“لو دامت لغيرك ما وصلت إليك”.. عبارة ظهرت خلال لقاء "الصباح والشرع" في الكويت فما قصتها؟
“لو دامت لغيرك ما وصلت إليك”.. عبارة ظهرت خلال لقاء "الصباح والشرع" في الكويت فما قصتها؟
● أخبار سورية ١ يونيو ٢٠٢٥

“لو دامت لغيرك ما وصلت إليك”.. عبارة ظهرت خلال لقاء "الصباح والشرع" في الكويت فما قصتها؟

لفتت صورة استقبال أمير دولة الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، للرئيس السوري أحمد الشرع، الأنظار إلى عبارةٍ وضعت بعناية على الطاولة بين الزعيمين، كُتب عليها: “لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك”. ورغم بساطة العبارة، إلا أنها تحمل رمزية تاريخية عميقة، تتجدد في كل لقاء رسمي، حيث يضعها أمير البلاد تقليديًا خلال استقباله الرؤساء والمسؤولين.

العبارة التي تذكّر بتواضع السلطة

تعود قصة هذه المقولة إلى عام 1917، حين أمر الشيخ سالم المبارك الصباح، الحاكم التاسع للكويت، بنقشها على واجهة قصر السيف، وبات أمراء وحكام الكيوت يضعون هذه العبارة في جميع قصورهم ومقراتهم، وخلال استقباله الرؤساء والوفود والمسئولين،

وقد أراد الشيخ سالم المبارك الصباح، من خلالها إيصال رسالة خالدة إلى كل من يتولى الحكم أو المسؤولية، مفادها أن السلطة لا تدوم لأحد، وأن الحكم تكليف لا تشريف، وأن التواضع والعدل هما أساس البقاء.

وبحسب المؤرخين الكويتيين، فإن الشيخ سالم المبارك كان معروفًا بحكمته وبعد نظره، وقد أراد بهذه العبارة أن يُذّكر نفسه وخلفاءه بأن دوام الحال من المحال، وأن الحاكم اليوم قد يصبح مواطنًا غدًا، كما أن من يزور القصر اليوم بصفته مسؤولًا، قد يكون في موقعٍ آخر في المستقبل.

 

دلالة البروتوكول

اعتماد هذه اللوحة في كل الاستقبالات الرسمية لا يُعد مجرد تقليد شكلي، بل هو تعبير رمزي يعكس ثقافة الحكم في الكويت، وتذكير الجميع بأن الكراسي زائلة. وقد ظهرت هذه العبارة خلال استقبال عدد من الزعماء العرب والأجانب، لتغدو جزءًا من الهوية السياسية للدولة.

وخلال استقبال الرئيس السوري أحمد الشرع، بدت اللوحة كأنها توازي الأعلام خلف الزعيمين، في رسائلها الرمزية. وقد ربط كثير من المعلقين هذا الحضور اللافت للعبارة بسياق زيارة الشرع، التي تأتي بعد سقوط نظام بشار الأسد، في إشارة ضمنية إلى أن لا سلطة تدوم، وأن سوريا دخلت مرحلة جديدة من التغيير السياسي.

رسائل غير مباشرة

يرى مراقبون أن وجود هذه العبارة أمام الضيوف، مهما علت مناصبهم، يحمل رسالة دبلوماسية ذكية وغير مباشرة مفادها أن المنصب لا يُعرّف صاحبه، بل إن من يخلّد ذكره هو ما يقدمه من أعمال خيّرة، وما يتركه من أثر في حياة الناس.

كما تعكس العبارة الفلسفة الأخلاقية للحكم في الكويت، حيث يتم تذكير الجميع – بمن فيهم رأس الدولة – بأن السلطة ليست امتيازًا أبديًا، بل مسؤولية مؤقتة تستوجب العمل لأجل الشعب واحترام قواعد التغيير والتداول السلمي.

“لو دامت لغيرك ما وصلت إليك” ليست مجرد جملة منمقة تتوسط مجلسًا رسميًا، بل هي مرآة لموقف إنساني وأخلاقي عميق من مفهوم الحكم. وفي ظل التحولات التي تمر بها المنطقة، تبقى هذه العبارة أحد أبرز العناوين الرمزية التي تُميّز السياسة الكويتية بهدوئها واتزانها ورسائلها الحكيمة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ