تقرير شام الاقتصادي | 8 أيلول 2025
تقرير شام الاقتصادي | 8 أيلول 2025
● أخبار سورية ٨ سبتمبر ٢٠٢٥

تقرير شام الاقتصادي | 8 أيلول 2025

شهدت الليرة السورية اليوم الإثنين 8 أيلول/سبتمبر تراجعاً جديداً أمام الدولار الأميركي في معظم المدن، حيث سجّل سعر الصرف في دمشق وحلب وإدلب 11,325 ليرة للشراء و11,375 ليرة للمبيع، بارتفاع طفيف نسبته 0.53%، فيما بلغ السعر في الحسكة 11,550 ليرة للشراء و11,600 ليرة للمبيع بنسبة 0.43%.

وبذلك تجاوزت أسعار السوق السوداء نظيرتها الرسمية، حيث استقر السعر المعلن في النشرة الرسمية بين 11,000 ليرة للشراء و11,110 ليرة للمبيع، مخالفاً الاتجاه المعتاد خلال الأشهر الأربعة الماضية حين كان الدولار في السوق السوداء أدنى من السعر الرسمي.

وسجلت أسعار العملات الأجنبية الأخرى تقلبات مشابهة، إذ تراوح سعر اليورو في السوق السوداء ما بين 13,000 ليرة للشراء و13,125 ليرة للمبيع، بينما بلغ سعر صرف الليرة التركية مقابل الليرة السورية نحو 267 ليرة للشراء و272 ليرة للمبيع.

في حين تراوح سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار بين 40.24 و41.24 ليرة تركية. ويعزو مراقبون هذه التحركات إلى حالة عدم الاستقرار في السوق المحلية، متأثرة بالعوامل الاقتصادية والمعيشية وتفاوت العرض والطلب، مع توقعات بمزيد من التذبذب وربما الارتفاع إذا لم تُتخذ إجراءات حاسمة لضبط السوق.

بالتوازي مع تراجع الليرة، ارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلية إلى مستويات غير مسبوقة. فقد بلغ سعر غرام الذهب عيار 18 نحو 991 ألف ليرة، فيما وصل سعر غرام 21 إلى مليون و155 ألف ليرة، وسجل عيار 24 نحو مليون و316 ألف ليرة، مستفيداً من صعود الأونصة عالمياً التي بلغت 3614 دولاراً.

ويأتي هذا الارتفاع مدفوعاً بصعود الدولار محلياً واستمرار التقلبات العالمية، حيث يرى خبراء أن الذهب مرشح لمزيد من المكاسب مع استمرار تراجع الليرة وتصاعد المخاوف من التضخم، وسط ترقب للسياسات النقدية التي ستتبعها البنوك المركزية حول العالم.

في سياق متصل، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية أنّ الهدف من حذف الأصفار من العملة السورية هو تبسيط النظام النقدي وإصدار عملة جديدة للمرة الأولى منذ سبعين عاماً.

وأوضح أن هذه الخطوة ستؤثر فقط على القيمة الاسمية للعملة دون المساس بالقدرة الشرائية، لافتاً إلى أن نحو 14 مليار قطعة نقدية متداولة حالياً في الأسواق.

وربط هذه الخطوة بالتوجهات الاقتصادية الرامية إلى ضبط التضخم وتسهيل المعاملات المالية، مؤكداً تشكيل لجان متخصصة مع المصارف لضمان حسن التنفيذ، ومشيراً إلى أن الإصدار الجديد سيحمل رمزية سياسية وأثراً اجتماعياً واقتصادياً، مع توقع إطلاق حملات توعية شاملة لشرح تفاصيله.

على صعيد الأسواق المالية، سجّلت بورصة دمشق تداولات قوية تجاوزت 4.77 مليار ليرة عبر 767 صفقة، إلا أن المؤشرات الثلاثة DWX وDLX وDIX أغلقت على تراجع جماعي، وسط حالة من الحذر في أوساط المستثمرين.

وكان قطاع البنوك الأكثر نشاطاً بقيمة تداول تخطت 4.38 مليار ليرة، فيما بقيت باقي القطاعات محدودة النشاط، بينما لم يشهد قطاع الاتصالات والسندات الحكومية أي حركة تُذكر.

في جانب آخر، طرح الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله قزاز تساؤلات حول كيفية إعادة بناء الاحتياطيات الأجنبية في سوريا بعد سنوات من الانهيار.

وذكر أن الاحتياطيات كانت تقدر بنحو 17 مليار دولار في عام 2010، قبل أن تبدأ بالتراجع مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، لتصل إلى نحو 5–6 مليارات دولار عام 2016، ثم مليار دولار فقط عام 2018، قبل أن يكشف عن تقارير تفيد بأن بشار الأسد استولى على نحو 250 مليون دولار من خزائن المصرف المركزي، وهو ما كان يشكل كامل الاحتياطي الأجنبي المتبقي آنذاك.

وربط قزاز الانهيار بعدة عوامل أبرزها الإنفاق العسكري للنظام البائد، وتداعيات العقوبات الدولية، وتوقف التصدير، ونضوب موارد النفط، وتراجع الاستثمارات. أما في المرحلة الراهنة، فيرى أن إعادة بناء الاحتياطيات تتطلب استراتيجيات إنتاجية تركز على زيادة الصادرات وتحسين جودة المنتجات السورية، إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر بيئة أعمال مرنة، واستعادة السياحة كمورد رئيسي، وتعزيز الزراعة والصناعة لتقليل الاستيراد.

كما شدد على أهمية المساعدات والهبات من الدول الشقيقة والصديقة، مؤكداً أن المنح المباشرة للمصرف المركزي ستكون عاملاً حاسماً في تعزيز الاحتياطيات النقدية دون المساس بالقرار السيادي للبلاد.

وأشار الخبير إلى العقبات التي قد تعرقل هذه الجهود، مثل استمرار عدم الاستقرار الأمني وبقاء بعض العقوبات المفروضة، فضلاً عن الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية المتضررة التي تُقدّر تكلفتها بأكثر من 400 مليار دولار وفق البنك الدولي.

ورأى أن وجود احتياطيات قوية مستقبلاً سيسمح للحكومة بتمويل مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية، ودعم القطاعات الزراعية والسياحية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن الاستثمار في أدوات مالية دولية وسندات وأسواق أسهم، إضافة إلى الذهب والمعادن الثمينة كأداة للتحوط.

بالتوازي مع الجهود الاقتصادية، يواصل مركز الملك سلمان للإغاثة في السعودية تنفيذ مشاريع إنسانية وتنموية في سوريا، بهدف دعم استقرار المهجرين وعودة الحياة الطبيعية إلى المناطق المتضررة.

وأعلنت وكالة "سانا" أن أبرز المشاريع تشمل إعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي في منطقة القابون بدمشق، وتجهيز آبار مياه في ريف دمشق، وصرف الكفالات النقدية للأيتام عبر مشروع "بسمة أمل" في ريف دمشق وحمص وإدلب، إضافة إلى إزالة الأنقاض في العاصمة وريفها، وترميم 34 مدرسة في حلب وإدلب وحمص.

كما تعهد المركز بدعم 750 أسرة في ريف حلب الشرقي في مجال إنتاج القمح، وتنفيذ مشاريع طبية تشمل تجهيز 17 مستشفى مركزياً وتأمين أجهزة غسيل كلوي، فضلاً عن إعادة تأهيل المخابز المتضررة وتأمين المأوى للمحتاجين. ومن بين المبادرات الأخرى تدشين 61 مشروعاً تطوعياً تشمل 45 تخصصاً، إضافة إلى مشروع لبناء وتجهيز مركز صحي للرعاية الأولية.

وتأتي هذه الجهود في إطار الدعم الإنساني السعودي المستمر، الذي يسعى إلى معالجة آثار الحرب وتعزيز فرص الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في سوريا.

وكان أصدر البنك الدولي تقريراً جديداً تضمن مراجعة إيجابية لتوقعات النمو الاقتصادي في ثماني دول عربية، من بينها سوريا، التي ظهرت مجدداً في بيانات البنك للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاماً.

يشار أن خلال الفترة الماضية أصدرت القيادة السورية الجديدة قرارات عدة لصالح الاقتصاد السوري، أبرزها السماح بتداول العملات الأجنبية، والدولار في التعاملات التجارية والبيع والشراء، وحتى الأمس القريب، وكان النظام البائد يجرّم التعامل بغير الليرة ويفرض غرامات وعقوبات قاسية تصل إلى السجن سبع سنوات.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ