تقرير للأمم المتحدة: سوريا تواجه مفترق طرق بين التعافي الاقتصادي أو استمرار الفوضى
أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) تقريرًا جديدًا بعنوان “سوريا عند مفترق طرق: نحو مرحلة انتقالية مستقرة”، يعكس صورة شاملة للوضع الاقتصادي والإنساني في سوريا بعد نحو 14 عامًا من النزاع.
وبحسب التقرير، شهد الاقتصاد السوري انكماشًا بنسبة 64% في الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2011، بينما فقدت العملة السورية ثلثي قيمتها خلال عام 2023 فقط، ما دفع معدل التضخم الاستهلاكي إلى 40% في 2024.
كما تراجعت الصادرات إلى الحد الأدنى، مع اقتصارها على السلع الأساسية كالطعام، في ظل تراجع كبير في التجارة الصناعية.
الأمينة التنفيذية للإسكوا، رولا دشتي، قالت: “تعاني سوريا من أزمة ممتدة منذ أكثر من عقد، وكل جانب من الحياة فيها قد تآكل. إعادة بناء البلاد تتطلب ليس فقط إعادة إعمار البنية التحتية، بل أيضًا تعزيز الثقة، الحوكمة، والتماسك الاجتماعي.”
التقرير يصنف سوريا ضمن الدول الأكثر تضررًا إنسانيًا، حيث يحتاج 16.7 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، وأكثر من 7 ملايين نازح داخليًا يعيشون في ظروف صعبة، خاصة خلال فصل الشتاء القارس، وحوالي 85% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، مع معاناة شديدة في القطاعات الصحية، حيث أن 40% من المستشفيات والمرافق الصحية تعمل بشكل جزئي أو متوقف كليًا.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 2.4 مليون طفل خارج المدرسة، إضافة إلى مليون آخرين مهددين بالتسرب، ما يهدد مستقبل البلاد.
وعلى الرغم من التحديات، يطرح التقرير سيناريو للتعافي يشمل إعادة الإعمار، إصلاح الحوكمة، وضمان الدعم الدولي. إذا تحققت هذه الشروط، يمكن أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 13% سنويًا بين 2024 و2030، ليصل الاقتصاد السوري إلى 80% من مستواه قبل الحرب بحلول نهاية العقد.
ومع ذلك، حذر التقرير من سيناريوهات أكثر قتامة إذا استمر عدم الاستقرار وانعدام التمويل، ما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي دائم وفقر مستمر، يمكن أن يتسبب في انكماش الناتج المحلي بنسبة 7.68% سنويًا، بما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والتحديات الأمنية الإقليمية.
وشدد التقرير على أهمية إصلاح الحوكمة، دعم القطاع الخاص، وتقديم مساعدات دولية تتجاوز الإغاثة الطارئة إلى دعم اقتصادي ممنهج.
كما يدعو إلى تعزيز جهود المصالحة الوطنية، المساءلة، وإصلاح قطاع الأمن، باعتبارها أساسًا لتحقيق سلام دائم.
التأثير الإقليمي
أشار التقرير إلى أن استقرار سوريا يمكن أن ينعكس إيجابًا على دول الجوار مثل الأردن ولبنان، من خلال استعادة طرق التجارة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي المشترك، في حين أن استمرار الاضطرابات قد يفاقم الأزمات الإنسانية والتحديات الأمنية الإقليمية.
واختتمت دشتي بالتأكيد على أهمية هذه اللحظة: “إما أن تسلك سوريا طريق إعادة الإعمار والمصالحة، أو تواجه خطر الغرق في فوضى أعمق. الرهانات هائلة، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتأخر عن تقديم الدعم اللازم لضمان مستقبل أفضل لسوريا.”