ملف خاص: ضريح "عصام زهر الدين" في السويداء: رمز للشقاق الأهلي بين جبل العرب والوطن الأم
طالب المفكر والباحث السوري "ماهر شرف الدين" المنحدر من محافظة السويداء، أهالي المحافظة بإزالة ضريح المجرم "اللواء عصام زهر الدين"، الذي اشتهر بجرائمه بحق السوريين، مؤكداً أن أحد ضحاياه هي "سمعة أهل جبل العرب"، والعلاقة التاريخية التي تربطهم بأهالي دير الزور.
وأكد المفكر السوري في مقطع فيديو بثه على يوتيوب، أن هذا الضريح هو بمثابة "لغم" متربص بأهالي السويداء، مطالباً بتفكيكه، منتقداً في ذات الوقت تصريحات وتصرفات ابنه "يعرب زهر الدين" الذي يحاور افتعال الفتنة في المنطقة للاختباء ورائها.
واعتبر الباحث، أن وجود ضريح "زهر الدين" إهانة لدماء السوريين الذين قتلوا تحت التعذيب ولم تعثر على جثثهم، معتبراً أن ضريح "عصام زهر الدين" يجب أن يتحول لمتحف لضحاياه، (متحف المحرقة السورية - فرع السويداء) كما أسماه.
وتساءل عن كيفية تناسق الدعوات مع العدالة والقصاص، بالتوازي مع الدفاع عن رموز تورطت في دماء السوريين، وهو محسوم ليس مكان جدل أو نقاش، مؤكداً أن "عصام زهر الدين" كان فتنة في حياته، ولن يسمح له أن يكون فتنة في مماته، واصفاً إياه بأنه "فتنة متنقلة استخدمها النظام لتوريط الدروز في معركته الخاسرة، قبل قتله وتصفيته في دير الزور".
واعتبر أن الإبقاء على ضريح "عصام زهر الدين" هو أكبر مشاركة في حملة تشويه صورة أهالي السويداء الوطنية والإنسانية والسورية، لأن صوره ماتزال راسخة في أذهان الناس وتصريحاته التي هدد بها السوريين وتوعدهم بها "نصيحة من هالدقن لاترجعو"، لاتزال، مطالباً بإزالة ضريحه ومحاسبة ابنه، مؤكداً أنها مسؤولية أهالي السويداء، لأنه برأيه "رمز للشقاق الأهلي بين جبل العرب والوطن الأم".
من هو اللواء "عصام زهر الدين"
اللواء "عصام زهر الدين"، هو ضابط في جيش الأسد، من أبناء قرية الصورة الكبيرة بمحافظة السويداء، وُلد عام 1961، وهو من أبناء الطائفة الدرزية، وكان قائدًا في الحرس الجمهوري، برز اسمه خلال أحداث الثورة السورية بعد عام 2011، من خلال قيادته حملات القتل والقمع، وعُرف بـ "أبو المجازر" لشدة وحشيته وحقده على أبناء الشعب السوري، واشتهر بتقطيع أشلاء الضحايا، وقاد حملات النظام في بابا عمرو في حمص والتل في ريف دمشق. كما قاد عمليات ضد تنظيم داعش في دير الزور، وقُتل تصفية في 18 أكتوبر 2017 في دير الزور.
مجرم حرب وسفاح .. النظام يعلن افتتاح صرح "عصام زهر الدين" في السويداء
في أكتوبر ٢٠٢١ أعلن نظام الأسد، افتتاح ما قال إنه "صرح اللواء شرف عصام زهر الدين"، في السويداء تزامنا مع الذكرى السنوية الرابعة لمصرعه بمشاركة عدة شخصيات في النظام بينهم نائب وزير الدفاع، وعرف "زهر الدين" أنه أحد أشهر رموز الإجرام والقتل المعروف بلقب "نافذ أسد الله"، وفقا لما يطلقه عليه موالون للنظام.
وذكرت أن الصرح يحتوي "ثلاث قاعات تضم الضريح ومعرضاً لمقتنياته وأسلحته وبزاته العسكرية ومنها التي قتل بها وعددا من الصور والأوسمة والدروع والثناءات التي نالها خلال مسيرته العسكرية"، المضرجة بدماء السوريين الأبرياء.
تاريخ مصرع زهر الدين وتأكيد تصفيته
وفي أكتوبر ٢٠١٧، نعت صفحات إعلامية ومواقع إخبارية موالية لنظام الأسد، مقتل المجرم العميد "عصام زهر الدين" قالت إنه قضى بانفجار لغم أرضي بحويجة صقر في دير الزور، منهية أسطورة سفاح من ضباط جيش الأسد، ارتكب العشرات من المجازر بحق المدنيين في سوريا، وكان له باع طويل في عمليات التصفية والإجرام.
مصادر عدة شككت حينها في صحة المعلومات الواردة عن مقتله بانفجار لغم أرضي وأكدت أن "زهر الدين" تم تصفيته من قبل نظام الأسد بعد التصريحات الأخيرة و التهديدات التي أطلقها المجرم بحق المهجرين السوريين، والتي أثارت موجة انتقاد عارمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصل صداها لداخل أروقة نظام الأسد عندما قال موجهاً كلامه للاجئين "نصيحة من هالدقن لاترجع"، الأمر الذي دفع بزهر الدين للعدول عن تصريحاته وإخراج ما زج به نفسه أولا ونظامه في مأزق ربما يأخذ أبعادا أكثر من كونها تصريحات إعلامية.
"فيصل القاسم" .. زهر الدين أراد توريط جميع الدروز
وقال فيصل القاسم في تلك الأثناء، في حملته إن زهر الدين أراد بتصريحه أن يورط جميع "الدروز"، ويجعلهم خصوما للسوريين، وتابع القاسم "أيها الحالمون بالعودة إلى حضن الوطن الأسدي والمصالحة، اسمعوا ماذا يقول لكم هذا البغل الفاشي الأسدي".
ونشر القاسم، "بعض مؤيدي النظام السوري في أوروبا حاولوا قبل فترة إجراء مصالحات مع اللاجئين السوريين في أوروبا كي يعودوا إلى سوريا، فجاءت أوامر فورية من القصر الجمهوري بدمشق بالتوقف عن المصالحات وهددت المخابرات المؤيدين القائمين على العملية بالويل والثبور وعظائم الأمور وقالت لهم: من قال لكم إننا نريد أن يعود اللاجئون الى سوريا. لم يكذب بشار عندما تحدث عن المجتمع المتجانس. ".
هل فكرت حين قالتها!!!.. والدة عصام زهر الدين "أنا أم البطل"
والدة زهر الدين التي ظهرت في مقطع مصور يثته مواقع إعلامية للأسد اعتزت بولدها وبكل ماقام به، وبكته بكاءً الأم الثكلى، فنالت نصيباً صغيراً في قلبها من الفقد والحزن والألم مما نالته أمهات أبكاها زهر الدين دماً وحرقة على فقد أبنائهن، ومع ذلك لقبت أم زهر الدين نفسها بـ "أم البطل" وعن أي بطل سفك الدماء وانتهك الحرمات وقطع الأشلاء.. إنه بطل بقتل شعبه وسفك دمائه... بطل بإجرامه وكيف لا يكون.
قالتها أمام عدسة الكمرات باكية "أنا بعتز فيكم كلكم، ببطل سوريا أبو يعرب الي مات شهيد بطل، ربي يوفقكم لترجع الجولان لأصحابها"، وكأن أم زهر الدين ظنت أن ولدها الذي لقبته بالبطل كان مرابطاً على ثغور الجولان، يدافع عن الأرض والعرض، وكأنها لم تدري أن ولدها "البطل" كان يقتل ويجرم بحق الشعب السوري في دوما ودير الزور، وكأنها لم تسمع بما قاله زهر الدين وماوجهه للاجئين بأنه لن يسامح.
لم يغب على أم زهر الدين أن توجه التحية للأسد، للمجرم الأكبر الذي علم ولدها الإجرام وأطلق يده في قتل الشعب السوري فتابعت "كلكم بعيوني والرئيس بشار الأسد بقلبي وعيوني، هو وجيشوا والله ينصر هالجيش".
ختاماً:
شكل سقوط نظام الأسد، نهاية لتاريخ طويل من الإجرام ووقف شلال الدم السوري، إذ حاول النظام جاهداً تمزيق الوحدة الوطنية السورية، وخلق التفرقة والشقاق بين مكونات الشعب السوري الأصيلة، من سنة وعلوية ودرزية ومسيحية وشيعية، فاستخدم رجالاتهم وصدرهم في مشهد الموت اليومي، ليضرب بهم أبناء الوطن، فكان سقوطه نهاية عهد الظلم، وبدء عهد المحاسبة لكل متورط بالدم، وإنهاء سيرة الرموز التي اصطنعها نظام الأسد لجيشه ومجرميه.