
مدير الشبكة السورية يطالب بكشف تفاصيل اتفاق إجلاء العائلات من السويداء ويحذّر من التهجير القسري
عبّر مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، عن قلقه إزاء ما وصفه بالغموض الذي يحيط باتفاق إجلاء عائلات العشائر من محافظة السويداء، مطالبًا الحكومة السورية بعقد مؤتمر صحفي رسمي للكشف عن كامل تفاصيل الاتفاق، مشددًا على أن الغموض الراهن يثير مخاوف جدية من احتمال وقوع عمليات تهجير قسري بحق تلك العائلات.
وفي تصريح لموقع تلفزيون سوريا، أوضح عبد الغني أن تقييم شرعية هذا الإجلاء يرتبط بشكل مباشر بطبيعته القانونية، مؤكدًا أنه "إذا تم الإجلاء باتجاه واحد دون ضمانات للعودة، فإن ما يجري يُعد تهجيرًا قسريًا يخالف القانون الدولي"، أما إذا جرى الإجلاء بموافقة العائلات المتضررة وبهدف حمايتها، وكان مؤقتًا ومرتبطًا بظروف أمنية خاصة، فإنه يكون مقبولًا قانونيًا، شريطة أن تتاح لهؤلاء العودة لاحقًا إلى منازلهم.
وأكد عبد الغني أن لعائلات العشائر جذورًا ضاربة في عمق المنطقة، مشيرًا إلى أنهم "ليسوا مجرد رحّل أو قاطني خيام"، بل هم أصحاب منازل وعلاقات اجتماعية وجيران وأصدقاء، ما يجعل من الضروري تقديم توضيحات دقيقة حول مصيرهم، وضمان عدم انتهاك حقوقهم.
وشدّد على ضرورة تحمّل كافة الأطراف المتنازعة، بما فيها الحكومة السورية، مسؤولياتها تجاه هذه العائلات، من خلال ضمان أمنها وتوفير احتياجاتها الأساسية، وتقديم الدعم الإنساني اللازم لها. ودعا إلى نشر نص الاتفاق للرأي العام، لإتاحة تحليل قانوني دقيق يضمن الحقوق ويمنع تكرار أخطاء الماضي.
558 قتيلاً في السويداء خلال أسبوع.. ونداء لوقف دوامة العنف
وفي السياق نفسه، وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 558 شخصاً في محافظة السويداء، خلال الفترة الممتدة من 13 تموز/يوليو 2025 وحتى لحظة صدور البيان، من بينهم 17 سيدة (إحداهن توفيت بأزمة قلبية عقب سماع نبأ مقتل حفيدها) و11 طفلًا، إضافة إلى 6 من أفراد الطواقم الطبية بينهم ثلاث سيدات، واثنين من العاملين في المجال الإعلامي.
وسجّلت الشبكة أيضاً إصابة أكثر من 783 شخصًا بجروح متفاوتة الخطورة، في ظل تصعيد غير مسبوق شمل اشتباكات بين فصائل محلية وعشائرية، وقصف متبادل، إلى جانب غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في المحافظة.
وأكدت الشبكة أن الحصيلة الأولية تشمل ضحايا مدنيين، ومقاتلين من مجموعات بدوية وعناصر من الفصائل المحلية الخارجة عن سيطرة الدولة، بالإضافة إلى عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة الانتقالية السورية. كما بيّنت أن الأرقام تخضع للتحديث المستمر مع ورود المزيد من المعلومات، ولا تزال التحقيقات جارية لتحديد الجهة المسؤولة عن كل انتهاك.
وبحسب المنهجية المعتمدة لدى الشبكة، فإنها لا توثق مقتل المسلحين المنخرطين في القتال إذا سقطوا خلال الاشتباكات، باعتبار ذلك لا يُعد انتهاكًا لحقوق الإنسان، في حين توثق الشبكة أي حالة قتل خارج نطاق القانون، كإعدام الأسرى أو قتل المدنيين بعد الاعتقال.
دعوات للامتثال للقانون الدولي والحد من العنف
ودعت الشبكة السورية الحكومة السورية إلى ضبط استخدام القوة بما يتوافق مع المعايير الدولية، والامتناع عن القصف العشوائي في المناطق السكنية، لما يشكّله ذلك من تهديد مباشر لأرواح المدنيين. كما طالبت بفتح ممرات إنسانية عاجلة، وتأمين وصول المساعدات والإغاثة الطبية، وتقديم دعم نفسي واجتماعي خاص للأطفال والنساء، إضافة إلى إطلاق تحقيقات شفافة ومستقلة لكشف ملابسات الانتهاكات.
وشدّدت على ضرورة تحييد المنشآت المدنية الحيوية كالمستشفيات والمدارس ودور العبادة عن ساحات القتال، وعدم استخدامها لأغراض عسكرية، إلى جانب دعم جهود التهدئة المحلية عبر إشراك الوجهاء والزعامات المجتمعية والدينية.
وطالبت الشبكة كذلك بخفض مستوى الخطاب الطائفي والتحريضي المنتشر على وسائل الإعلام ومنصات التواصل، داعية إلى تعزيز ثقافة الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، والعمل على ضمان الشفافية في التدابير الأمنية، مع ضرورة إشعار السكان مسبقًا بأي إجراءات قد تؤثر على حياتهم اليومية، كتطبيق حظر التجول أو تنفيذ عمليات أمنية واسعة.
مسؤولية جماعية في حماية المدنيين
وأكدت الشبكة على دور الإعلام المحلي في تغطية الأحداث بمهنية، بعيدًا عن الإثارة والتحريض، ودعت إلى تقديم الدعم الشامل لعائلات الضحايا من خلال تعويضات عادلة، وبرامج للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية. كما شددت على تفعيل حملات التوعية بحقوق الإنسان والمواطنة والتسامح، خصوصاً في المناطق التي تأثرت بالنزاع، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.
وحثّت على الاستفادة من التجارب الوطنية والدولية في إدارة الأزمات، من خلال تطوير آليات استجابة وقائية تعتمد على الحوار والمصالحة بدلًا من الحلول العسكرية، مع مراجعة مسار الانتقال السياسي في البلاد وتوسيع قاعدة التمثيل المجتمعي.
دعوة لكل أطراف النزاع إلى الالتزام بالقانون
وفي ختام بيانها، ناشدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان كافة الأطراف المنخرطة في الصراع بمحافظة السويداء إلى الالتزام التام بقواعد القانون الدولي الإنساني، ووقف أي أعمال انتقامية أو استهداف للمدنيين، ووقف إطلاق النار الفوري، واعتماد الحوار كخيار وحيد لتسوية الخلافات.
كما طالبت بالتعاون مع جهود الوساطة الرسمية والمدنية، والمساهمة في إيصال المساعدات إلى المتضررين، مع احترام دور القيادات المحلية في جهود التهدئة، وعدم عرقلة مسارات المصالحة، ووقف نشر خطابات الكراهية والتحريض التي تؤجج العنف وتوسّع رقعة النزاع.
وأكدت الشبكة أن التصعيد الأخير يهدد بفتح جراح جديدة في جسد البلاد، ويفرض على الحكومة والجهات الفاعلة تحركًا فوريًا وجادًا لاحتواء الأزمة ومنع تكرار المآسي التي عانى منها السوريون طوال سنوات الحرب.