"الفينشيال تايمز": السوريون يستحقون العدالة وتأخير المساءلة يعطي وقتاً طويلاً للتصالح
قالت صحيفة "الفينشيال تايمز" البريطانية، في تقرير لها، إن السوريين يستحقون العدالة، معتبرة أن التعقيد الرئيسي للجهود الرامية إلى محاسبة الأسد وعائلته وأتباعه هو أن العديد منهم فروا بالفعل، مؤكدة أن الأولوية المباشرة يجب أن تكون تأمين الأدلة التي يمكن استخدامها لبناء القضايا ضدهم بشأن الفظائع التي ارتكبت خلال حكم عائلة الأسد الذي دام أكثر من 50 عامًا.
ووفق الصحيفة، فإن الخبرة في أماكن أخرى تشير إلى أنه كلما تأخرت المساءلة القانونية عن الفظائع، استغرق المجتمع وقتاً أطول للتصالح مع ما حدث، ولابد وأن يكون تقديم زعماء النظام السابق وشركائه إلى المحاكمة جزءاً أساسياً من صحوة سوريا من كابوسها الوطني الطويل، وفق تعبير الصحيفة.
ولفتت الصحيفة إلى أن لجنة العدالة والمساءلة الدولية، وهي هيئة غير حكومية، جمعت بالفعل 1.1 مليون وثيقة داخلية وشهادة من آلاف الضحايا، لاستخدامها في المحاكمات المستقبلية، في حين قامت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، وهي هيئة شبه قضائية أنشأتها الأمم المتحدة في عام 2016، بجمع الأدلة أيضًا.
وبينت الصحيفة أن القيادة المؤقتة في سوريا، التي تعهدت بتقديم مرتكبي الفظائع إلى العدالة، تحتاج بشكل عاجل إلى إنشاء هيئة مستقلة لحماية المسار الوثائقي الذي خلفته بيروقراطية الأسد القاتلة.
ولفتت إلى أن سوريا ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، ومن المرجح أن تستخدم روسيا والصين حق النقض ضد أي قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنح المحكمة الاختصاص، معتبرة أن البديل هو الاتفاق مع الأمم المتحدة على إنشاء محكمة خاصة، مماثلة لتلك التي تم إنشاؤها في سيراليون أو كوسوفو، وتعمل بموجب القانون الدولي.
ويمكن أن تتم المحاكمات بموجب القانون المحلي، ولكن يتعين على القادة الجدد في سوريا أن يظهروا احترامهم لسيادة القانون وتشكيل إدارة شاملة وتمثيلية.. وحتى في هذه الحالة قد يفتقر نظام العدالة السوري إلى القدرة والمصداقية اللازمة للنظر في مثل هذه القضايا، وفق الصحيفة.
وبينت أن أحد السيناريوهات بالنسبة لسوريا قد يكون محكمة دولية مدعومة بعملية العدالة الانتقالية ــ على غرار الأمثلة في جنوب إفريقيا وتشيلي ورواندا ــ والتي تجمع بين القضايا القضائية والتدابير غير القضائية مثل لجان الحقيقة التي تهدف إلى تعزيز الشفاء المجتمعي.
بحسب التقرير يبدو من غير المرجح الآن أن يتعاون فلاديمير بوتين، الذي يخضع هو نفسه لمذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة في أوكرانيا، في تسليم زعيم آخر إلى العدالة الدولية. ولكن الأسد قد ينتهي به المطاف في مكان آخر.
وأشار التقرير إلى مهام أكثر إلحاحاً، بما في ذلك إطعام شعب فقير واستقرار الحكومة وهو أمر بعيد كل البعد عن المضمون. ومع ذلك، قد يكون بعض الوعد الواقعي بالعدالة لجرائم عهد الأسد أمراً حيوياً للبدء في بناء سيادة القانون.