فلسطينيو سوريا يتخوفون من قرار النظام دمج بيانات اللاجئين بمشروع "أمانة سورية الواحدة"
أثار القرار الصادر عن مدير الشؤون المدنية التابعة للنظام، القاضي بدمج بيانات اللاجئين الفلسطينيين بمشروع "أمانة سورية الواحدة" جدلاً واسعاً حول أهداف القرار الذي جاء تكليفاً بناءً على موافقة وزير داخلية النظام يوم 12 الشهر الجاري، وتنوعت الآراء إن كان صالح الفلسطينيين أم هو تمهيداً لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين في سورية وإلغاء صفة اللجوء عنهم.
وجاء في القرار: "إلى مديريات الشؤون المدنية في المحافظات بناء على موافقة السيد اللواء وزير الداخلية على مذكرة مديرية الخدمات المشتركة رقم ٤/٤/١٠٤٤/ت تاريخ ٢٠٢٤/٩/٤ المتضمنة إيقاف تسجيل واقعات الأحوال المدنية للفلسطينيين العرب المسجلين في قيود المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب على قاعدة البيانات وكذلك إيقاف العمل على طباعة تذكرة الإقامة الفلسطينية".
ويطالب القرار، التعميم على كافة مراكز السجل المدني لديكم بإيقاف العمل على تسجيل واقعات الأحوال المدنية للفلسطينيين على قاعدة بيانات سورية الواحدة اعتباراً من يوم الأربعاء ٢٠٢٤/٩/١١ ، ومن مركز إصدار فلسطين إيقاف طباعة تذاكر الإقامة للفلسطينيين حتى نهاية الدوام الرسمي من يوم الأربعاء.
وأوضحت وزارة الداخلية قرارها وقالت في منشور لها على فيس بوك: "إطار تطوير قاعدة بيانات الفلسطينيين العرب المسجلين في قيود المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب وبهدف دمجهم مع قاعدة بيانات المواطنين السوريين من خلال مشروع امانة سورية الواحدة بما يساهم في تبسيط اجراءات تسجيل واقعات الأحوال المدنية الخاصة بهم من أقرب سجل مدني".
ولفتت إلى أنها عممت على جميع مديريات الشؤون المدنية بالمحافظات بإيقاف تسجيل واقعات الاحوال المدنية للفلسطينيين العرب المسجلين في قيود المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب وكذلك ايقاف العمل على طباعة تذكرة الاقامة الفلسطينية وذلك لمدة سبعة أيام ريثما يتم الانتهاء من عملية الدمج وتطوير البرمجيات الخاصة بهم بحيث يتم توليد رقم شخصي لكل فلسطيني مسجل في قيود المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب وربطهم مع أسرهم"
وقال المحامي والناشط الحقوقي الفلسطيني السوري أيمن أبو هاشم: "تبين لي أنه إجراء إداري لدمج قيود سجلات اللاجئين الفلسطينيين في الداتا السورية للأحوال المدنية التي يجري العمل على أتمتها وتوحيدها، وهي مسألة لا تثير المخاوف من وجود خلفيات أو غايات سياسية لهذا القرار، إلا في حال إزالة الصفة المؤقتة عن الهوية التي يتم منحها للاجئ الفلسطيني، معطوفاً عليها نقل اختصاصات الهيئة العامة لمؤسسة اللاجئين الفلسطينيين العرب فيما يتعلق بتسجيل الواقعات ومنح الوثائق، إلى مديرية الأحوال المدنية وفروعها في المحافظات، وهذا ما سيتضح في الفترة القادمة، وعندها يكون لهذا الأجراء غايات أبعد من ذلك".
من جانبه أبدى "محمد بدر" مدير مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين شمال سورية لمجموعة العمل مخاوفه من القرار الصادر، ورأى في القرار رسالة لإنهاء دور الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب الذي تكفلها القوانين الصادرة في سورية القاضية بتسجيل واقعات الفلسطينيين وتنظيم شؤونهم المدنية، أبرزها القراران 450 و260، ويضيف بدر أن إصدار رقم وطني للفلسطينيين يعني تجنيساً مباشراً لهم.
ورأى المستشار القانوني لـ "مجموعة العمل" أن قرار دمج بيانات اللاجئين الفلسطينيين (أمانة سورية الواحدة) بأنه يسهل على اللاجئين الوصول إلى بياناتهم الشخصية من أقرب مركز للشؤون المدنية، الأمر الذي يعد إيجابي لتوفيره الوقت والمال ومشقة السفر للحصول على الوثائق اللازمة.
ويعد مشروع (أمانة سورية الواحدة) إلى منح المواطنين السوريين والفلسطينيين السوريين بعد ربطهم به وثائق الأحوال الشخصية الخاصة بهم من مكان إقامتهم وليس من المحافظة التي ينتمي إليها طالب الوثائق، من هذه الوثائق: الحصول على هوية أو تذكرة إقامة مؤقته للاجئ الفلسطيني، إخراج قيد، بيان عائلي، تسجيل حالات الزواج أو الطلاق والولادة ومنح شهادة الميلاد وشهادة الوفاة، وكذلك منح البطاقة العائلية للمتزوج.
ولفت إلى أنه قبل إقامة هذا المشروع كان يتطلب الحصول على الهوية السفر إلى المحافظة التي ينتمي إليها لا مكان إقامته، وكذلك الحصول على المعاملات المذكورة اعلاه كانت ترسل بالبريد الأمر الذي يحصل فيه تأخير في الحصول على المعاملة كما من المحتمل تعرض هذه الوثيقة للفقدان أو الضياع.
وشدد المستشار القانوني على أنه لا يمكن التكهن بغير ذلك نظراً لكون مؤسسة اللاجئين هي في حقيقة مهامها دائرة أحوال مدنية خاصة باللاجئين الفلسطينيين، ولا يعني دمجها في هذه المشروع إلغاءها.
ولفتت مجموعة العمل أن القانون رقم /450/ الصادر بتاريخ 25/1/1949 الذي أُحدثت بموجبه مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين العرب وأُوكل للمؤسسة مهمة تنظيم شؤون الأخوة اللاجئين الفلسطينيين وتنظيم سجلات بأسماء اللاجئين الفلسطينيين وأحوالهم الشخصية، وكذلك القانون رقم /260/ الصادر عام 1956 والذي يعامل الفلسطيني معاملة المواطنين السوريين في كافة مناحي الحياة مع احتفاظهم بجنسيتهم الفلسطينية.
وفي تاريخ 22/3/1988 صدر القانون رقم /6/ المتضمن اعتبار تاريخ لجوء العرب الفلسطينيين الوارد في سجل الأحوال المدنية للهيئة العامة ذا قوة ثبوتية مطلقة ما لم يثبت تزويره لحكم مكتسب الدرجة القطعية، وهذا القانون أعطى سجلات اللاجئين الفلسطينيين في الهيئة العامة قوة قانونية كما منحها مرجعية رئيسية أمام كافة الجهات الدولية ذات العلاقة في قضية اللاجئين الفلسطينيين ومنها وكالة الغوث /الأونروا/ حيث أصبح يُنظر إلى هذه السجلات على أنها تمثل أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الجمهورية العربية السورية وتتمتع بالدقة والتنظيم ومحصنة بالقانون.
وتطرقت المجموعة إلى المرسوم رقم /11/ تاريخ 2/7/2019 للسوريين ومن في حكمهم – الفلسطينيين- بشأن تسجيل واقعات الأحوال المدنية (ولادة – وفاة – زواج – طلاق) والحصول على البطاقة الشخصية أو الأسرية والحاصلة بعد 15/3/2011 وإعفائهم من الرسوم والغرامات المنصوص عليها.
وقامت حكومة النظام خلال الأزمة باتخاذ عدة خطوات من شأنها تحديث وتسهيل الوصول إلى التوثيق المدني، وتتضمن تلك الخطوات إصدار قانون جديد ينظم السجل المدني السوري. حيث صدر في 25 آذار 2021 قانون الأحوال المدنية السوري رقم ،13/2021 ليحل محل قانون الأحوال المدنية لعام 2007
يهدف القانون إلى تبسيط إجراءات حصول المواطنين على أي وثيقة تتعلق ببيانات السجل المدني إلكترونياً كحصر الإرث وواقعات الولادة والوفيات والبطاقة الشخصية والعائلية ويتيح القانون الحصول على هذه الوثائق والبيانات بشكل مباشر من أي مركز سجل مدني في مكان إقامة المواطن، وهو ثمرة لتبسيط تلك الإجراءات ولإنفاذ مشروع أمانة سورية الواحدة على أرض الواقع.
ومشروع أمانة سورية الواحدة يهدف بحسب نظام الأسد إلى بناء قاعدة معطيات مركزية واحدة تمثل السجل المدني الإلكتروني الكامل لكل المحافظات بحيث يتمثل كل مواطن برقم وطني واحد على مستوى القطر.
ويوجد في سورية سجل مدني خاص بالفلسطينيين المسجلين في الهيئة العامة في اللاجئين الفلسطينيين العرب، يتبع إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وتماشياً مع أحكام القانون رقم 450/1949 والتشريعات الإضافية المتعلقة بالهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، يجب أن يسجل الفلسطينيون واقعاتهم في سجلات خاصة بالهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب بدلاً من مراكز السجل المدني العادية التي يستخدمها السوريون.
وبحسب الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب يستطيع الفلسطينيون المسجلون الذهاب إلى أي سجل من سجلات الهيئة لتسجيل واقعاتهم أو الحصول على بطاقة شخصية أو دفتر عائلة دون الحاجة إلى العودة إلى مكان تسجيلهم الأصلي، ومن التعليمات التنفيذية لقانون الأحوال المدنية أن الفلسطينيين المسجلين لدى الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب والذين يعيشون في الخارج الآن، يستطيعون تسجيل واقعاتهم في السفارات السورية.
وانقسم اللاجئون الفلسطينيون تجاه القرار الصادر قبل أيام، ومنهم من استعرض سلبياته وأبدى تخوفه واتهم السلطات السورية بالتمهيد لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وخاصة ما شمله القرار من إعطاء رقم شخصي قد يكون بديلاً عن الرقم الموجود على تذكرة الإقامة المؤقتة لهم.
وعلى الجانب الآخر رحب العديد من اللاجئين الفلسطينيين بالخطوة واعتبرها مثالاً على دعم السلطات السورية للفلسطينيين وتخفيفاً لمعاناتهم، كما طمأن آخرون الفلسطينيين من أن القرار أمر جيد ولا يدعو للتشاؤم، أما الطرف المحايد فقد شدد أصحابه على ضرورة الانتظار لما سينتج عنه وعدم تأويل القرار وإخراجه عن سياقه، وفق "مجموعة العمل".
وفقاً لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، هناك 575,234 لاجئًا فلسطينيًا مسجلاً في سوريا، مع بقاء ما يقدر بنحو 438,000 لاجئا في البلاد اعتبارا من يوليو/ تموز 2022، ومنذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، تقدر الأونروا أن ما يصل إلى 280 ألف لاجئ فلسطيني من سورية نازحون داخل سورية، بالإضافة إلى 120 ألف نازح آخرين إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك لبنان والأردن وتركيا ومصر، وبشكل متزايد إلى أوروبا.