حقوقيون يوضحون سبب عدم إصدار "الجنايات الدولية" مذكرة توقيف بحق "بشار الأسد"
حقوقيون يوضحون سبب عدم إصدار "الجنايات الدولية" مذكرة توقيف بحق "بشار الأسد"
● أخبار سورية ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤

حقوقيون يوضحون سبب عدم إصدار "الجنايات الدولية" مذكرة توقيف بحق "بشار الأسد"

طرح إصدار "المحكمة الجنائية الدولية"، مذكرتي توقيف بحق "نتنياهو وغالانت" مؤخراً، وفي مارس 2023 اتخذت ذات الإجراء بحق بوتين، تساؤلات عن سبب عدم إصدار ذات القرار بحق الإرهابي "بشار الأسد" الذي ارتكب فظائع وجرائم حرب طيلة سنوات في سوريا تندرج تحت الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وضد الإنسانية.

في هذا الشأن أوضح "محمد العبد الله" مدير "المركز السوري للعدالة والمساءلة" في واشنطن، أن "بشار الأسد" نجا من المحكمة "الجنائية الدولية"، بسبب عدم توقيع سوريا على "اتفاقية روما"، وعدم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يحيله إلى المحكمة.

وبين "العبد الله" في حديث لموقع "الحرة"، أنه لكي تتمكن الجنائية الدولية من فتح تحقيق في حالة ما، أو وضع ما، أو نزاع مسلح ما، فإنه يتوجب عليها أن تسلك مسارين، الأول: أن تكون "الدولة موقّعة على نظام روما الأساسي (اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية)، أو أن تقبل الدولة اختصاص المحكمة، كما حالة أوكرانيا.

أما المسار الثاني: قرار من مجلس الأمن يحيل الوضع أو الحالة للمحكمة من أجل دراساتها والتصرف بها. وفي حال ثبت وجود جرائم حرب أو ضد الإنسانية أو إبادة جماعية، تصدر الجنائية الدولية اتهامات ومذكرات توقيف.

وأوضح "العبد الله لموقع "الحرة"، أن سوريا ليست طرفا في نظام روما ولم توقع عليه، كما لم تقبل بشكل طوعي اختصاص المحكمة، في المقابل، كانت روسيا والصين قد استخدمتا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قانون ينص على إحالة سوريا إلى محكمة الجنائية الدولية عام 2014.

في السياق، قال الخبير القانوني "المعتصم الكيلاني"، إن المحكمة لا تستطيع ممارسة ولايتها إلا على أرض دولة موقعة على "اتفاقية روما"، وعبر عن اعتقاده بأن هناك طريقة واحدة متبقية لإحالة سوريا إلى المحكمة، وهي أن تولي دولة موقعة على "اتفاقية روما" هذه المهمة، وتكون تأثرت من الانتهاكات المرتكبة من حكومة دمشق.

وبين أن هذه الحالة تنطبق على الأردن، الذي تأثر من تدفق اللاجئين السوريين، مستبعداً أن يتخذ الأردن هذا الإجراء، وهو الذي يقود الآن جهود التطبيع وإعادة العلاقات مع دمشق.

وتمتلك الجنائية الدولية صلاحية التحقيق في الجرائم المرتكبة في أوكرانيا، لأنها سبق أن قدّمت إعلانا رسميا بموجب المادة 12(3) من نظام روما الأساسي، في 2014 و2015، وبموجب الإعلان، منحت أوكرانيا المحكمة صلاحية النظر في الجرائم المرتكبة على أراضيها، حتى لو لم تكن طرفا في نظام روما الأساسي.

وبناءً على ذلك، اكتسبت المحكمة ولاية قضائية على الجرائم الدولية المرتكبة في أوكرانيا، بما في ذلك الجرائم التي يُتهم بوتين بارتكابها أو المسؤولية عنها، مثل ترحيل الأطفال الأوكرانيين قسرا، ورغم أن أوكرانيا ليست عضوا، فإن إعلانها قبول اختصاص المحكمة وفقا للمادة الاستثنائية، يعاملها كأنها أعطت إذنا مؤقتا للمحكمة للتحقيق في الجرائم الواقعة على أراضيها.

أما بالنسبة لنتانياهو وغالانت، فتشمل صلاحيات الجنائية الدولية والولاية القانونية للمحكمة، "الجرائم المرتكبة في فلسطين بعد انضمامها كعضو في عام 2015".

وسبق أن أصدرت الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق الرئيس السوداني السابق، عمر حسن البشير، عامي 2009 و2010 طبقا لتهم بالمسؤولية وراء جرائم الإبادة الجماعية وجرائم حرب في إقليم دارفور، بالإضافة إلى جرائم ضد الإنسانية، والسودان ليس دولة موقعة على نظام روما، لكن في عام 2005 أصدر مجلس الأمن قرارا ملزما يحيل الحالة هذا البلد لمحكمة الجنايات.

وكانت صادقت محكمة الاستئناف في باريس، على مذكرة التوقيف التي أصدرها قضاة تحقيق بحق بشار الأسد المتهم بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الهجمات الكيميائية القاتلة التي وقعت في أغسطس 2013، وفق محامي الضحايا ومنظمات غير حكومية.

وتعلقت الحالة السودانية حينها على نحو محدد بدارفور، وبعدما توصلت الجنائية الدولية إلى أن ما حصل هناك يندرج ضمن نطاق "الإبادة الجماعية".

في 2019، أعلنت الأمم المتحدة أن هناك أكثر من مليون وثيقة ودليل جمعتها المنظمة الأممية ضد الأسد، تعكف لجنة مستقلة على تحليلها من أجل "تحقيق العدالة ومحاكمة كل من تورطوا في القمع والتعذيب وجرائم إنسانية أخرى".

وفي العام ذاته، تقدمت مجموعة من اللاجئين السوريين بشكوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد نظام دمشق، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الدائرة في سوريا، وقدّم الشكوى ضد الأسد محامون بريطانيون، بوكالتهم عن 28 لاجئا سوريا غادروا بلادهم إلى الأردن.

في مايو 2023 كتبت المحامية في مشروع التقاضي الاستراتيجي في "المجلس الأطلسي"، إليز بيكر، تحليلا استعرضت فيه أدوات المساءلة التي يمكن أن تستهدف الأسد، وتعرقل جهود تطبيع الدول معه.

وأوضحت أنه باستخدام السابقة التي أنشئت لميانمار في عام 2019، يمكن لمدعي المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، "فتح تحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا، والتي أدت إلى الترحيل القسري إلى الأردن، وهي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية".

و"تلقى خان خلال السنوات الماضية، طلبات متعددة لفتح تحقيق في سوريا، لكنه فشل حتى الآن في القيام بذلك"، حسب بيكر، وقالت المحامية إن إحالة سوريا من قبل دولة عضو في الجنائية الدولية، من شأنه أن يزيد بشكل كبير من احتمالية إجراء تحقيق.

وأشارت إلى أنه "تم تحفيز العشرات من الدول في العام الماضي لإحالة قضية أوكرانيا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وصولا إلى إصدار مذكرة توقيف بحق بوتين، وينبغي لها أن تفكر في القيام بنفس الشيء بالنسبة لسوريا".

من ناحية أخرى، أوضحت بيكر أن أحد أدوات المساءلة القليلة المستخدمة حاليا في سوريا، هي إطار "الولاية القضائية العالمية"، الذي يسمح للمحاكم المحلية بمحاكمة الجرائم الفظيعة المرتكبة خارج حدودها على أساس أن الجريمة خطيرة للغاية، لدرجة أنها تهدد المجتمع الدولي ككل.

ولا تسمح العديد من البلدان بمواصلة القضايا، إلا إذا كان المشتبه به موجودا داخل حدودها، وبالتالي كان هناك عدد محدود من القضايا المتعلقة بسوريا، فيما ركزت العديد منها على تهم الإرهاب. وكان عدد قليل منها فقط ضد مرتكبي الجرائم المرتبطين بنظام الأسد.

ووفق المحامية، فإن محاكمة القيادات العليا في المحاكم الوطنية تعد أيضا خيارا، وفي حين تتطلب محاكمات الولاية القضائية العالمية عادة حضور الجاني، فإن بعض البلدان التي تطبق القانون المدني تسمح بإجراء بعض المحاكمات غيابيا، شريطة وجود ضمانات كافية لحماية حقوق المتهم في المحاكمة العادلة، وهو ما حصل في فرنسا مؤخرا.

وفي عام 2022 فتحت ألمانيا وكندا ودول أخرى، تحقيقات هيكلية لبدء بناء قضايا الولاية القضائية العالمية ضد الجناة الروس، و"يجب على هذه البلدان التحقيق بشكل استباقي في الروابط بين الصراعات في أوكرانيا وسوريا لضمان أن أي محاكمات مستقبلية تتعلق بأوكرانيا تتضمن أيضا روابط ذات صلة بسوريا"، حسب المحامية.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ