
حلب بانتظار الإخلاء .. الاتفاق برعاية و اشراف تركي و الأمم المتحدة تعترف بـ "خذلان السوريين"
لازالت الصورة الكاملة لاتفاق اخلاء مدينة حلب من ثوارها و المدنيين ، الذي تم يوم أمس بين الفصائل الثورية والاحتلال الروسي، غير واضحة المعالم، سواء من حيث مضمونها أو توقيت التنفيذ الفعلي ، نتيجة عدم اخراج الدفعة الأولى (حتى لحظة تحرير هذا الخبر) وفق ما كان متفق (الساعة الخامسة بتوقيت سوريا).
تركيا توضح
وأعلن المتحدث باسم الخارجية التركية حسين مفتي أوغلو، أنّ المحادثات التي جرت بين الفصائل الثورية وضباط من الاحتلال الروسي، أسفرت عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في المدينة(بدأ بالفعل منذ مساء الأمس) ، على أن يتلوه مرحلة تالية وهي إجلاء المدنيين من الأحياء المتحررة المتبقية في حلب باتجاه محافظة إدلب، على أن يتم ترحيل الثوار في في المرحلة الثانية.
وتابع مفتي أوغلو قائلاً: "تركيا كانت على مدى الأسابيع الماضية تبذل جهوداً مضاعفة لفتح ممرات آمنة إلى شرقي حلب، والتوصل إلى وقف إطلاق النار يعتبر خطوة إيجابية، إلّا أننا يجب أن نكون يقظين ونراقب سير الاتفاق عن كثب".
في الوقت الذي نقلت فيه “الأناضول”، قول مسؤولون في جهاز الاستخبارات التركية، الذين لعبو الدور الأبرز في ابرام الاتفاق، إنهم أجروا وساطات مكثفة بين الأطراف، من أجل إجلاء آلاف المدنيين الذين تحاصرهم قوات الأسد و حلفائهم، بشكل آمن ومغادرة الثوار المدينة.
وقال محمد شيمشك نائب رئيس الوزراء التركي في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ، مساء أمس، إن تركيا ستقيم مدينة خيام لاستيعاب ما يصل إلى 80 ألف من الفارين من الموت في مدينة حلب. ولم يقدم المسؤول التركي المزيد من التفاصيل.
الأمم المتحدة : خذلنا السوريين
وفي غضون ذلك قالت كريستا أرمسترونغ المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن اللجنة مستعدة للعمل كوسيط إنساني محايد في عملية الإجلاء من شرق حلب التي تتفاوض بشأنها أطراف مختلفة. وأشارت أرمسترونغ إلى أن الأطراف المختلفة لا تزال في الوقت الحالي تبحث تفاصيل هذا الاتفاق وكيفية تنفيذه. "نأمل أن يتحقق و- الأهم من ذلك - أن يأخذ في الاعتبار مصالح المدنيين".
وشددت أرمسترونغ على أنه "إذا تمت تلبية المبادئ الإنسانية الأساسية وإذا أيدت جميع الأطراف ذلك .. فإننا نقف على أهبة الاستعداد للعمل كوسيط إنساني محايد ومساعدة المدنيين الذين يحتاجون المساعدة. لذلك فإننا نعد خططا للطوارئ كي نتمكن من التحرك سريعا إذا لزم الأمر."
وأضافت أنه يتعين حماية المدنيين الذين يجري إجلاؤهم وكذلك من اختار أن يبقى مشيرة إلى أن الصليب الأحمر الدولي لا يشارك بشكل مباشر في المفاوضات. وكانت بعض سكان مدينة حلب المحاصرين قد وجهوا نداءات لحمايتهم وإنقاذهم من الوضع المأساوي الذي هم عليه.
قال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، خلال كلمته في الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي بخصوص حلب، أن الامم المتحدة مستعدة لمراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.
واستدرك بالقول "نُذكر جميع الأطراف بمسؤولياتهم بفتح ممر آمن للمدنيين، والتعامل الإنساني مع الذين سلّموا أنفسهم، والذي تم القبض عليهم".
وأقر بان كي مون في إفادته بأن المجتمع الدولي خذل الشعب السوري، وقال لأعضاء المجلس "قلت من قبل أننا خذلنا السوريين بشكل جماعي ولم يمارس مجلس الأمن مسؤوليته البارزة فيما يتعلق بصيانة الأمن والسلم".
لمحة حول الاتفاق
ودخل الاتفاق المبرم بين فصائل الثوار و الاحتلال الروسي ، الذي رعته تركيا، حيز التنفيذ ، في الساعة السابعة من مساء الأمس ، بعد دخول مدينة حلب في اطار وقف اطلاق للنار بعد أن شهدت طوال شهر تقريباً أعنف حملة في الثورة السورية تتعرض لها مدينة تحوي أكثر من ٣٥٠ ألف مدني، ومحاصرة من الصيف الفائت.
و أعلمت القيادات العسكرية للفصائل الثورية في الأحياء المحررة المتبقية من مدينة حلب، عناصرها بتطبيق وقف اطلاق للنار بشكل فوري على كافة الجبهات مع الحفاظ على الجهازية للرد على أي خرق يتم.
فيما نصت بنود الاتفاق على بدء اخراج جميع المتواجدين ، في الأحياء المحررة، باتجاه ريف حلب الغربي و منه إلى ادلب، بعد أن تعذر نقلهم إلى الريف الشمالي بسبب وجود تعقيدات مختلفة و تداخل في المناطق المسيطر عليها من قبل قوات الأسد و المليشيات الايرانية و الفصائل الكردية الانفصالية و تنظيم الدولة.
و تشير مصادر مواكبة للمفاوضات، إلى أن الاتفاق أتاح لتركيا نقل المهجرين من حلب إلى الريف الشمالي ، حيث تتواجد قوات درع الفرات، عن طريق الأراضي التركية من باب الهوى إلى أحد المعبرين في الشمال “باب السلام” أو “جرابلس”.
وكان من المقرر أن تبدأ عملية الاخلاء اعتباراً من فجر اليوم ، الساعة الخامسة فجرآً، عبر باصات منتقلة من الأحياء المحررة المتبقية مروراً بمعبر بستان القصر وصولاً إلى الريف الغربي، حيث تجري حاليا الاستعدادات لاستقبال المهجرين و لاسيما المصابين ، من خلال تجهيز سيارات الاسعاف.
و أتى الاتفاق ثمرة مفاوضات وصفت بالشاقة، بحضور سياسي و أمني تركي لتسهيل المفاوضات، التي شابها تعثرات كثيرة في الأسابيع الماضية بعد نكوس الاحتلال الروسي ، في العديد من المرات وتغيير للاتفاقات والتعهدات التي يتقدم بها.
و تم الاتفاق قبل سويعات من جلسة طارئة لمجلس الأمن دعت إليها الدول الأوربية لبحث عمليات الابادة في حلب، والتي شهدات اتهامات شديدة من المندوبين الأوربيين و المندوب الأمريكي ، في حين رد المندوب الروسي كما جرت العادة بنفي كل الاتهامات .