
حقوقي يُقدم قراءة في قرار مجلس الأمن حول إلغاء العمل بآلية إيصال المساعدات الدولية عبر الحدود
قدم المحامي والحقوقي السوري "عبد الناصر حوشان"، قراءة في قرار مجلس الأمن الدولي حول إلغاء العمل بآلية إيصال المساعدات الدولية عبر الحدود، بعد استخدام "روسيا والصين" الفيتو ضد مشروع تمديد القرار، مؤكداً أن وقف تدفق المساعدات الدولية عبر الحدود سيؤدي الى كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من ثلاثة ملايين شخص لا مورد لهم ولا مصدر لمعيشتهم سوى هذه المساعدات.
وتحدث الحقوقي في قراءة خاصة لشبكة "شام" عن تقديم كل من ألمانيا وبلجيكا بمشروع تمديد العمل بآلية تقديم المساعدات الدولية عبر الحدود لمدة عام، إلا أنه قوبل بالفيتو الروسي الصيني وبالتالي إنهاء العمل بآلية إيصال المساعدات الدولية عبر الحدود وحرمان أكثر من ثلاثة ملايين سوري من المهجّرين قسرياً الى الشمال السوري اعتباراً من يوم الجمعة القادم /10/07/2020 /.
ولفت الحقوقي السوري إلى أن الآلية المذكورة كانت بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2165 لعام 2014، الذي صدر بالإجماع ويقضي بالإذن للوكالات الإنسانية باستخدام الطرق عبر خطوط النزاع والمعابر الحدودية لضمان وصول المساعدات الإنسانية بما في ذلك اللوازم الطبية والجراحية، وكذلك إنشاء آلية للرصد تحت سلطة الأمين العام للأمم المتحدة تقوم، بموافقة البلدان المعنية والمجاورة لسورية بمراقبة تحميل جميع شحنات الإغاثة الإنسانية التي ترسلها وكالات الإغاثة.
وذكر حوشان أنه في العام 2016 اعتمد مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 2332 حول سورية الذي كرر فيه مطالبته لجميع الأطراف، وخاصة السلطات السورية، بالامتثال الكامل والفوري لأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ومُدِّدَ العمل به في عام 2019 بموجب القرار الصادر تحت رقم 2449، بموافقة ثلاثة عشر دولة من إجمالي أعضاء المجلس البالغ عددهم خمسة عضوا، وامتناع كل من روسيا والصين عن التصويت لصالح القرار، وفي نهاية العام 2019 استخدمت روسيا والصين حق النقض " الفيتو " ضد مشروع قرار يقضي بتمديد آلية العمل بآلية إيصال المساعدات الإنسانية المذكورة.
واعتمد مجلس الأمن الدولي في/11 /01/ 2020 القرار 2504 والذي قضى بتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا عبر معبرين فقط من تركيا (باب السلام وباب الهوى) ولمدة ستة أشهر بدلا من سنة وإغلاق معبري اليعربية في العراق، والرمثا في الأردن نزولا عند رغبة روسيا والصين.
وأوضح الحقوقي السوري لشبكة "شام" أن النتائج المتوقعة من تفعيل هذا القرار هي "وقف تدفق المساعدات الدولية عبر الحدود سيؤدي الى كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من ثلاثة ملايين شخص لا مورد لهم ولا مصدر لمعيشتهم سوى هذه المساعدات".
وأكد أن الكارثة هي في حرمان الأطفال والمرضى من الاحتياجات الأساسية لهم كون نسبة المساعدات لهؤلاء تصل الى 40% من حجم المساعدات الإجمالي بالإضافة الى تدهور الحالة المعيشية لباقي فئات المهجّرين قسرياً مما ينذر بمجاعة وموت محقق من الجوع ترتقي الى جريمة الإبادة إن تم وقف هذه المساعدات.
وذكر الحقوقي أن "روسيا مستعينة بالفيتو الصيني دأبت منذ بداية تدخلها في الشأن السوري على حماية النظام السوري من أية إجراءات قد تلحق الضرر به مستخدمة حق النقض ضد أي قرار يخص الشأن السوري، وجمّدت عمل مجلس الامن عبر الفيتو حتى في القضايا الإنسانية لم تتوانى عن ذلك وآخرها استخدام الفيتو ضد تمديد العمل بآلية تقديم المساعدات الإنسانية الدولية عبر الحدود الى اكثر من ثلاثة ملايين سوري تم تهجيرهم قسرياً من قبل النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين".
وتهدف روسيا من وراء ذلك - وفق حوشان - الضغط على المجتمع الدولي للتعامل مع النظام السوري و إعادة تأهيله كشريك أممي لإيصال المساعدات الإنسانية و إن أي مساعدات تدخل الأراضي السورية يجب أن تحظى بموافقة الحكومة السورية وبالتالي تحقيق هدفين هامّين الأول إعادة إنتاج النظام عبر منظمات الأمم المتحدة وفرض ذلك كأمر واقع تحت ضغط الدافع "الإنساني " الذي تقوم بموجبه الأمم المتحدة بإيصال المساعدات الإنسانية للمهجّرين قسرياً في الشمال السوري , مما يساعد النظام السوري من الإفلات من عقوبة جريمة التهجير القسري و حرمان المدنيين من ابسط وسائل العيش.
أما الأمر الثاني هو "إعطاء النظام السوي صلاحية التوزيع والرصد والتوثيق ومن خلال ذلك يتحكم بقاعدة البيانات هذه لاستخدامها في تعقّب ومتابعة ورصد الثوار في المناطق الخارجة عن سيطرته، واستخدام هذه المساعدات - " عبر سياسة التجويع والحصار " التي كانت إحدى أسلحته في معاقبة المعارضين في مناطق كثيرة من سورية - للضغط على المهجّرين قسرياً في الشمال لإجبارهم على العودة الى مناطق سيطرته وبالتالي إعادتهم الى حظيرته يسومهم سوء العذاب " قتلا واعتقالا وتنكيلا ".
ولفت إلى أن النظام السوري سيجعل من هذه المساعدات مصدر تمويل لعصاباته من الشبيحة وعصابات حزب الله والعصابات الإيرانية والعراقية، كما فعلها من قبل حيث صدرت تقارير دولية تفيد باستفادة النظام السوري بثلاثة عشر مليار دولار من المساعدات الإنسانية والتي كان من المفترض ان تصل للمحتاجين بينما تحوّلت هذه المساعدات الى إمداد العصابات والمرتزقة التي تعمل معه.
واعتبر "عبد الناصر حوشان" أن "حظر القانون الدولي الإنساني الحديث، تجويع المدنيين – أي حرمانهم من الطعام عمدًا – بوصفه أحد أساليب الحرب. استُمِّدت هذه القاعدة من مبدأ التمييز المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني، للمرة الأولى في البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 (المادة 54/1 من البروتوكول الإضافي الأول و المادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني) واليوم تعتبر قانونًا عرفيًّا في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية " القاعدة 53".
وينص نظام روما الأساسي على أن «الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين باعتباره أسلوبًا من أساليب الحرب» يعد جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية (النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة 8 (2) (ب)(25).
وختم الحقوقي السوري في قراءته بالتأكيد على "المجتمع الدولي ألا يكون شريكا للنظام السوري في هذه الجريمة ويجب ألا تُسلِّم حياة هؤلاء الناس الى نظام القتل والاجرام، و عليه إيجاد طريقة أخرى لإيصال هذه المساعدات الى مستحقيها في الشمال السوري وحرمان النظام السوري المجرم من الاستفادة منها في حرمان المستحقين وتحويلها الى مصدر دعم لعصاباته مما يجعل المساعدات الإنسانية وسيلة قتل للشعب السوري في حال تم تسليمها لنظام لا يعرف سوى القتل والاجرام وسيلة للتعامل مع معارضيه".
وصوت مجلس الأمن، الثلاثاء، على مشروع قرار ألماني بلجيكي مشترك، بشأن تمديد آلية إيصال المساعدات الدولية إلى سوريا، عبر معبري "باب السلام" و"باب الهوى" (بتركيا)، لمدة عام كامل، غير أن الفيتو الروسي- الصيني حال دون تمديدها.
ويوم الجمعة المقبل ينتهي التفويض الحالي الذي تعمل به الآلية، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2504 الصادر في 11 يناير/ كانون الثاني الماضي، ونص القرار المعمول به حاليا على إيصال المساعدات عبر معبرين فقط من تركيا، لمدة 6 أشهر، وإغلاق معبري اليعربية بالعراق، والرمثا بالأردن، نزولا عند رغبة روسيا والصين.