لاهثاً وراء "التريند والتسلق" .. "طباخ" يتسبب بتدافع أوقع وفيات في المسجد الأموي بدمشق
فُجع أهالي العاصمة السورية دمشق اليوم الجمعة، بوفاة 3 نساء وتعرض 5 أطفال لكسور ورضوض شديدة وإغماء، إثر حدوث تدافع في المسجد الأموي، خلال فعالية طبخ وتوزيع الطعام أقامها مايعرف بـ "أبو عمر الدمشقي" مالك أحد المطاعم في مدينة إسطنبول التركية، سبق الفعالية ترويج إعلامي كبير عبر مواقع التواصل، لتحقيق "التريند" والتسلق على أوجاع المعذبين من أبناء الشعب السوري.
الفاجعة كانت مؤلمة، وأثارت حفيظة الفعاليات الشعبية والأهلية والإعلامية السورية بمختلف انتمائها وأطيافها، لما تسببته من وفيات لمدنيين أبرياء، ذنبهم الوثوق بمن يبحثون عن الشهر والتريند، عبر تنظيم فعالية توزيع طبخ، دون التنسيق مع أي جهة حكومية، أدارها الطباخ "أبو عمر الدمشقي" المعروف بحبه للظهور ومواكبة "التريند" والذي عاد للعاصمة دمشق قبل أيام قادماً من اسطنبول.
اعتاد الطباخ "أبو عمر الدمشقي" المعروف بـ "ملك القشش والكرش"، إثارة الجدل والتريند خلال مسيرته في الطبخ، ورغم أنه نجح هذه المرة بشكل كبير بتصدره التريند ولكن لم يحالفه الحظ باحتواء الموقف في وليمة الجامع الأموي في دمشق مما نتج وفيات وإصابات، إلى جانب المتسلق على عذابات السوريين المدعو "عامر شيخاني" الذي برز بشكل واسع خلال العام الأخيرة شمال سوريا بتريندات استفزازية عقب ترحيله من سوريا، وافتتاح كفتريا في إدلب، إضافة لليوتيوبر الموالي للنظام سابقاً "محمد ماجيك".
حب "أبو عمر الدمشقي" للظهور والترند هو جزء من استراتيجيته في جذب الانتباه وخلق تفاعل كبير مع متابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يستخدم هذه المنصات لعرض مهاراته في تحضير الأطعمة، إضافة إلى تقديم النصائح حول الطهي، كثيرًا ما يشارك صورًا وفيديوهات لوجبات كبيرة، إضافة إلى منشورات تحفز المتابعين على التفاعل، مما يجعل محتواه يتصدر الترند بشكل مستمر.
الفاجعة أخذت أصداء رسمية، إذ صرح محافظ دمشق "ماهر مروان"، بأنه يتابع مع وزارة الداخلية مجريات التحقيق للوقوف على تفاصيل الحادث وأسبابه، متعهداً باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمحاسبة المسؤولين عن وقوعه، معلناً تحمل كامل المسؤولية عما حدث في الجامع الأموي، وقال نعمل على اتخاذ تدابير عاجلة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث في الأماكن العامة مستقبلاً.
وبات داء "حب الظهور" شائعاً بشكل كبير في الوسط السوري، مع لجوء الكثير من رواد مواقع التواصل وأصحاب الأعمال الحرة والشخصيات التي تملك متابعين على منصات التواصل، مع تصدر شخصيات عديدة وسعيهم لكسب "التريند" ولو على حساب الأثار السلبية التي يسببونها للمجتمع المحيط بهم، أو الصورة النمطية التي يتم بناؤها من خلال محتواهم الذي يفتقر للمهنية ويتبع أسلوب التفاهة لرواحه السريع.
وتقول الدراسات إن الأشخاص الذين يسعون دائمًا للظهور يمكن أن يفقدوا هويتهم الحقيقية، حيث يركزون على إظهار صورة لا تعكس واقعهم الداخلي، قد ينتهي بهم الأمر للعيش في قالب مفروض عليهم يقتصر على توقعات الآخرين بدلاً من تحقيق أهدافهم الشخصية.
ويحول "حب الظهور" الشخص إلى كائن أناني يسعى للتركيز على نفسه فقط، مما يزيد من التنافس غير الصحي مع الآخرين، ويصبح الشخص أكثر اهتمامًا بالحصول على التقدير الشخصي، إذ يعتمد على آراء الآخرين ولايكاتهم من أجل شعوره بالقيمة الشخصية، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان الثقة بالنفس. فبدلاً من أن يعتمد على إمكانياته الداخلية، يظل في حاجة مستمرة لإثبات ذاته عبر إرضاء الآخرين، مما يخلق دائرة من الإحباط.
وسبق أن عبر نشطاء وفعاليات متنوعة على مواقع التواصل الاجتماعي، عن استيائهم من إعطاء أهمية وحضور كبير لبعض الشخصيات النشطة على مواقع التواصل الاجتماعي رغم المحتوى الهابط لعدد منهم، من باب استقطاب هؤلاء، والترويج لهم وتصديرهم في بعض اللقاءات والتظاهرات التي ارتبطت بأفراح النصر في سوريا، ليختزل المشهد بهؤلاء، في وقت يُهمل المعذبون والمغيبون عن المشهد الإعلامي من ذوي الضحايا والمعتقلين والمدمرة منازلهم والقابعين في الخيام، ممن كان لهم الدور الأكبر في تحقيق هذا النصر.