
مؤتمر “عنصرة وطن” في حلب: المسيحيون السوريون شركاء في التاريخ وبناء الدولة الحديثة
أقامت اللجنة الأسقفية الكاثوليكية للتنشئة الوطنية في حلب، تحت رعاية مطارنة المدينة الكاثوليك، فعاليات مؤتمر “عنصرة وطن”، على مسرح جمعية التعليم المسيحي الكاثوليكية، تحت شعار: “المسيحيون السوريون: أصالة، شراكة، رسالة”. وجاء المؤتمر بهدف تعزيز قيم الحوار والانتماء الوطني، وتسليط الضوء على الدور المحوري والتاريخي للمسيحيين السوريين في صياغة الهوية الوطنية، ودعم مشروع الدولة التعددية القائمة على العدالة والمواطنة.
وشهد الحدث حضوراً مميزاً لعدد من الشخصيات الفكرية والدينية، من أبرزهم: الدكتورة بهية مارديني، الأستاذ طارق الكردي، الأب بهجت قره قاش، المطران يوسف طوبجي، الأب أنطوان فريج، الناشط الحقوقي بشار رحمة، والباحث روجيه أصفر، إلى جانب عدد من الشخصيات المؤثرة في المشهد السوري.
ناقش المشاركون مجموعة من المحاور الجوهرية، من بينها مساهمة المسيحيين في الثورة السورية الكبرى ومقاومة الاستعمار الفرنسي، ودورهم في ترسيخ الهوية الثقافية الوطنية. كما تناول المؤتمر العلاقة التاريخية بين المسلمين والمسيحيين في سوريا، وسلط الضوء على تحديات الطائفية، وأهمية تعزيز مبدأ المواطنة والانتماء، بعيداً عن التصنيفات الدينية.
وتخللت الفعاليات عروض فكرية وثقافية، من ضمنها عرض فيلم وثائقي بعنوان “أجراس لا تزال تُقرع”، يوثق الوجود المسيحي المتجذر في سوريا منذ ألفي عام. كما تم تكريم عدد من الشخصيات ذات التأثير المجتمعي، واختتم المؤتمر في الثالث من أيار/مايو الجاري، بعد سلسلة من المحاضرات والأنشطة الثقافية، إضافة إلى حفل موسيقي أحيته فرقة “طقطوقة”.
وفي سياق متصل، أكدت الحكومة السورية الجديدة حرصها على تطمين جميع الطوائف الدينية في البلاد، وعلى رأسها الطائفة المسيحية، مشيرة إلى التزامها بضمان الحرية الدينية، واحترام ممارسة الطقوس دون تدخل. كما وجهت رسائل مباشرة أكدت فيها أن المسيحيين ليسوا أقلية، بل شركاء أساسيون في بناء الوطن والمستقبل.
وفي هذا الإطار، أحيت الطوائف المسيحية في سوريا طقوس أحد الشعانين خلال شهر نيسان/أبريل الفائت، في أجواء احتفالية عمّت الكنائس من دمشق إلى حلب وطرطوس واللاذقية. وقد وفّرت الحكومة حماية أمنية مشددة لتأمين أجواء المناسبة، من خلال نشر قوات أمنية حول الكنائس تحسباً لأي طارئ.
وقال الأب سلامة سمعان من بطريركية الروم الكاثوليك في دمشق، في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”، إن الكنيسة عرضت على السلطات الأمنية قصر الاحتفالات على داخل الكنائس لتخفيف الأعباء الأمنية، إلا أن السلطات رفضت الاقتراح، مؤكدة التزامها الكامل بتوفير الحماية اللازمة.
وتواصل المبادرات التي تُجسّد روح التعايش بين أطياف المجتمع السوري، ومن أبرزها قيام فرقة شبابية مسيحية بعزف أنشودة “طلع البدر علينا” احتفالاً بعيد الفطر، لما تحمله هذه المناسبة من رمزية دينية لدى المسلمين، في حين قام شباب مسلمون بتوزيع الحلوى أمام إحدى الكنائس بمناسبة “الشعنينة”، في لفتة تعبّر عن التآخي واحترام الأعياد الدينية المتبادلة.