
"فادي العفيس وداود الطوكان".. قيادات بارزة لدى النظام البائد بقبضة الأمن الداخلي بديرالزور
ألقت قوى الأمن الداخلي في محافظة دير الزور القبض على اثنين من أبرز قادة ميليشيا "الدفاع الوطني" سابقًا، وهما "فادي العفيس" و"داود الطوكان"، واللذان تورطا في شبكة معقدة من العلاقات والأنشطة الإجرامية التي امتدت بين ميليشيات إيرانية وروسية وأخرى تابعة للنظام البائد.
وأفادت جريدة "الفرات" الحكومية في محافظة ديرالزور بأن القوات الأمنية تمكنت من إلقاء القبض على كلا من "العفيس" و"الطوكان" المعروفين بسجلاتهم الإجرامية خلال القتال بجانب نظام الأسد البائد إضافة الى إدارة عمليات تهريب وتغيير ديمغرافي وتجسس وتغوّل على المجتمع المحلي.
من التهريب إلى التشيّع: فادي العفيس.. مسيرة تقلبات مشبوهة
يعد "فادي العفيس"، المولود في قرية الحسينية غرب مدينة دير الزور، يُعد واحدًا من أبرز الوجوه المرتبطة بالمشروع الإيراني في المنطقة الشرقية، ويحمل القيادي المجرم تاريخ واسع من الانتهاكات والجرائم الوحشية خلال مسيرة تقلبات كبيرة تعكس شخصيته الإجرامية.
وكانت شبكة "شام" الإخبارية قد نشرت في عام 2019 تحقيقًا موسعًا وصفته فيه بـ"أحد أذرع إيران في دير الزور"، مشيرة إلى دوره في شراء العقارات والأراضي لحساب طهران، وتجنيد الشباب في صفوف ميليشياتها مقابل المال والامتيازات.
انطلقت نشاطات "العفيس" مع اندلاع الثورة السورية المنتصرة حين شكل مجموعة مسلحة باسم "الجيش الحر"، إلا أن سمعته سرعان ما تلطخت بسبب مشاركته في عمليات سلب ونهب وقطع طرق وسرقة منشآت صناعية وخدمية، أبرزها معمل الورق ومعمل السكر ومحطة القطار.
ومع دخول تنظيم "داعش" إلى دير الزور، التحق "العفيس" بصفوفه ليحمي نفسه من الملاحقة، وعمل ضمن الجهاز الأمني للتنظيم، ثم انقلب عليه لاحقًا وتحالف مع النظام البائد و"نواف البشير"، أبرز عملاء إيران في الشرق السوري.
في حين انضم "العفيس" إلى ميليشيا "لواء الباقر" الشيعية، ثم تنقّل بين الأذرع العسكرية التابعة لروسيا والنظام، حتى وصل إلى قيادة ميليشيا محلية تتبع فرع "الأمن العسكري"، وانتشرت عناصره في قرى حطلة والصالحية والجنينة، على خطوط التماس مع قوات "قسد"، حيث نشط في عمليات التهريب بين ضفتي الفرات.
ورغم ترشّحه لمجلس الشعب "في عهد نظام الأسد البائد"، تم استبعاده قبيل الانتخابات بسبب ماضيه المُحرج، فيما سجّلت له محاولات اقتحام فاشلة لريف دير الزور الغربي مطلع 2018، أسفرت عن مقتل عدد من عناصره وإصابته شخصياً.
وكان قد توعّد خلال السنوات الماضية باقتحام مناطق "قسد" بدعم من روسيا، ويذكر أن القبض عليه يقطع الطريق على الأنباء المتداولة سابقًا حول تواجده في دمشق إلى جانب المدعو "مدلول العزيز" لتأسيس شركة أمنية خاصة.
داود الطوكان.. أحد "سفّاحي" دير الزور في قبضة العدالة
أما القيادي الآخر الذي أُلقي القبض عليه، فهو "داود الطوكان"، الملقب بـ"داود الفضيلة"، وينتمي إلى قبيلة "البكارة" في ريف دير الزور الغربي، ويُعرف بأنه أحد أبرز قادة ميليشيات الأمن العسكري في المنطقة الشرقية، والمتورطين في سفك دماء مئات السوريين خلال سنوات القمع التي مارسها النظام البائد.
نشط "الطوكان"، على مدى سنوات في التنسيق مع أجهزة المخابرات العسكرية، ولعب دورًا بارزًا في ترهيب السكان المحليين وتنفيذ عمليات اعتقال وتصفية بحق المعارضين لنظام الأسد البائد.
ورغم الشائعات التي راجت مؤخرًا حول تعيينه في صفوف الفرقة 86، فإن اعتقاله رسمياً يُكذّب هذه المعلومات ويؤكد تورطه المستمر في أنشطة غير مشروعة داخل دير الزور.
وكانت أصدرت مديرية الأمن الداخلي في محافظة دير الزور، يوم الثلاثاء 17 حزيران/ يونيو، قراراً يقضي بمنع امتلاك أو حيازة السلاح بجميع أنواعه من قِبل فلول النظام البائد وأعوانهم، ممن تربطهم صلات بالنظام السابق، نظراً لما يمثله ذلك من تهديد مباشر لأمن المجتمع واستقراره.
وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة دير الزور العقيد "ضرار الشملان"، إن القرار جاء في إطار الحملة الأمنية الشاملة التي انطلقت في محافظة دير الزور، والهادفة إلى اجتثاث مصادر الفوضى والتهديد الأمني.
وشدد على أن هذا القرار جاء بعد التثبت من استخدام هذه الأسلحة في تنفيذ جرائم قتل، وتهديد مباشر لأمن المدنيين، والتستر على شبكات تخريبية وقد بدأت بالفعل قوات الأمن الداخلي بتنفيذ عمليات مداهمة دقيقة في عدد من المناطق، وصادرت كميات من الأسلحة التي كانت تُستخدم خارج إطار القانون.
وأكد أن كل من يُضبط بحوزته سلاح من هذه الفئة، سيُعامل كخارج عن القانون، وتتخذ بحقه الإجراءات الرادعة دون أي تهاون، كما دعا العقيد "ضرار الشملان"، الأهالي للتعاون الكامل مع قوات الأمن، والتبليغ عن أي حيازة غير قانونية للسلاح، وشدد على أن الحملة مستمرة ولن تتوقف حتى يُرسّخ الأمن ويزال كل تهديد يمس استقرار المنطقة.
وكان أصدر قائد الأمن الداخلي بيانا حول انتهاء المرحلتين الثانية والثالثة من الحملة الأمنية المستمرة التي أطلقتها قيادة الأمن الداخلي بالاشتراك مع وزارة الدفاع ضد فلول النظام البائد في محافظة دير الزور شرقي سوريا.
ويذكر أن الحملة تمخضت عن إلقاء القبض على عدد من المطلوبين بتهم مختلفة بين جرائم قتل واتجار بالمخدرات وتهريب للسلاح في مدينة الميادين بريف ديرالزور الشرقي، وأكد الأمن الداخلي في دير الزور أن الحملة مستمرة ضد كل من تواطأ مع النظام البائد، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار في ربوع المحافظة.
عمليات أمنية دقيقة.. ودلالات وتأكيدات على ملاحقة مرتكبي الانتهاكات واحتجازهم
أكدت مصادر مطلعة أن عمليات الاعتقال جرت بناءً على تعاون استخباراتي بين قوى الأمن الداخلي في إطار مساعي لإنهاء الفوضى الأمنية وبسط الأمن والأمان والاستقرار وملاحقة رموز الميليشيات والتغلغل الإيراني في شرق الفرات.
هذا ويحمل اعتقال العفيس والطوكان دلالات على تغير ميداني وأمني مهم في محافظة دير الزور، خصوصاً أن كليهما لعب دوراً محوريًا في شبكة النفوذ الإيراني والروسي، ومثّلا رمزين للتغوّل الميليشياوي القائم على التهريب وتجنيد الشبان وتجارة الأملاك والتحكم بالمعابر النهرية.
ويذكر أن القبض على هذين الاسمين البارزين يعكس توجهًا واضحًا نحو تفكيك شبكات الفساد والعمالة المرتبطة بالنظام البائد، والتي استخدمت الميليشيات كسلاح لبسط الهيمنة ونهب مقدرات المنطقة، ما يفتح الباب أمام محاسبة مزيد من المتورطين، في وقت تسعى فيه الدولة السورية الجديدة إلى فرض سلطة القانون وبناء إدارة مدنية جديدة تليق بالمرحلة ما بعد الأسد.
وضمن جهودها المتواصلة لملاحقة مجرمي الحرب والضالعين بجرائم جنائية خلال فترة النظام البائد، نفذت وزارة الداخلية السورية سلسلة عمليات أمنية دقيقة أسفرت عن إلقاء القبض على عدد من الشخصيات المتورطة بانتهاكات جسيمة.
ومن أبرز المقبوض عليهم مؤخرا العميد دعاس حسن علي، الرئيس السابق لفرع أمن الدولة في دير الزور، بتهم تتعلق بجرائم حرب وسرقة النفط، والمجرم عمار شقيرة المعروف بـ"أبو حيدر" لتورطه في مهاجمة حواجز أمنية، إضافة إلى فراس مفيد سعيد، أحد قادة ميليشيا الدفاع الوطني في جبلة، المتهم بارتكاب جرائم قتل واعتقال تعسفي بحق المدنيين.
ونجحت الاستخبارات العامة في سوريا عبر كمين محكم نفذته إدارة المهام الخاصة، في توقيف المجرم "وسيم بديع الأسد"، ابن عم الهارب "بشار الأسد"، وهو أحد أبرز المتورطين بتجارة المخدرات، وتؤكد وزارة الداخلية السورية إحالة جميع المقبوض عليهم إلى القضاء المختص، في إطار التزامها بملاحقة المجرمين وتحقيق العدالة.