
تصعيد إسرائيلي في قلب العاصمة: تقرير يوثق مقتل 3 مدنيين وإصابة 34 في قصف مبنى الأركان بدمشق
وثّقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة 34 آخرين في غارات جوية نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 16 تموز/يوليو 2025، استهدفت مبنى قيادة الأركان في ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق، في واحد من أعنف الهجمات التي تطال منطقة مدنية مأهولة.
قالت الشبكة إن الغارة الأولى وقعت عند الساعة 12:30 ظهرًا بطائرة يُعتقد أنها مسيرة، دون تسجيل إصابات، قبل أن تُنفذ ثلاث غارات متتالية عند الساعة 15:15 باستخدام الطيران الحربي، وأدت الغارة الثالثة منها إلى مقتل السيدة أريج أيمن الراعي، بالإضافة إلى إصابة العشرات بجروح متفاوتة الخطورة، ودمار واسع لحق بمبنى قيادة الأركان. كما استُهدف محيط قصر الشعب بغارة رابعة، دون تأكيد معلومات عن إصابات بشرية.
أوضحت الشبكة أن هذا الهجوم يأتي في سياق متصاعد من الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، والتي شهدت أيضًا غارات جوية استهدفت مناطق في السويداء ودرعا وريف دمشق، خلال أيام 15 و16 و17 تموز/يوليو، تركزت على مواقع لقوى الأمن الداخلي وعناصر وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية الانتقالية، وأسفرت عن سقوط مزيد من القتلى والجرحى.
شدّدت الشبكة على أن هذه الغارات تمثل انتهاكًا صارخًا للمادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة، التي تحظر استخدام القوة ضد سيادة الدول، وأشارت إلى غياب أي إعلان رسمي إسرائيلي أمام مجلس الأمن بشأن تهديد مسلح وشيك يبرر هذا الهجوم، ما ينفي تطبيق المادة (51) المتعلقة بالدفاع عن النفس. كما نبهت إلى خطورة استهداف موقع عسكري ضمن منطقة مدنية مكتظة، ما يُعد خرقًا لمبدأ التمييز المنصوص عليه في البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، بالإضافة إلى انتهاك مبدأ التناسب بسبب الخسائر البشرية الكبيرة الناجمة عن الغارة الثالثة.
وأضافت أن غياب أدلة على اتخاذ تدابير احترازية لحماية المدنيين قبل تنفيذ الضربة يضع إسرائيل في موضع المساءلة القانونية، مؤكدة أن تكرار هذه العمليات دون محاسبة يقوض مبادئ القانون الدولي، ويهدد مبدأ حظر استخدام القوة وتسوية النزاعات بالطرق السلمية.
قدمت الشبكة مجموعة من التوصيات، أبرزها مطالبة مجلس الأمن بتطبيق ميثاق الأمم المتحدة ومساءلة إسرائيل على انتهاك سيادة سوريا، كما دعت الحكومة السورية الانتقالية إلى توثيق شامل للغارات والانتهاكات وتقديم مذكرات تفصيلية إلى الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، ومطالبة إسرائيل بالتعويض عن الضحايا والخسائر المادية.
كما حثت لجنة التحقيق الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمقررين الأمميين الخاصين على إدراج هذه الانتهاكات في تقاريرهم، ومطالبة إسرائيل بالتعاون مع الآليات الدولية. ودعت في الوقت نفسه المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية إلى مواصلة توثيق الاعتداءات الإسرائيلية، وتنسيق الجهود مع المنظمات السورية لإعداد ملفات قانونية قابلة للتقديم ضمن مسارات العدالة الانتقالية في سوريا.
واعتبرت الشبكة أن ما جرى في ساحة الأمويين لا يمثل فقط تصعيدًا عسكريًا خطيرًا، بل اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام المجتمع الدولي بحماية المدنيين، ورفض ازدواجية المعايير في إنفاذ القانون الدولي الإنساني.