
بين التطلعات والمخاوف.. هل ينعش تغيير العملة الاقتصاد السوري؟
في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية وتدهور سعر صرف الليرة السورية، عاد إلى الواجهة مجددًا الحديث عن إمكانية استبدال العملة السورية كجزء من خطة إصلاح نقدي تهدف إلى إنعاش الاقتصاد وتحسين المؤشرات المالية في البلاد.
إجراء فني أم حل جذري؟
وبينما يرى البعض أن حذف الأصفار وتغيير شكل العملة قد يسهم في تسهيل التعاملات اليومية وخفض تكاليف الطباعة، يحذّر خبراء من أن هذه الخطوة لن تكون ذات جدوى حقيقية ما لم تترافق مع إصلاحات شاملة في السياسات المالية والمصرفية.
الخبير الاقتصادي الدكتور "علي محمد" أشار إلى أن "حذف الأصفار أو تغيير العملة هو إجراء فني أكثر مما هو اقتصادي"، موضحًا أن أي أثر ملموس على التضخم أو الأسعار يتطلب معالجة الأسباب العميقة، مثل ضعف الإنتاج، وتراجع الاستثمار، وغياب الشفافية في السياسات النقدية.
طباعة مكلفة.. ومخاطر تضخمية
كما لفت "محمد" إلى أن طباعة العملة في الخارج – وغالبًا في "روسيا" – تُعد خيارًا أقل تكلفة مقارنة بالدول الأوروبية، إلا أن التوسع في الطباعة دون ضوابط قد يؤدي إلى زيادة التضخم وتآكل القدرة الشرائية. وأوضح أن "تكلفة طباعة ورقة نقدية واحدة قد تصل إلى 20 سنتًا"، ما يعني أن الكلفة قد تتجاوز قيمة الورقة نفسها في السوق.
المصرف المركزي: حذف ثلاثة أصفار قيد الدراسة
من جانبه، أكد مصدر في "مصرف سوريا المركزي" أن النقاشات الجارية تتضمن حذف ثلاثة أصفار من العملة الحالية، بحيث تتحول "الألف ليرة إلى ليرة واحدة"، مشيرًا إلى أن تطبيق هذه الخطة قد يستغرق من 6 أشهر إلى عام كامل لضمان التنفيذ بسلاسة دون التسبب باضطرابات نقدية.
شحنات نقدية من موسكو.. والتفكير ببدائل أوروبية
وفي السياق ذاته، تواصلت عمليات طباعة العملة السورية في "روسيا"، حيث استلمت البلاد خلال الأشهر الماضية شحنتين من الأوراق النقدية ضمن اتفاق تعاون وقّع أواخر عام 2024. ويُقدَّر أن "الشحنة الأخيرة التي وصلت في آذار/مارس الماضي" بلغ وزنها نحو 6 أطنان، بقيمة تُقارب 300 مليار ليرة.
في المقابل، أعيد فتح ملف طباعة العملة في أوروبا، بعد تصريح للقائم بأعمال "بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا"، بالتزامن مع تداول أنباء عن تخفيف محتمل لبعض العقوبات، ما أثار تساؤلات حول طبيعة هذه الخطوة: هل هي مجرد إجراء نقدي أم مقدّمة لتحوّل سياسي أوسع؟
هذا وعاد ملف طباعة العملة السورية إلى الواجهة مع تداول أنباء عن تحضيرات لطبعها في دول الاتحاد الأوروبي، بدلًا من روسيا التي تتولى هذه المهمة منذ سنوات. التصريح الصادر عن القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا، وما رافقه من حديث عن تخفيف بعض العقوبات، يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة تعني تحولًا سياسيًا أوسع، أم أنها مجرد إجراء إسعافي في سياق أزمة نقدية خانقة.