
تقرير شام الاقتصادي | 14 أيار 2025
سجّلت الليرة السورية يوم الأربعاء ارتفاعاً ملحوظاً أمام الدولار الأميركي، في أقوى تحسّن لها منذ سنوات، عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
وتراجع سعر صرف الدولار في دمشق إلى نحو 8,700 ليرة للشراء و9,000 ليرة للمبيع، مقارنةً بـ9,600 ليرة في تداولات اليوم السابق، ما يمثل تحسناً بأكثر من 600 ليرة خلال 24 ساعة.
وفي محافظات أخرى، استقر سعر الدولار عند 8,500 ليرة للشراء و8,800 ليرة للمبيع في كل من حلب وإدلب، بينما بلغ في الحسكة نحو 9,000 ليرة للشراء و9,200 ليرة للمبيع.
في المقابل، لا يزال السعر الرسمي المحدد من قبل مصرف سوريا المركزي ثابتاً عند 11,000 ليرة للشراء و11,110 ليرة للمبيع، بحسب نشرة الأسعار الصادرة يوم الثلاثاء.
بالمقابل يُنسب التحسّن في سعر صرف الليرة بشكل رئيسي إلى التطورات السياسية الأخيرة، وعلى رأسها إعلان الرئيس الأميركي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، في خطوة وصفتها مصادر مطلعة بأنها "تاريخية" وذات تأثير مباشر على ثقة السوق.
وجاء الإعلان عقب لقاء رسمي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في الرياض، بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في إطار قمة إقليمية تهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة.
المحللون يرون في هذه التطورات مؤشراً على بداية مرحلة جديدة من الانفراج الاقتصادي في سوريا، وإن كانوا يحذرون من أن استدامة التحسن تتوقف على الخطوات التنفيذية التالية، بما في ذلك تدفق الاستثمارات وإعادة ربط البلاد بالأسواق الدولية.
شهدت أسعار الذهب في سوريا تراجعاً حاداً وغير مسبوق خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، على القرار التاريخي، الذي اعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم أمس برفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا.
فقد هبط سعر غرام الذهب من عيار 21 قيراط، اليوم الأربعاء 14 أيار، إلى 775,000 ليرة سورية مقارنة بـ895,000 ليرة يوم أمس، ليسجل خسارة كبيرة بلغت 120,000 ليرة سورية خلال يوم واحد فقط.
وبحسب تقارير اقتصادية فإن هذا التراجع القوي في أسعار الذهب جاء مدفوعًا بـ"الدعم المطلق" الذي تلقاه سعر صرف الليرة السورية، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا.
وهو القرار الذي فاجأ الأسواق الإقليمية والدولية، وأدى إلى كسر الدولار في السوق الموازي لتهبط دون مستويات الـ9000 ليرة لأول مرة منذ أعوام.
وبحسب أسعار الذهب بلغ عيار 21 قيراط، 775,000 ليرة سورية ما يعادل 90.50 دولار أمريكي وعيار 18 قيراط 665,000 ليرة سورية 77.50 دولار أمريكي.
وبلغت الليرة الذهبية 21 قيراط 6.200.000 ليرة سورية و الليرة الذهبية 22 قيراط: 6.470.000 ليرة سورية.
على المستوى العالمي، بلغ سعر الأونصة الذهبية 3,233.68 دولار، بينما يعادل سعرها في السوق السورية 29.1 مليون ليرة سورية، وفقاً لسعر الصرف الرائج.
ورغم ارتفاع أسعار الذهب عالمياً بدفع من بيانات التضخم الأمريكية وتزايد إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة، فإن السوق السورية تسير عكس الاتجاه، في ظل التحولات السياسية الكبرى التي أعادت خلط الأوراق، وفتحت أبواباً جديدة للتكهنات حول مستقبل الاقتصاد السوري وقوة العملة المحلية.
ورأت الأكاديمية والمحللة الاقتصادية لانا بادفان أن "رفع العقوبات الأمريكية يمكن أن يُحدث تحولاً جذرياً في الاقتصاد السوري، حيث سيسمح بفتح الأسواق أمام البضائع والسلع الأساسية، مما يسهل الحصول على المواد الغذائية والدوائية".
كما "سيفتح المجال أمام مشاريع إعادة الإعمار التي تحتاجها البنية التحتية المتضررة من النزاع، بما يشمل بناء المدارس والمستشفيات والطرق".
وقالت "رغم التخفيف المحتمل للعقوبات الأمريكية، تبقى هناك تحديات كبيرة تواجه هذا المسار، بما في ذلك استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والتهديدات الأمنية، فالأوضاع الحالية تتطلب استعادة الثقة بين مختلف فئات المجتمع السوري، وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية"، وفق تعبيرها.
كما أضافت أن "رفع العقوبات ينبغي أن يشمل إجراءات تضمن الشفافية ومكافحة الفساد، بحيث تستخدم الموارد بشكل فعّال في إعادة الإعمار والتنمية المستدامة
لذا، فإن الحلول الفعالة تتطلب تنسيقاً بين الجهود الدولية والمحلية، لضمان أن يكون رفع العقوبات خطوة نحو تحقيق سلام دائم واستقرار شامل، وليس مجرد إجراء اقتصادي بحت".
بدوره المحلل الاقتصادي عابد فضلية، قال إنه "ربما من المبكر الحديث عن حجم التأثير الإيجابي لرفع العقوبات الأمريكية الذي تم الإعلان عنه مؤخراً، خاصة أنه لم يُعرف بعد حدود وطبيعة هذا التخفيض وتوقيت ذلك".
وتابع "باعتبار أن التخفيض الأمريكي للعقوبات سيليه قرار أوروبي مماثل ومن جهات أخرى، فهذا لا يعني تحقيق رخاء اقتصادي واجتماعي فوري، لكنه سيخلق مبدئياً مناخاً استثمارياً إيجابياً وقوياً للمستثمرين السوريين وغير السوريين"
وتابع أن "هذه القرارات ستنعكس أيضاً على التعاون الاقتصاد الدولي السوري - الأجنبي، لذا فإن مسألة رفع العقوبات ليست هي بذاتها الحل السحري لأزمات الاقتصاد السوري بل الأهم هو الانفتاح وحجم الاستثمارات التي ستليها، والمتوقع أنها ستكون هائلة على المديين المتوسط والطويل".
إلى ذلك، أشار الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوري عمار يوسف إلى أن "إلغاء العقوبات الأمريكية يعني فتح الباب أمام المستثمرين، خاصة أن البلاد تعرّضت لدمار كبير وتعد اليوم أرضاً خصبة لمشاريع كثيرة كإعادة الإعمار والاستثمار في قطاعي النفط والطاقة والسياحة والزراعة".
وأضاف أن هناك معوقات كبيرة أمام الاقتصاد السوري، لكن رفع العقوبات مسألة ضرورية وفي غاية الأهمية، وستساهم في استعادة ما خسرته البلاد جراء الحرب من خلال إعادة الإعمار وعودة الإنتاج المحلي في قطاعات متعددة".
يشار أن خلال الفترة الماضية أصدرت القيادة السورية الجديدة قرارات عدة لصالح الاقتصاد السوري، أبرزها السماح بتداول العملات الأجنبية، والدولار في التعاملات التجارية والبيع والشراء، وحتى الأمس القريب، وكان النظام البائد يجرّم التعامل بغير الليرة ويفرض غرامات وعقوبات قاسية تصل إلى السجن سبع سنوات.