
"عمران للإسمنت".. ستة أشهر من التحديات والإنجازات
عقدت إدارة الشركة العامة للإسمنت ومواد البناء "عمران" اجتماعاً موسعاً في معمل عدرا بريف دمشق، جمع الكوادر الإدارية والفنية والعاملين، وركّز على تقييم الأداء خلال الأشهر الستة الماضية، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المؤسسة.
وشهد الاجتماع نقاشاً صريحاً حول مصير الاستثمارات في قطاع الإسمنت، ومستقبل معامل الإنتاج، وسط تساؤلات العاملين حول حقوقهم، وأوضاع الرعاية الصحية، وشروط السلامة المهنية، إضافة إلى العوائق الإدارية والتنظيمية الناتجة عن عملية الدمج العشوائية التي أجريت في الفترة السابقة.
وأكد الحاضرون أن آثار الدمج السلبي لم تقتصر على الجوانب الإدارية والمالية، بل طالت أداء المؤسسة وكفاءة العمل، وهو ما يستدعي إعادة تقييم شاملة للهيكلية الإدارية وآليات التشغيل.
من جانبها، أوضحت إدارة الشركة أن الواقع الموروث لم يكن فقط منشآت متهالكة، بل أيضاً كوادر فنية وإدارية كفوءة يمكن البناء عليها، وشدّدت على أن فوضى الدمج السابقة أفرزت مشكلات عميقة، لكن ذلك لم يمنع من تحقيق خطوات عملية نحو الإصلاح خلال الأشهر الستة الماضية.
ومن أبرز النجاحات زيادة الرواتب وتوسيع نطاق المكافآت لتحفيز العاملين وتعزيز خطط التدريب والتأهيل لاستقطاب كوادر جديدة قادرة على النهوض بالمؤسسة والتأكيد على أن صناعة الإسمنت تُعدّ صناعة استراتيجية، تتطلب رؤية تنموية طويلة الأمد.
هذا وتسعى شركة "عمران" إلى ترميم بنيتها الإدارية والتشغيلية، وتجاوز آثار الدمج السابق، في وقت يشهد فيه قطاع البناء والحاجة للإسمنت عودة تدريجية في عدد من المحافظات ورغم التحديات، يبدو أن هناك إرادة فعلية للإنقاذ والتطوير، وفق ما عبّر عنه المجتمعون من إدارة وكوادر.
في خطوة وصفت بأنها جوهرية، ألغى وزير الاقتصاد والصناعة القرار القديم الذي فرض ما يُعرف بـ"الضمائم" على منتجي الإسمنت، في محاولة لتخفيف الأعباء المالية عن القطاع الإنتاجي، خصوصاً في ظلّ ضعف التنافسية مع المستوردات.
ووفقاً لتصريحات المهندس "محمود فضيلة"، مدير عام الشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت ومواد البناء “عمران”، فإن القرار يأتي ضمن إطار إصلاح السياسات الاقتصادية التي كانت تُفرض سابقاً تحت مسميات قانونية شكلية، لكنها مثّلت أعباء فعلية على المنتجين المحليين.
وأشار "فضيلة" إلى أن النظام البائد كان يعتمد على فرض أتاوات مقنّعة تحت غطاء تشريعي، ما أدى إلى خنق القطاعات الإنتاجية، معتبراً أن إلغاء الضميمة يمثّل تحولاً نوعياً نحو إصلاح حقيقي، خصوصاً في ظل توجه الحكومة الجديدة لاعتماد الكفاءات المتخصصة في إدارة الملفات الوزارية.
وأوضح "فضيلة"، أن دعم الصناعة المحلية ينعكس بشكل مباشر على الناتج المحلي الإجمالي، ويُسهم في خفض التكاليف النهائية على المستهلك، مما يعزز من قدرة المنتج المحلي على الانتشار والمنافسة في السوق السورية.
كما أكد أن خفض التكاليف التشغيلية وإعادة هيكلة الأعباء بشكل عادل سيمنح صناعة الإسمنت دفعة قوية للاستمرار والتوسع، لا سيما وأنها صناعة كثيفة التكاليف وتخرج من المنافسة بسهولة عند ارتفاع الأعباء.
وتواجه صناعة الإسمنت في سوريا جملة من التحديات البنيوية والمالية، وسط جهود حكومية متزايدة لدعم هذا القطاع الحيوي في ظل الحاجة المتزايدة لمواد البناء نتيجة الدمار الواسع الذي خلفه نظام الأسد البائد.
ووفق تقديرات متخصصة، فإن سوريا تحتاج خلال السنوات العشر المقبلة إلى نحو 60 إلى 80 مليون طن من الإسمنت، أي ما يعادل 6 إلى 8 ملايين طن سنوياً، لتلبية متطلبات إعادة إعمار نحو مليوني وحدة سكنية مدمّرة، فضلاً عن مشاريع البنى التحتية والمرافق العامة.