سوريا تطوي صفحة "شيوخ البلاط": الشيخ أسامة الرفاعي مفتيًا عامًا للجمهورية
سوريا تطوي صفحة "شيوخ البلاط": الشيخ أسامة الرفاعي مفتيًا عامًا للجمهورية
● أخبار سورية ٢٨ مارس ٢٠٢٥

سوريا تطوي صفحة "شيوخ البلاط": الشيخ أسامة الرفاعي مفتيًا عامًا للجمهورية

شهد قصر الشعب في العاصمة دمشق مراسم تعيين الشيخ أسامة بن عبد الكريم الرفاعي مفتيًا عامًا للجمهورية العربية السورية، وذلك بحضور عدد من العلماء والوجهاء وكبار رجال الدين، وبإشراف مباشر من رئيس الجمهورية أحمد الشرع، الذي أعلن رسميًا إحياء منصب المفتي العام بعد أن ألغاه النظام السابق في واحدة من خطواته لتهميش الفتوى المستقلة.

وفي كلمة ألقاها خلال مراسم التعيين، قال الرئيس أحمد الشرع: “لطالما كانت الشامُ منبراً علمياً وحضارياً ودعوياً، يصدر منه الخيرُ لعامة الأمة، حتى وقعت سوريا بيد العصابة الفاسدة، فظهر الشر وعمت البلوى، وعُمل على هدم سوريا ساريةً سارية.”

وأضاف الشرع: “اليوم نسعى جميعاً لإعادة بناء سوريا بكوادرها وعلمائها وأبنائها، ولا يخفى على أحد مسؤوليةُ الفتوى وأمانتُها ودورُها في بناء الدولة الجديدة، وخاصةً بعدما تعرض جناب الفتوى للتعدي من غير أهله، وتصدى له من ليس بكفء.”

وأكد الشرع أن قرار إعادة منصب المفتي العام جاء استجابة لمرحلة جديدة من البناء المؤسساتي والديني في سوريا، قائلاً: “كان لزاماً علينا أن نعيد لسوريا ما هدمه النظامُ الساقط في كل المجالات، ومن أهمها إعادةُ منصبِ المفتي العام للجمهورية العربية السورية، ويتولى هذا المنصبَ اليومَ رجلٌ من خيرةِ علماء الشامِ ألا وهو الشيخُ الفاضلُ أسامة بن عبد الكريم الرفاعي، حفظه الله.”

وطالب الشرع أن تتحول الفتوى إلى مسؤوليةٍ جماعيةٍ من خلال تشكيلِ مجلسٍ أعلى للإفتاء، تَصدر الفتوى من خلاله، بعد بذل الوسعِ في البحث والتحري، إذ الفتوى أمانةٌ عظيمة وتوقيعٌ عن اللهِ عز وجل.

وشدد الشرع، أن مجلس الإفتاء "يسعى إلى ضبطِ الخطاب الديني المعتدل، الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، مع الحفاظ على الهوية ويحسم الخلاف المفضي إلى الفرقة، ويقطع باب الشر والاختلاف".

الشيخ الرفاعي، الذي عُرف بموقفه المناهض لنظام الأسد وبدعوته المستمرة لاستقلال الفتوى عن السلطة، يمثل تيار الاعتدال والانفتاح في الفكر الإسلامي السوري، وكان من أبرز رموز المعارضة السلمية التي دعت إلى الإصلاح الديني والمؤسساتي منذ سنوات ما قبل الثورة.

وأُعلن خلال الحفل عن تشكيل “المجلس الأعلى للإفتاء” ليكون مرجعية جماعية للفتوى في البلاد، ويرأسه المفتي العام ويضم كوكبة من علماء سوريا المعروفين بعلمهم وهم: الشيخ محمد راتب النابلسي، الشيخ علاء الدين القصير، د. خير الله طالب، د. أنس عيروط، الشيخ أنس الموسى، د. إبراهيم شاشو، الشيخ نعيم عرقسوسي، الشيخ محمد خير الله الشكري، الشيخ عبد الفتاح البزم، د. وهبي سليمان، د. مظهر الويس، الشيخ عبد الرحيم عطون، الشيخ سهل جنيد، د. إبراهيم الحسون).

وجاء هذا التشكيل ليؤكد، وفق الشرع، أن “الفتوى أمانة عظيمة وتوقيع عن الله عز وجل، ولا بد أن تكون عملاً جماعيًا مؤسسيًا يصدر عن مجلس علمي بعد بحث وتحري، وليس سلطة فردية بيد من لا يُؤتمن.”

تجدر الإشارة إلى أن هذا التحوّل يأتي بعد أيام قليلة من اعتقال أحمد بدر الدين حسون، المفتي المعزول من قبل نظام الأسد، والذي شُهِرَ بمواقفه المثيرة للجدل وانحيازه الكامل للنظام، حيث كان أحد أبرز رموز “شبيحة المنابر” الذين سخّروا الخطاب الديني لخدمة السلطة القمعية.

اعتقال حسون يفتح بابًا واسعًا للتأمل في المسار الذي تمضي فيه سوريا الجديدة، حيث يتم تطهير المؤسسات الدينية من أذرع النظام السابق وإعادة بنائها على أسس العلم والاعتدال.

تعيين الرفاعي وتشكيل مجلس الإفتاء الأعلى ليس فقط إعادة لهيبة منصب المفتي، بل هو خطوة رمزية ومفصلية تشير إلى نية الدولة السورية الجديدة إعادة الاعتبار للدين والعلم بعيدًا عن التسييس والتوظيف السلطوي، ولبناء مؤسسات دينية مستقلة تؤدي دورها في حياة المجتمع والدولة في آن معًا.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ