تقرير أميركي: نجاح الحكومة السورية مرهون بإنهاء العقوبات والوجود العسكري
تقرير أميركي: نجاح الحكومة السورية مرهون بإنهاء العقوبات والوجود العسكري
● أخبار سورية ١٨ أبريل ٢٠٢٥

تقرير أميركي: نجاح الحكومة السورية مرهون بإنهاء العقوبات والوجود العسكري

سلّط تقرير مطول نشرته مجلة "فورين أفيرز" الضوء على أهمية مراجعة واشنطن لسياستها تجاه سوريا، في أعقاب التحول السياسي الذي شهده البلد بسقوط نظام بشار الأسد، مؤكداً أن الدعم الأميركي للحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، لا يمكن أن يكون فاعلاً إلا إذا ترافق مع خطوات حقيقية أبرزها سحب القوات الأميركية ورفع العقوبات التي أنهكت الشعب السوري.

التقرير الذي أعدّه كل من ستيفن سيمون وجوشوا لانديس، اعتبر أن القرارات التي ستتخذها الولايات المتحدة في المدى القريب ستكون حاسمة في تحديد قدرة الحكومة السورية الجديدة على بسط سلطتها، وإعادة بناء الدولة المنهكة بعد أكثر من عقد من الحرب.

وأشار الكاتبان إلى الحالة الإنسانية والاقتصادية المتردية في سوريا، حيث يعيش أكثر من 70% من السكان تحت خط الفقر، فيما تقلّص الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار قبل الثورة إلى 10 مليارات فقط، في وقت تتجاوز فيه تقديرات إعادة الإعمار حاجز الـ400 مليار دولار. وهو ما يفرض، بحسب التقرير، فتح الباب أمام الحكومة الجديدة لالتقاط الأنفاس، بدلاً من الاستمرار في تضييق الخناق عليها.

ورأى التقرير أن الرئيس أحمد الشرع أظهر إشارات إيجابية في قدرته على إدارة المرحلة الانتقالية، من خلال التواصل مع مختلف المكونات السورية، بما في ذلك الطوائف المسيحية والدرزية، واهتمامه بحقوق المرأة، فضلاً عن انفتاحه على المساعدات الغربية والمنظمات الإنسانية.

ووفقاً للتقرير، فإن أفضل سيناريو ممكن لسوريا والمنطقة هو قيام دولة موحدة ومستقرة قادرة على خوض مفاوضات إقليمية بناءة تضمن الاستقرار طويل الأمد. أما البديل، فيتمثل في بقاء سوريا كدولة منقسمة وضعيفة، ما قد يفرض على واشنطن الحفاظ على وجود عسكري باهظ الكلفة، دون نتائج ملموسة.

مخاطر استمرار الانخراط العسكري الأميركي
وحذّر الكاتبان من أن استمرار التواجد الأميركي على الأرض السورية، إلى جانب الإبقاء على نظام العقوبات الحالي، قد يؤدي إلى تعقيد جهود الحكومة الجديدة ويعرقل سعيها لإعادة فرض السيطرة على البلاد، مشيرين إلى أن ذلك من شأنه أن يُفاقم التوترات في المنطقة، ويضر بمصالح الحلفاء الأميركيين مثل تركيا والعراق، بل ويفتح الباب أمام موجة جديدة من اللاجئين.

ودعا التقرير إدارة بايدن إلى انتهاز فرصة التغيير في سوريا وسحب ما يقارب ألفي جندي من شمال شرقي البلاد، وهو ما سيمنح الحكومة السورية القدرة على استعادة السيطرة على مناطق حيوية كالمنطقة الشرقية الغنية بالنفط.

وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى أن استعادة الحكومة السورية لحقول النفط، بدعم من السعودية والإمارات، يمكن أن يساهم سريعاً في تحسين الاقتصاد المحلي، ويتيح فرصاً لإعادة الإعمار وتوفير فرص عمل، ما قد يشجع اللاجئين في دول الجوار على العودة تدريجياً إلى وطنهم.

فرص وتحديات الانسحاب
التقرير لم يخفِ صعوبة هذه المهمة، موضحاً أن على القيادة السورية الجديدة، وفي مقدمتها الشرع وهيئة تحرير الشام، أن تقود عمليات مكافحة تنظيم "داعش"، وتتوصّل إلى تسويات سياسية مع الأكراد، وتعمل على تحجيم نفوذ القوى المتطرفة. 


ولفت الكاتبان إلى أن الشرع يُدرك تماماً أهمية الحصول على دعم واشنطن لشرعنة حكومته وتعزيز الاستقرار، محذرين من أن غياب هذا الدعم قد يجعل دمشق عرضة لضغوط عسكرية من أنقرة وتل أبيب، ويعيق قدرتها على تسليح جيشها أو تأمين موارد الطاقة.

السباق على النفوذ: تركيا وإسرائيل
كما نوّه التقرير إلى تنامي الطموحات الإقليمية لكل من تركيا وإسرائيل في مرحلة ما بعد الأسد، مشيراً إلى أن تل أبيب سيطرت بالفعل على مناطق قرب الجولان، فيما عززت تركيا من نفوذها في الشمال السوري. ويحذر التقرير من أن منح أنقرة حق الوصول إلى قواعد عسكرية قرب الجولان قد يؤدي إلى صدام محتمل مع إسرائيل، ما يفاقم التوتر الإقليمي.

مغادرة مدروسة تنقذ واشنطن من استنزاف غير مجدٍ
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن انسحاباً أميركياً مدروساً يمكن أن يجنّب الولايات المتحدة المزيد من التورط العسكري المكلف في ساحة لم تعد تمثل أولوية استراتيجية لها. ورغم إدراك التقرير للمخاطر، فإنه يرى أن السياق الحالي في سوريا يستحق هذه "المخاطرة المحسوبة"، بعد سنوات من الفوضى والدماء، داعياً واشنطن إلى أن تمنح السوريين فرصة حقيقية لبناء مستقبلهم بعيداً عن الاستقطاب والوصاية.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ