "قسد" والطرقات والشوارع الرئيسة والدوارات المكشوفة، حيث فقد العشرات من المدنيين مع آلياتهم ولم يعرف مصيرهم لأيام عقب دخولهم المدينة.
لاحقاً بدأت تتكشف الجرائم تباعاً، من خلال رصد جثث وسيارات تعرضت لاستهداف بالقناصات على الطرقات الرئيسية المرصودة من (دوار شيحان _ دوار الجندول _ دوار الليرمون _ السريان الجديدة _ طرقات بستان الباشا القريبة من الاحياء المحتلة _ طرقات الخالدية)، إذ قتل كل من دخل لهذه الشوارع أو الأحياء دون رادع سواء كان مدنياً أو عسكرياً، وتركت جثثهم لأسابيع دون تمكن أحد من سحبها.
فرق الإنقاذ تسحب عدد من الجثث
وكان أفاد نشطاء إعلاميون في حلب، عن تمكن فرق الإنقاذ من سحب عدد من الجثث التي تعود لمقاتلين ومدنيين، من مشارف الأحياء التي تسيطر عليها ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" بمدينة حلب، تبين وفق بعض الجثث أن عناصر "قسد" قامت بتصفيتهم من مسافة قريبة، ولم تسمح لأي شخص بالاقتراب من المناطق تلك لسحب الجثث التي بقيت لعدة لأسابيع.
وتشير تقديرات أولية، إلى مقتل أكثر من 90 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، ويتوزعون إلى مقاتلين ومدنيين، ومنهم من المكون الكردي، قتلوا عبر رصاص القناصات، أو بتصفيات ميدانية من قبل مجموعات لميليشيا "قسد" تتوزع على مشارف الأحياء التي تسيطر عليها ضمن مدينة حلب.
جثث متفحمة تملئ الطرقات
ووفق فيديوهات وصور جوية حصلت عليها شبكة "شام" من نشطاء من حلب، فإن عشرات الجثث لاتزال في مواقع استهدافها، غالبية الجثث تحللت بسبب المدة الطويلة التي مضى على مقتلها، في حين تظهر كثير من الصور أن بعض الجثث تعرضت لعمليات حرق أدت لتفحم الجثث والسيارات المدنية التي دخلت تلك المناطق المكشوفة على مواقعها، دون تمكن أحد من الوصول إليهم.
عناصر "قسد" قامت بتصفية العشرات من المدنيين والمقاتلين ميدانياً، وذلك لمجرد اقترابهم من مناطق انتشار عناصرها، رغم أن أي اشتباكات لم تحصل بين فصائل "إدارة العمليات العسكرية" وميليشيا "قسد" ولاتزال المفاوضات مستمرة لبحث ملف خروجهم من مدينة حلب وتسليم الأحياء التي يسيطرون عليها، بعد خروجهم كاملاً بسلاحهم من مناطق الشهباء وتل رفعت شمالي المدينة.
علاوة على ذلك نشر عناصر من ميليشيا "قسد" بعض المقاطع التي تظهر تصفية العديد من العناصر المقاتلين في صفوف الجيش الوطني السوري أو باقي المكونات، كانوا وقعوا بكمائن لعناصر الميليشيا رغم أنهم لم يكونوا في وضع قتالي، وإنما كانوا في طريقهم للدخول إلى مدينة حلب بعد تحريرها أو حتى الخروج منها فضلوا طريقهم.
مفاوضات عسيرة لم تصل لنتائج
ومنذ تحرير مدينة حلب، جرت مفاوضات بين "قسد" و إدارة العمليات العسكرية لتأمين خروج مقاتلي "قسد" وتخيير الأهالي القاطنين في مناطق سيطرة "قسد" بمدينة حلب بين البقاء في منازلهم أو الخروج إلى مناطق شرقي سوريا، إلا أن الاتفاق لم يطبق بسبب تعنت "قسد" ورفضها الخروج.
وفي يوم الأحد 1 كانون الأول 2024، أصدرت "إدارة العمليات العسكرية" بياناً وجهته إلى قيادة قوات سوريا الديمقراطية في أحياء مدينة حلب، عرضت عليهم الخروج من مدينة حلب بسلاحهم تجاه شمال شرق سوريا بشكل آمن.
وأكدت الإدارة في البيان ، بأن أكراد سوريا جزء لا يتجزأ من المجتمع السوري، وله كامل الحقوق المشتركة مع باقي أبناء هذا البلد، وللمدنيين الأكراد في الشيخ مقصود وباقي البلدات في مدينة حلب بأنكم أهلنا ولكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإننا مسؤولون عن حمايتكم وتأمين حياة كريمة لكم.
خاتمة:
ورغم مرور أكثر من شهر ونصف على تحرير مدينة حلب، لاتزال عناصر ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" تسيطر على الأحياء المذكورة في مدينة حلب، ولاتزال القناصات وعناصرها تمارس عمليات الاستهداف والقتل اليومي دون رادع، في وقت يبدو أن السلطة الجديدة في دمشق، تواصل الضغط للتفاوض على خروج سلمي للميليشيا من المنطقة حفاظاً على حياة آلاف المدنيين الذين تستخدمهم "قسد" كدروع بشرية، وتمنع حتى خروجهم من مناطق سيطرتها.