
معرة النعمان تواجه أزمة خبز وسط تصاعد جهود الإعمار بعد التحرير
تعاني مدينة معرة النعمان من غياب أحد أهم الخدمات الحيوية اليومية، في ظل استمرار أزمة الخبز التي تُثقل كاهل السكان العائدين، بعد أكثر من خمسة أشهر على تحرير المدينة من قوات النظام. ومع غياب الفرن الآلي الرسمي، يضطر الأهالي لشراء الخبز من محال البقالة، رغم رداءة جودته وعدم كفايته لتلبية الطلب.
أهالي المدينة يناشدون تشغيل الفرن الآلي
وأكد عدد من السكان في تصريحات محلية أنهم يحصلون على الخبز بصعوبة، وغالباً ما يكون مخبوزاً في الليلة السابقة، ما يؤثر على صلاحيته وجودته. وأوضحوا أن الكميات المتوفرة في السوق تنفد بسرعة، في ظل غياب جهة رسمية تتولى تنظيم آليات التوزيع وضمان استقرار الأسعار والجودة.
وطالب الأهالي الجهات المختصة بالإسراع في إعادة تأهيل وتشغيل الفرن الآلي الحكومي، أو منح تراخيص لأفران خاصة تعمل بإشراف مباشر لتأمين مادة الخبز بجودة وكميات كافية. من جهتها، أشارت مصادر في إدارة المنطقة إلى أن العمل جارٍ لتشغيل الفرن الرسمي، دون تحديد موعد واضح لبدء الإنتاج.
معرة النعمان.. من رماد الحرب إلى نهضة الحياة
تُعد مدينة معرة النعمان إحدى أكثر المناطق تضرراً جراء حملة القصف المكثفة التي شنّها النظام قبل انسحابه، والتي تسببت في دمار واسع للبنية التحتية وتوقف أغلب الخدمات. لكن بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، بدأت موجات العودة إلى المدينة تتزايد، مدفوعة بإرادة مدنية جماعية لإعادة الحياة إلى طبيعتها.
وفي هذا السياق، أُطلقت سلسلة مبادرات مجتمعية لإحياء المدينة، كان أبرزها إعادة تأهيل "مشفى معرة النعمان المركزي" بدعم من منظمة "يداً بيد للإغاثة والتنمية"، ما أسهم في إعادة بعض الخدمات الصحية الأولية إلى المنطقة.
كما بدأت فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) بعملية شاملة لإزالة الأنقاض، عبر تقسيم المدينة إلى 11 قطاعاً وتنظيف أكثر من 70 ألف متر مكعب من الركام، ما مهد الأرضية لعودة تدريجية للحياة الطبيعية.
انتعاش الأسواق وتحرك اقتصادي ناشئ
في مشهد عكس إصرار السكان على استعادة نمط حياتهم، وثّقت منصات محلية بتاريخ 26 نيسان الجاري عودة الأسواق الشعبية للعمل، حيث انتشرت البسطات على جانبي الشوارع، وسط تنظيم مروري لافت، وهو ما شجّع عدداً من المغتربين على التفكير بالعودة إلى مدينتهم.
وفي خطوة تعكس بزوغ دورة اقتصادية ناشئة، بدأ عدد من التجار بإعادة فتح محالهم، بدعم من مشروع مجتمعي جديد حمل اسم "صندوق معرة النعمان الخدمي"، أُطلق بمبادرة من وجهاء المدينة وتجارها. وشرع الصندوق بتنفيذ مشاريع خدمية تشمل تعبيد الطرق، تحسين الصرف الصحي، إنارة الشوارع، وتركيب كاميرات مراقبة.
أزمة الخبز اختبار مبكر لقدرة الدولة على الاستجابة
رغم الزخم الإيجابي الذي تشهده المدينة، تبقى أزمة الخبز أحد أبرز التحديات التي تعكس حاجة الأهالي إلى تدخل عاجل من الدولة الجديدة لضمان الأمن الغذائي وتحقيق الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي. فبين جهود الإعمار المتصاعدة، والانقطاعات المتكررة في توفير المواد الأساسية، لا يزال السكان يعيشون مفارقة يومية بين الأمل في البناء ووطأة الاحتياجات الملحة.
تجربة معرة النعمان، بما تحمله من آلام ونجاحات، تجسّد بشكل حقيقي روح الشعب السوري الذي يواصل الكفاح من أجل استعادة وطنه، وتحويل الركام إلى أساساتٍ لنهضة قادمة.