
ما بين قائد يُشاد به وطاغية يُدان: مقارنة بين وصف ترامب لـ "الشرع والأسد"
قارن ناشطون سوريون بين الوصف اللائق واللبق الذي ذكره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحق الرئيس السوري "أحمد الشرع"، عقب اللقاء التاريخي بينهما في المملكة السعودية، وبين الشتيمة العلنية التي وجّهها في وقت سابق لـ "بشار الأسد"، الذي يُعتبر أكبر طاغية عاصره الشعب السوري في تاريخه الحديث.
وتفاعل السوريون بشكل واسع مع المقابلة الأخيرة التي ظهر فيها ترامب وهو يشيد بالرئيس الشرع، حيث وصفه بأنه "الشاب المقاتل والقائد المذهل" الذي قاد ثورة بلاده. وأكد ترامب أن الشرع يمتلك فرصة حقيقية للحفاظ على وحدة سوريا وتحقيق استقرارها، مشيراً إلى أن قرار رفع العقوبات عن سوريا لاقى ترحيباً كبيراً في الشرق الأوسط، في إشارة إلى التغيرات الإيجابية التي تشهدها البلاد منذ تولي الشرع الحكم.
وفي تصريحات صحفية أخرى، قال ترامب: "الرئيس الشرع قدم نفسه كقائد قوي، وهو يمتلك الفرصة التاريخية لقيادة سوريا نحو المستقبل. ونحن نرى في هذا التوجه فرصة مهمة للحفاظ على وحدة سوريا واستقرار المنطقة ككل." كما أشار إلى احتمال انضمام سوريا إلى اتفاقيات أبراهام في المستقبل، وهي الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول العربية وإسرائيل.
واستذكر السوريون وصف ترامب للديكتاتور بشار الأسد بـ"الحيوان"، وذلك في أبريل/نيسان 2018، عقب الهجوم الكيميائي الذي استهدف مدينة دوما وأسفر عن سقوط عشرات الضحايا من المدنيين. حينها أدان ترامب النظام السوري بشدة، وعبّر عن غضبه الشديد من هذه الجرائم الوحشية، معتبراً أن تصرفات الأسد تجرده من أي صفة إنسانية.
هذا التوصيف العنيف من الرئيس الأمريكي عكس بوضوح حجم الانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد، وأبرز التباعد الحاد بين واشنطن ونظامه في تلك المرحلة. وبالفعل، فإن ممارسات الأسد الوحشية بحق الشعب السوري — من القتل والتعذيب والاعتقال والتهجير والقصف بالأسلحة المحرّمة دولياً — كانت شاهداً دامغاً على استحقاقه لهذا الوصف، إذ لم يتردد في سحق كل من طالب بالحرية والكرامة، ما أكد صحة موقف ترامب آنذاك.
ويأتي هذا التقدير الدولي المتزايد نتيجة لخطوات اتسمت بالحذر والوضوح، اتخذها الرئيس أحمد الشرع منذ تسلمه السلطة، حيث حرص منذ البداية على إظهار استعداده للإنصات إلى مطالب الشعب، وفتح قنوات تواصل مع مختلف فئات المجتمع السوري.
كما بادر إلى زيارة عدد من الدول العربية في مسعى لتقوية العلاقات الثنائية وتعزيز الحضور السوري على الساحة الإقليمية، بما يعكس توجهاً نحو إعادة بناء جسور الثقة والتعاون بعد سنوات من العزلة. ولم يغفل الشرع في تحركاته الاهتمام بجميع الطوائف والمكونات السورية، حيث حرص على توجيه رسائل طمأنة تؤكد أن المرحلة القادمة ستكون قائمة على الشراكة الوطنية، والاحترام المتبادل بين أبناء الوطن الواحد.
كما اتسمت قيادة الشرع بالانفتاح والإنصات لصوت الشارع السوري، حيث حرص على إشراك مختلف مكونات المجتمع في صنع القرار، وفتح أبواب الحوار مع القوى المدنية والشبابية. وقد عكست سياساته حرصه على إعادة بناء الدولة على أسس العدل والمواطنة، بعيداً عن القمع والفساد الذي ميز حقبة النظام السابق بقيادة المجرم بشار الأسد.
وتُعدّ هذه التصريحات جزءًا من سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه سوريا، والتي تسعى إلى إعادة تشكيل العلاقات الإقليمية في المنطقة، ودعم خطوات من شأنها تحقيق الاستقرار والتعاون بين الدول المعنية.
وعبر نشطاء عن فخر كبير تجاه رئيسهم بعد تداول فيديو مدح ترامب للرئيس الشرع، معتبرين أن هذا الموقف يمثل اعترافاً دولياً حقيقياً بالجهود الكبيرة التي بذلها الشرع خلال الأشهر الماضية في خدمة البلاد والعمل على تحسين أوضاعها.
ورأى الناشطون أن رئيسهم لم يقتصر في عمله على الداخل السوري فحسب، بل نجح في اكتساب احترام دولي يساهم في تعزيز مكانة سوريا عالمياً، ويبعث الأمل في مستقبل مشرق. وبالنسبة لهم، فإن كلمات ترامب لم تكن مجرد مجاملة دبلوماسية، بل تأكيد واضح على نجاح القيادة الجديدة في تحقيق تحول إيجابي ملموس.
من الواضح أن الفارق في اللغة والموقف بين ترامب تجاه كل من الأسد والشرع لا يعكس فقط اختلافاً في الأشخاص، بل يعبّر عن تحول حقيقي في المشهد السياسي السوري، حيث بات الأمل ببلد آمن ومستقر ومتصالح مع نفسه والمنطقة أمراً أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى.