لأول مرة منذ عقود .. إحياء الذكرى الـ161 للنكبة الشركسية في ساحة الأمويين بدمشق
لأول مرة منذ عقود .. إحياء الذكرى الـ161 للنكبة الشركسية في ساحة الأمويين بدمشق
● أخبار سورية ٢٥ مايو ٢٠٢٥

لأول مرة منذ عقود .. إحياء الذكرى الـ161 للنكبة الشركسية في ساحة الأمويين بدمشق

شهدت ساحة الأمويين وسط العاصمة السورية دمشق، في يوم الأربعاء الماضي، تجمعاً لعشرات أبناء القومية الشركسية، الذين توافدوا من دمشق ومحافظات سورية مختلفة لإحياء الذكرى السنوية الـ161 لما يُعرف بـ"النكبة الشركسية" أو الإبادة الجماعية التي تعرّض لها الشعب الشركسي عام 1864.

وقد ارتدى عدد من المشاركين الزي القومي الشركسي التقليدي، ورفعوا الأعلام الشركسية واللافتات التي تخلد ذكرى ما يعتبرونه مأساة تاريخية ألمّت بأجدادهم قبل أكثر من قرن ونصف، حين تم تهجير وقتل مئات الآلاف من الشركس على يد القوات الروسية القيصرية خلال الحرب القوقازية (1817–1864).

وتضمنت الفعالية الوقوف دقيقة صمت على أرواح الضحايا، إضافة إلى كلمات مقتضبة ألقيت باسم المشاركين، عبّرت عن الحزن العميق والتمسك بالهوية، والحرص على نقل الذاكرة الجمعية إلى الأجيال القادمة.

ونقلت مواقع إعلامية عن محمد علي، نائب مدير مؤسسة أبناء القوقاز قوله إن "هذه هي المرة الأولى التي ننظم فيها فعالية علنية بهذا الشكل في دمشق. خلال عهد النظام السابق لم يكن يُسمح لنا بالتعبير عن هويتنا القومية أو رفع علمنا، كان ذلك محظوراً تماماً".

ويُشار إلى أن السلطات السورية في عهد نظام الأسد المجرم كانت تمنع تنظيم فعاليات ذات طابع قومي أو ديني لا تتماشى مع الخطاب الرسمي، وتركز فقط على المسيرات المؤيدة والدعائية، دون إتاحة مساحة للتعبير عن التنوع الثقافي أو الألم التاريخي الذي تحمله بعض المكونات السورية.

واليوم، ومع التغيرات التي طرأت على الساحة السورية، بات من الممكن لأبناء القوميات المختلفة، ومنهم الشركس، إحياء مناسباتهم التاريخية بحرية نسبية، رغم ما تزال تعانيه البلاد من آثار الحرب والانقسامات.

وتُعد النكبة الشركسية من أبرز المحطات المأساوية في تاريخ شعوب القوقاز. فبحسب العديد من المصادر التاريخية، قُتل ما يُقدّر بمئات الآلاف من الشركس، فيما تم تهجير أكثر من مليون شخص قسراً من موطنهم في شمال القوقاز.

ويحرص الشركس في مختلف دول الشتات، على إحياء "يوم الحداد القومي" في 21 أيار/مايو من كل عام، لتخليد ذكرى تلك المأساة، والمطالبة بالاعتراف الدولي بها كجريمة إبادة جماعية ارتُكبت بحقهم من قبل الإمبراطورية الروسية.

وفي هذا السياق، لا يغفل كثير من المشاركين والمراقبين الربط بين التاريخ والحاضر، إذ إن روسيا، التي ارتكبت تلك المجازر في القرن التاسع عشر، لعبت دوراً محورياً خلال السنوات الأخيرة في المأساة السورية الحديثة. فمنذ تدخلها العسكري إلى جانب نظام بشار الأسد عام 2015، كانت موسكو طرفاً رئيسياً في الحرب، حيث نفذت آلاف الغارات الجوية التي أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين السوريين، وتسببت في تدمير واسع للبنى التحتية، ونزوح ملايين السوريين عن مدنهم وقراهم.

كما دعمت روسيا النظام السوري سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وساهمت في تعزيز قبضته الأمنية، ما جعلها في نظر كثير من السوريين امتداداً للقوة ذاتها التي كانت مسؤولة عن مأساة أجدادهم الشركس قبل أكثر من 160 عاماً. وهذا التشابه بين الماضي والحاضر يعمّق مشاعر الحزن والغضب لدى الشركس وغيرهم من السوريين، الذين لا يزالون يواجهون نتائج التدخلات الخارجية والاستبداد الداخلي معاً.

ويُذكر أن العديد من النشطاء والمؤسسات الشركسية في العالم ما زالوا يواصلون جهودهم في توثيق الجرائم التي وقعت في القرن التاسع عشر، والعمل من أجل تحقيق العدالة التاريخية لشعبهم، ورفع الصوت في المحافل الدولية للاعتراف بما حدث كجريمة ضد الإنسانية.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ