
دمشق وقسد تتفقان على بدء تنفيذ اتفاق "الشرع-عبدي"
استقبل القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وعضو القيادة العامة روهلات عفرين، في مدينة الحسكة، كلاً من حسين السلامة رئيس اللجنة الحكومية المكلّفة بمتابعة تنفيذ اتفاق العاشر من آذار، وعضو اللجنة محمد قناطري، في لقاء يُعدّ استكمالاً للمسار التنفيذي المتّفق عليه بين الطرفين.
ووفقًا لما أعلنه المركز الإعلامي لقسد، فإن اللقاء ركّز على تثبيت حالة خفض التصعيد، ووقف الأعمال القتالية في مختلف المناطق السورية، بما يشمل تحييد سد تشرين من أي هجمات عسكرية، باعتباره مرفقًا حيويًا واستراتيجيًا.
مناقشة ملف المهجّرين وتشكيل لجنة الحوار السياسي
تناول الاجتماع أيضًا سبل تشكيل لجنة تُعنى بمسألة عودة المهجّرين قسرًا من جميع المناطق السورية، وتوفير الضمانات اللازمة لحمايتهم وتأمين عودتهم الآمنة.
وأُعلن خلال اللقاء عن أسماء أعضاء اللجنة التي ستتولى تمثيل مناطق شمال وشرق سوريا في الحوار مع الحكومة السورية، وهم: فوزة يوسف، عبد حامد المهباش، أحمد يوسف، سنحريب برصوم، سوزدار حاجي، فيما سيكون مريم إبراهيم وياسر سليمان ناطقين رسميين باسم اللجنة.
اتفاق العاشر من آذار.. الخلفية والمضامين
وكانت رئاسة الجمهورية قد أعلنت في 10 آذار الماضي عن توقيع اتفاق رسمي مع قوات سوريا الديمقراطية، عقب لقاء جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بالقائد مظلوم عبدي، تضمّن التأكيد على وحدة الأراضي السورية، ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لقسد ضمن مؤسسات الدولة، بما في ذلك المعابر والمطارات وحقول النفط.
كما نص الاتفاق على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة، والاعتراف بالمجتمع الكردي كمكوّن أصيل في الدولة السورية، إضافة إلى دعم الدولة في محاربة فلول الأسد، ورفض مشاريع التقسيم وخطابات الكراهية.
وينص الاتفاق كذلك على عودة جميع المهجّرين إلى بلداتهم وقراهم، وإلزام اللجان التنفيذية بإنجاز تنفيذ البنود قبل نهاية العام الحالي.
خطوات تنفيذية متزامنة على الأرض
وبالتوازي مع اللقاء في الحسكة، أعلنت وكالة "سانا" عن دخول الجيش السوري وقوى الأمن العام إلى منطقة سد تشرين بريف حلب الشرقي، تنفيذًا للاتفاق. كما استُؤنفت عملية انسحاب قوات "قسد" من حيي الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب، بإشراف وزارة الدفاع.
عبدي في مقابلة المونيتور: لا نريد جيشين في سوريا.. والاندماج مشروط بحفظ خصوصيتنا
وكان مظلوم عبدي قد أكد في مقابلة موسعة مع صحيفة "المونيتور" أن اتفاق العاشر من آذار جاء ثمرة مفاوضات مباشرة مع الرئيس أحمد الشرع، وهو اتفاق ساهم فعليًا في وقف المجازر بالساحل، وفتح الطريق نحو إعادة انتشار مؤسسات الدولة، خصوصًا في مناطق منبج وسد تشرين وحلب.
وأوضح عبدي أن قوات "قسد" مستعدة للاندماج في الجيش الوطني الجديد، شرط أن تحتفظ بهويتها التنظيمية وخبراتها القتالية، مضيفًا: "لا نريد وجود جيشين في سوريا، لكن يجب أن نشارك في بناء الجيش الوطني الجديد من موقعنا كقوة أساسية خاضت معارك كبيرة ضد داعش".
وشدد على أن النموذج المطبق في حي الشيخ مقصود يُشكل أساسًا واقعيًا لحكم محلي لا مركزي، داعيًا إلى تضمين هذا النموذج في الدستور الجديد، مؤكدًا أن تجاهل اللغة الكردية في المسودة الدستورية الحالية كان خيبة أمل كبرى.
وفي رده على ملف العلاقة مع تركيا، أشار عبدي إلى انخفاض حدة الخطاب التركي، وأن اللهجة الرسمية لأنقرة أصبحت أقل حدة، مرجّحًا أن يكون ذلك ناتجًا عن التقاطعات مع تل أبيب، خصوصًا بعد تهديدات إسرائيلية لتركيا بسبب توسعها الميداني في سوريا.
كما كشف عبدي عن رسالة تلقاها من الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، دعاه فيها إلى العمل ضمن أجندة سورية شاملة، والعمل على توحيد الصف الكردي، مؤكدًا أن الرد أُرسل بالعربية ثم تُرجم إلى التركية.
وأشار إلى أن الأميركيين سهلوا وصول وفود "قسد" إلى دمشق والعكس، لكنهم لم يتدخلوا في مضمون التفاوض، وأنهم يدعمون المسار الجديد لأنه يمنع التصعيد مع تركيا ويُحاصر خطر عودة تنظيم داعش، الذي قال إنه بدأ بالتحرك مجددًا داخل المدن السورية بسبب الفراغ الأمني.
وختم عبدي بالتأكيد على أن الحوار مع دمشق مستمر، وأن اللجان السياسية والتعليمية والأمنية ستباشر عملها قريبًا، لمعالجة ملفات حساسة مثل الاعتراف بالشهادات الدراسية والاندماج الإداري، مؤكدًا أن "الاتفاق فرصة لبناء سوريا جديدة، تشاركية وديمقراطية".