
سوريا تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين وسط مساع لتحقيق الاكتفاء الذاتي
طرحت الحكومة السورية مناقصة دولية جديدة لشراء نحو 100 ألف طن من قمح الطحين، بحسب ما أفاد به متعاملون أوروبيون في قطاع الحبوب يوم الأحد، في خطوة جديدة ضمن جهود الإدارة السورية الجديدة لتعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.
ووفق المتعاملين، فإن الموعد النهائي لتقديم العروض في المناقصة هو 28 نيسان/أبريل المقبل، على أن يتم شحن الكمية المطلوبة خلال 45 يومًا من تاريخ إرساء العقد.
وتُعد هذه المناقصة الثانية خلال أسبوع واحد، إذ كانت سوريا قد اشترت بالفعل كمية مماثلة – نحو 100 ألف طن – في مناقصة طرحتها بتاريخ 25 آذار/مارس الجاري، ويُعتقد أنها كانت أول عملية شراء كبيرة منذ وصول الحكومة السورية الجديدة إلى السلطة في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وتسعى الحكومة السورية، برئاسة أحمد الشرع، إلى تأمين احتياجات البلاد الأساسية من القمح الذي يُعد مادة استراتيجية في ظل ظروف اقتصادية وإنسانية صعبة وتراجع الإنتاج المحلي بسبب الحرب الطويلة وتداعياتها.
وكان وزير الزراعة السابق محمد طه الأحمد، قد صرّح للجزيرة نت قبل تشكيل الحكومة الجديدة بأن وزارته أعدّت خططًا تهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية خلال عام واحد فقط، مع إعطاء أولوية قصوى لمحصول القمح. وقد جاءت هذه التصريحات قبل أسابيع قليلة من إعلان الرئيس الشرع تشكيل حكومته الجديدة وتعيين أمجد بدر وزيرًا للزراعة.
وتُقدّر احتياجات سوريا السنوية من القمح بنحو 3 ملايين طن لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وفقًا لما أكده الوزير السابق.
وفي هذا السياق، تشكل الواردات من الدول المجاورة، وعلى رأسها تركيا، مصدرًا مهمًا لتأمين القمح. وكان رئيس اتحاد مصنعي الدقيق في تركيا، أرن غونهان أولوصوي، قد توقع أن تتجاوز صادرات بلاده من دقيق القمح إلى سوريا 400 ألف طن خلال عام 2025.
وتسعى الحكومة السورية الحالية إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد من خلال دعم الإنتاج المحلي في المناطق الآمنة، وتحسين البنية التحتية الزراعية، وتقديم الدعم للفلاحين، في خطوة تهدف إلى استعادة الاستقرار الغذائي تدريجياً بعد سنوات من الانهيار الاقتصادي والحصار.
قبل عام 2011، كانت سوريا تُعتبر نموذجًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح، حيث بلغ الإنتاج حوالي 4 ملايين طن سنويًا، مما كان يغطي الاستهلاك المحلي ويفيض للتصدير إلى دول الجوار مثل الأردن ومصر وتونس، وحتى إلى أوروبا، خاصة إيطاليا لإنتاج المعكرونة نظرًا لجودة القمح السوري. 
ومع اندلاع الأزمة السورية، تراجع إنتاج القمح بشكل حاد. في عام 2017، بلغ الإنتاج حوالي 1.85 مليون طن، مقارنة بـ3 ملايين طن في عام 2013. وفي عام 2018، انخفض الإنتاج إلى 1.2 مليون طن، مما دفع البلاد إلى الاعتماد على الاستيراد لتلبية الاحتياجات المحلية. 
وخلال السنوات الأخيرة، لجأت سوريا إلى طرح مناقصات دولية لشراء القمح. على سبيل المثال، وتسعى الحكومة السورية الحالية إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد من خلال دعم الإنتاج المحلي.
وتشمل الخطط الحكومية تحسين البنية التحتية الزراعية، تقديم الدعم للفلاحين، وتوفير البذور والأسمدة اللازمة لزيادة الإنتاجية.
وتهدف هذه الجهود إلى استعادة الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح، كما كان الحال قبل عام 2011.
وتُظهر هذه الخطوات التزام الحكومة السورية بتعزيز الأمن الغذائي والعودة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح، مما يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتلبية احتياجات المواطنين الأساسية.