
"بائع البخور" الطفل المثقل بعذابات التشرد ومرارة النزوح (قصة إنسانية)
يسير الطفل أحمد ذو الأربعةَ عشر ربيعاً مشياً على قدميه الصغيرتين مسافاتٍ طويلةً من مخيمات تجمع الكرامة في ريف إدلب الشمالي إلى أطمة وجنديرس وسرمدا حاملاً بيده أعواد البخور بروائحها المتعددة عَلّه يبيعها ويعود إلى أهله بما يسد رمقهم.
التقى مراسل "شام" الطفل بائع البخور صدفةً في بلدة أطمة أمام أحد المحال التجارية، هذا الطفل الجميل المرتب الذي بدى من مظهره بأنه من عائلة جارت عليها الحرب، ليخبرني بصوت خافت "عمو بدك بخور ؟"، لم يستطع حينها المراسل بالرغم من عدم حاجته لبضاعته إلا أن يشتري منه، كما يقول.
نزحت عائلة الطفل أحمد من دمشق منذ ٥ سنوات، والتي سكنوا فيها أكثر من ٢٠ عاماً، بعد أن غادر والد أحمد قريته في جبل الزاوية، كان والده موظفاً في العلوم الجيولوجية فترك وظيفته وعايش الحصار برفقة عائلته مما اضطره للمشي مسافة طويلة حاملاً أطفاله وأغراضهم فأُصيب بالتهاب حاد في المفاصل وتيبس فيها لا زال يلازمه إلى اليوم فمنعه المرض من العمل، في حين أصيبت والدته بشظية في عينها اليسرى أفقدتها النظر بها.
وصلت العائلة إلى مخيمات الشمال السوري وتنقلوا كثيراً بسبب عدم توفر السكن وضيق حالهم وعجز والدهم عن العمل مما اضطرهم للإعتماد على أحمد (١٤ عاماً) والذي يخرج من الصباح الباكر متنقلاً على قدميه ولا يعود إلا بعد نزول الليل في ظل كافة الظروف الجوية من حر وبرد وثلج علّه يبيع أعواد البخود ويعود إليهم بحوالي ٥٠٠ ل س تساعد العائلة في تأمين قوت يومها.
يقول مراسل "شام" :"عندما زرنا العائلة شعرنا بعجز الوالد هذا الخريج الجامعي الذي أقعده المرض، وعجز والدة أحمد التي دقت أبواب المنظمات أملاً في تأمين سكن للعائلة دون جدوى، لنرى في أعينهم حزناً على أحمد وما يتعرض له من تعب لم يمنعه من اكمال دراسته وطلب العلم أملاً في تأمين حياة أفضل".
ما زالت قصة بائعة الكبريت العالمية تُقرأ إلى اليوم وتُشاهد من خلال الأفلام السينمائية التي جسدت قصتها، إلا أن مئات أو آلاف الأطفال السوريين بائعي البخور والخبز في المخيمات لا أحد يلتفت إلى قصصهم بعد أن شارك الجميع في مأساتهم، فهل يجد بائع البخور من يساعده وعائلته في تأمين حياة كريمة ؟!
تقرير: مهند محمد