
ثلاث هدن روسية في إدلب بأقل من عام لم تجلب إلا الموت وزيادة في التدمير والتشريد
مر أقل من عام على بدء الحملة العسكرية التي قادتها روسيا منذ شهر نيسان من العام الماضي ضمد منطقة خفض التصعيد الرابعة شمال غرب سوريا، ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقيات التي أبرمتها بهذه المنطقة، ومتحدية العالم أجمع في زيادة القتل والتشريد ونشر الموت.
خلال المدة المذكورة، أعلنت روسيا التوصل لثلاث هدن، لم تستمر هذه الهدن أبداً ولم توقف الموت عن المدنيين، وفي كل مرة تعاود روسيا نقض الهدنة، تزيد في وتيرة القصف ونشر الموت وقضم المناطق وصولاً للهدنة التي بدأت يوم أمس.
ومع بدء الحملة العسكرية الأولى بريف حماة في شهر نيسان من عام 2019، وتصاعد القتل والتدمير وتشيريد الآلاف من مدنيي ريف حماة، وبعد تصاعد الموقف الدولي، أعلنت روسيا في 31 من آب 2019، هدنة لتسكين المجتمع الدولي وإعطاء مجال لترتيب صفوفها فقط، سرعان ما نقض النظام بأوامر روسية الاتفاق واستأنف الهجوم.
ورغم إعلانها هدنة إلا أن روسيا استخدمت، مع الصين، في 19 أيلول، حق النقض لإحباط قرار بمجلس الأمن لوقف إطلاق النار، في حين استمر القصف المتقطع في إدلب، قبل العودة للتصعيد في كانون الأول بشكل عنيف على أرياف حماة وإدلب وحلب.
وكانت الهدنة الثانية لوقف الموت في 9 كانون الثاني، حيث أعلن روسيا وقف لإطلاق النار من طرفها، إلا أن النظام لم يلتزم بالاتفاق وواصل القصف المدفعي وسرعان ما عاد القصف الجوي، من خلال سلسلة ادعاءات تروج لها روسيا في كل مرة بمزاعم استهداف حميميم بالمسيرات وقصف المعارضة لمواقع النظام.
وسبق أن قال مصدر عسكري من فصائل الثوار في ريف إدلب لشبكة "شام"، إن الهدن الروسية باب لكسب الوقت والمراوغة قبل العودة للتصعيد ونشر الموت بعد ترتيب أوراقها، لافتاً إلى أن روسيا حاولت لمرات عدة المراوغة بأسلوب الهدن الوهمية في معركتها شمال سوريا، في محاولة منها لكسب المزيد من الوقت.
واستذكر المصدر في حديث سلسلة الهدن الروسية التي أعلنتها واتفاقيات خفض التصعيد في الغوطة وجنوب سوريا وشمال سوريا، وماواجهته هذه الاتفاقيات والهدن من خروقات من قبل الطرف الروسي ذاته، والتي استغلها لتهدئة جبهات على حساب أخرى، واستطاع خلالها - وفق تعبيره - من السيطرة على وسط وجنوب سوريا مستغلة اتفاقيات خفض التصعيد.
وأشار المصدر إلى أن روسيا خرقت اتفاق خفض التصعيد بإدلب لمرات عديدة، مستشهداً بالحملة الأخيرة التي لاتزال مستمرة، وأنها أكثر برهان على غدر روسيا ومراوغتها، وكيف عادت لضرب المنطقة وتدميرها رغم وجود الطرف الضامن الآخر للاتفاق على الأرض وهو تركيا.
وخلال الهدنة الأخيرة التي وقعت في 5 أذار الجاري، رصدت شبكة "شام" جانباً من آراء قاطني مخيمات الشمال السوري بريف إدلب الشمالي، أجمع الكل على أن أي اتفاق لا يضمن وقف القصف نهائياً وعودتهم لمناطقهم التي أجبروا على الخروج منها تحت القصف، لا يعنيهم بشيء.
ولفتت الردود حول موقف المدنيين في الشمال من الاتفاق الروسي التركي يوم أمس بوقف إطلاق النار، بأنه لايلبي مطالبهم، كون روسيا ستحافظ على المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً، مايعني حرمان مليون مدني نازح حديثاً من العودة إليها، وبالتالي بقائهم مشردين في المخيمات.
ويكشف الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الرئيس التركي أردوغان والروسي بوتين، والمتضمن وقف لإطلاق النار ابتداءاً من منتصف الليل اليوم، عن أن هناك ثغرات وتباعد كبير بين ماتم الإعلان عنه وبين المطالب التركية في العودة لما قبل التصعيد الأخير، وبالتالي فإن الاتفاق يبدو هشاً ومؤقتاً لتهدئة الأجواء المتوترة لا أكثر وإعطاء المزيد من الوقت للدبلوماسية بعد فشل التوصل لأي اتفاق حقيقي.
وكانت تباينت المواقف والردود حول مضمون الاتفاق الروسي التركي للتهدئة بإدلب، في وقت أجمع المعلقون عبر مواقع التواصل على أن الاتفاق لم يحقق الشروط والمطالب التركية، وأنه بحكم الاتفاق المنتهي قبل بدئه.