"اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة.. من "التسوية مع روسيا إلى حل التشكيل لصالح بناء الدولة
"اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة.. من "التسوية مع روسيا إلى حل التشكيل لصالح بناء الدولة
● أخبار سورية ١٤ أبريل ٢٠٢٥

"اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة.. من "التسوية مع روسيا" إلى حل التشكيل لصالح بناء الدولة

في الثالث من تموز عام 2018، وعقب هجوم عسكري عنيف شنّه النظام السوري بدعم روسي على محافظة درعا، أصدرت "غرفة عمليات الجنوب" بياناً رسمياً كلّفت فيه 12 قائداً عسكرياً للتفاوض مع الجانب الروسي، بهدف الوصول إلى اتفاق يضع حداً للأعمال القتالية ويحمي المدنيين، من بين هؤلاء القادة، برز اسم أحمد العودة، قائد فصيل "شباب السنة" الذي سيصبح لاحقاً رأس "اللواء الثامن" تحت مظلة "الفيلق الخامس" وبإشراف روسي مباشر.

المفاوضات أفضت إلى صفقة متقدمة، سلّم بموجبها العودة عدداً من الآليات الثقيلة للنظام، ضمن تفاهم يضمن بقاءه في منطقة بصرى الشام مع قواته، دون دخول مباشر لقوات الأسد، ورغم نفيه بدايةً، أقر لاحقاً بشرط عدم السماح للنظام بالدخول إلى المناطق التي يسيطر عليها.

الانضمام إلى الفيلق الخامس والاحتفاظ بالسيطرة المحلية
في آب 2018، بات "اللواء الثامن" جزءاً من "الفيلق الخامس" رسمياً، محتفظاً بانتشاره في بصرى الشام دون السماح للنظام بفرض وجود عسكري مباشر، مكتفياً ببعض الحواجز عند مداخل المدينة. الاتفاق نص أيضاً على تسوية أوضاع المطلوبين وتسليم السلاح الثقيل، مقابل عدم ملاحقة المعارضين والإفراج عن المعتقلين، لكنه تضمن شرط الاعتراف الكامل بمؤسسات النظام وعلمه.

أحمد العودة.. سيرة مركّبة
يُعد أحمد العودة من أبرز القادة العسكريين في جنوب سوريا، وُلد في بصرى الشام، وتخرّج في قسم الأدب الإنجليزي بجامعة دمشق، ثم عمل في الإمارات قبل أن يعود بعد انطلاق الثورة السورية. التحق بداية بالجيش السوري الحر وقاد "كتيبة شباب السنة" التي توسعت لتصبح أحد أبرز الفصائل في الجنوب.

يحمل العودة سجلاً حافلاً بالتحولات، إذ قاتل قوات النظام وتنظيم داعش في آن واحد، ورفض التعاون مع جبهة النصرة، وتمتّع بدعم غرفة عمليات "الموك" والإمارات، قبل أن يتحول إلى الحليف المحلي الأبرز لروسيا في الجنوب السوري. في عام 2020، أجرى عرضاً عسكرياً في المدرج الروماني بمدينة بصرى الشام بحضور روسي، رفع خلاله العلم السوري، قبل أن يخرج عناصره لاحقاً في مظاهرات ضد بشار الأسد.

بين التسوية والتمرد على النظام
رغم خضوع المنطقة لاتفاق التسوية، إلا أن النظام كان أمام تحديات كبيرة لإخضاع الفصائل والقوى الثورية، والتي عمل على محاصرة مناطقها وتقويض الدخول والخروج واعتقال كل من يخرج منها من المطلوبين، مع عدة الالتزام والمماطلة في تنفيذ بند الإفراج عن المعتقلين، ولذلك سعى لنشر الفوضى وتنفيذ اغتيالات منظمة في المنطقة.


تحوّلات الولاء والانخراط في المؤسسة الأمنية
عام 2021، تغيرت تبعية اللواء الثامن من الفيلق الخامس إلى شعبة المخابرات العسكرية، وتقلّص نشاطه تدريجياً، خاصة في العمليات العسكرية خارج محافظة درعا، رغم مشاركته سابقاً في معارك بالبادية وريف اللاذقية.

ومع تصاعد العنف في المحافظة واستمرار الاعتقالات والتضييق من قبل النظام، ظل اللواء الثامن يحتفظ بنفوذه المحلي، بينما واصلت شبكات المعارضة في درعا نشاطها، رغم الحصار، وظهرت مبادرات محلية بديلة عن مؤسسات النظام على الصعيدين الإداري والخدمي.

جهود لمحاربة خلايا تنظيم داعش
منذ أواخر 2022، شارك اللواء الثامن بفعالية في عمليات ضد خلايا تنظيم داعش، خاصة في ريف درعا، حيث تمكنت قواته بالتعاون مع اللجان المحلية من القضاء على عدد من قادة التنظيم، أبرزهم أسامة العزيزي، "والي الجنوب"، في يناير 2024.

ومع ذلك، تعرض اللواء لانتقادات واسعة، واتهامات بمداهمات واعتقالات استهدفت مدنيين أو منافسين، لا سيما في بلدات مثل أم المياذن واليادودة، ما أثار توترات مع مجموعات محلية ومع دمشق على حد سواء.

معركة "كسر القيود" وتحرير درعا
مع دخول عام 2024، أعلن الثوار تشكيل "غرفة عمليات الجنوب" بقيادة العودة، وبدأت عمليات عسكرية واسعة انتهت بتحرير محافظة درعا بالكامل في 7 كانون الأول، وسط تقدم متزامن لقوات المعارضة من الشمال نحو دمشق، في لحظة مفصلية أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد.

من لقاء الشرع إلى قرار الحل الكامل
في 11 كانون الأول، عُقد لقاء رسمي بين أحمد الشرع، قائد إدارة العمليات العسكرية، وأحمد العودة، واعتبر خطوة حاسمة نحو توحيد القيادة العسكرية، وتنسيق الجهود لبناء مؤسسات الدولة الجديدة.

في شباط 2025، أعلن اللواء الثامن انخراطه الكامل في وزارة الدفاع الجديدة، نافياً وجود أي توتر مع دمشق، كما عقد قادة اللواء لقاءً مع وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، اتُفق فيه على آلية دمج القوى العسكرية ضمن الهيكلية الوطنية.

توتر في نيسان وحلّ اللواء الثامن
في 13 نيسان 2025، وبعد وساطات سياسية وأمنية، أعلنت قيادة اللواء حلّ التشكيل بشكل كامل، وتسليم مقاره ومعداته إلى وزارة الدفاع، مؤكدة التزامها بسيادة الدولة وسلطتها، وتعيين النقيب محمد القادري منسقاً لعملية الانتقال.

هذا القرار التاريخي يُعد تحوّلاً جوهرياً في المشهد العسكري جنوب البلاد، ويأتي ضمن توجه الحكومة السورية لإعادة ضبط الفوضى الأمنية وإنهاء مرحلة الانقسامات العسكرية التي تلت الحرب.

مرحلة جديدة في الجنوب السوري
يرى مراقبون أن حلّ اللواء الثامن يمهّد لمرحلة جديدة من التوحيد العسكري والإداري في الجنوب السوري، ويمثل خطوة متقدمة ضمن مشروع بناء سوريا ما بعد الأسد، إلى جانب جهود مماثلة لمعالجة ملفات معقدة في السويداء وشمال شرقي سوريا.

في الوقت ذاته، يشكل هذا القرار تتويجاً لتحوّل درعا من حالة مقاومة شعبية إلى شريك فعلي في بناء الدولة، من خلال مؤسسات مدنية وعسكرية تخضع لإرادة الشعب السوري، وتعمل تحت مظلة مركزية واحدة تعكس وحدة البلاد.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ