
انقطاع الدعم عن المنشآت الطبية في سوريا يُفاقم التحديات في القطاع الطبي
يواجه القطاع الطبي في سوريا تحديات جسيمة تُعيق تقديم الخدمات الصحية للمواطنين، حيث تفاقمت هذه التحديات بسبب الظروف الاستثنائية التي مرّت بها البلاد، ولا سيما خلال سنوات الحرب الطويلة التي أثرت سلباً على البنية التحتية للرعاية الصحية. كما أسهم توقف الدعم المقدم إلى عدد من المنشآت الطبية في تفاقم الأزمة، فانعكست التداعيات على الأهالي والكادر الطبي العامل وعلى المشافي والمراكز الطبية.
وفي هذا السياق، أفادت مديرية صحة حلب، اليوم الإثنين 28 تموز/يوليو الجاري، بوقف الدعم عن تسع منشآت ومشاريع صحية حيوية، كانت تقدم خدمات طبية أساسية لآلاف المدنيين في ريف حلب الشمالي، مشيرة إلى أن التوقف شمل:
(مشفى الحروق التخصصي، ومشفى شمارين التخصصي، ومركز كفرجنة الصحي، ومشفى الشهباء للصحة الإنجابية، ومنظومة الإسعاف في ريف حلب الشمالي، إلى جانب مشروع محطة توليد الأوكسجين، ومحطتي حرق النفايات الطبية، والمخبر الوبائي).
أشارت المديرية إلى أن مشفى الحروق يُعتبر أحد المشافي النادرة في مجال علاج الحروق، حيث يستقبل حالات من ريف حلب ومناطق شرق وجنوب سوريا، وذلك نظراً لما يتمتع به من تجهيزات متطورة وجودة عالية في الخدمات المقدمة.
كما لفتت إلى أن مشفى شمارين التخصصي يلعب دوراً حيوياً كمركز طبي متكامل، حيث يقدم خدمات صحية متنوعة لسكان مناطق واسعة تمتد من ريف إدلب حتى جرابلس، بالإضافة إلى استقباله حالات إحالة من مختلف المحافظات مثل دمشق واللاذقية وشرق الفرات ودرعا.
وأوضحت المديرية أن مركز كفرجنة الصحي يلعب دوراً محورياً في تقديم الرعاية الصحية الأولية لمئات الأسر في المنطقة. مضيفة أن منظومة الإسعاف تمثل خط الدفاع الأول لنقل الحالات الحرجة، وتقدم الاستجابة السريعة للحوادث والطوارئ في كافة مناطق الريف الشمالي.
وذكرت المديرية إلى أن مشفى الشهباء للصحة الإنجابية، يعتبر واحد من المنشآت المهمة في المنطقة، لتقديمه خدمات الصحة الإنجابية ورعاية الأمومة، حيث ساهم بشكل فعّال في تعزيز المؤشرات الصحية في هذا الإطار، مؤكدة أن توقفه سيؤثر سلباً على النساء والفئات الأضعف.
كما أن توقف محطة توليد الأوكسجين يخلق تحديات جمة في المنشآت الطبية، خاصة في ظلّ الاحتياج الهائل لهذا العنصر الحيوي في أقسام الطوارئ والعناية المشددة، في الوقت ذاته يُشكّل توقف محرقتَي النفايات خطراً داهماً على السلامة البيئية والصحية، خاصة مع الحاجة المُلحّة للتخلّص الآمن من النفايات الطبية الناتجة يومياً عن العمليات والإجراءات الصحية.
وطالبت مديرية الصحة الجهات المانحة والمنظمات الصحية الدولية والمؤسسات الإنسانية بالتدخل العاجل لإعادة مشاريع الدعم إلى تلك المنشآت، من أجل المتابعة في عملية تقديم الخدمات الصحية للأهالي في المنطقة.
يترتب على انقطاع الدعم عن هذه المنشآت توقفٌ في صرف رواتب الكوادر الطبية، في وقت يعتمد فيه العاملون -الذين يُعيلون أسراً ويلتزمون بمسؤوليات- كلياً على هذا الدخل كمصدر رزق وحيد لأغلبهم، خاصةً في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة.
ويجد أهالي المنطقة أنفسهم أمام خيارين مرّين: إما اللجوء إلى المستشفيات والعيادات الخاصة التي تفرض عليهم تكاليف باهظة تفوق قدراتهم المادية، أو التوجّه إلى المنشآت المدعومة في مناطق أخرى، مما يستلزم قطع مسافات طويلة مع ما يرافق ذلك من أعباء نقل إضافية. وهذا الوضع لا يزيد من معاناة السكان فحسب، بل يخلق ضغطاً غير مسبوق على المرافق الصحية المدعومة المتبقية.
في في ظلِّ هذه التحديات الجسيمة التي تواجه القطاعَ الصحي في سوريا، تبرزُ الحاجةُ المُلحّة إلى تدخُّل عاجلٍ لدعم المنشآت الطبية وضمان استمرار عملها سواء من قبل الحكومة أو المنظمات الإنسانية والجهات الداعمة، حفاظاً على صحّة المواطنين وحياتهم. فانقطاع الدعم عن المنشآت التطبية ينعكس على حياة الأسر سواء المستفيدة من الخدمات الطبية أو من يعملون على تقديمها.