الفن في الثورة السورية: صوت الأمل والمقاومة في وجه الحرب
الفن في الثورة السورية: صوت الأمل والمقاومة في وجه الحرب
● أخبار سورية ٥ يوليو ٢٠٢٥

الفن في الثورة السورية: صوت الأمل والمقاومة في وجه الحرب

ساهم الفن في تقديم صورة مشرقة ذات طابع إنساني للثورة السورية التي انطلقت في آذار/مارس 2011، حيث نجح الفنانون في نقل الطابع السلمي للثورة وأهدافها النبيلة إلى مئات الآلاف خارج حدود سوريا. وباعتبار الفن لغةً عالمية لا تحتاج إلى شرح أو ترجمة، فقد أدى دورًا مهمًا في إيصال رسالة الثورة إلى العالم.

خلال سنوات الثورة، ظهر عدد من الفنانين السوريين الذين وقفوا إلى جانب مطالب الشعب، وعبّروا بريشتهم عن واقع المأساة والمقاومة. من أبرز هؤلاء، عزيز الأسمر، ابن مدينة بنش، الذي قدّم لوحات جدارية مميزة على جدران الأبنية المدمرة، وصلت صداها إلى وسائل الإعلام العالمية، وباتت جدارياته من رموز الفن المقاوم.

كما برزت أماني العلي، أول رسامة كاريكاتير في منطقة إدلب، والتي عُرفت برسوماتها الاجتماعية والسياسية، وعملت مع عدد من المنصات المحلية والعربية والدولية. نشرت أماني أعمالها عبر صفحتها على فيسبوك، وانتشرت إحدى رسوماتها في حزيران/يونيو الماضي على منصة "Cartooning for Peace".

بدورها، قدمت يافا دياب مجموعة من الأعمال الفنية، كان من أبرزها لوحة "عين الثورة"، التي شاركت بها في المعرض الجماعي الدولي "الفن بلا حدود من أجل السلام والدفاع عن حقوق الإنسان" في إيطاليا عام 2022، ونالت عنها جائزة السلام الدولية. كما شارك العديد من الرسامين والرسامات من الداخل السوري في هذه المسيرة الإبداعية.

ولم يقتصر الحضور الفني على الداخل، بل ساهم فنانون سوريون في الخارج في دعم قضية الثورة، من أبرزهم الرسام سعد حاجو، الذي وثّق في أعماله جوانب متعددة من تاريخ الثورة السورية، بلمسة فنية تجمع بين البساطة والعمق، والنقد الساخر. وقد حصل حاجو على جائزة "إيفيكو" (EWK) للكاريكاتير في السويد، وهي جائزة عالمية مرموقة، وأشادت لجنة التحكيم بأسلوبه الساخر والمتميز ووصفت أعماله بـ"السهلة الممتنعة".

لم يكن صوت الثورة مقتصرًا على البنادق، فقد كان إلى جانب المقاتلين شعراء وأدباء ومفكرون وفنانون. قاوم البعض بالكلمة، وآخرون بالقلم والريشة، وكان للرسامين دور بارز في منح الثورة طابعها السلمي، والمساهمة في توثيق مشاهدها وتحفيز روح الصمود.

أسهم الفنانون في تسليط الضوء على قضايا جوهرية، كملف المعتقلين، ضحايا القصف، التهجير القسري، الاغتراب، وقصص النزوح، وغيرها من المعاناة التي عانى منها السوريون طيلة الحرب. وقد لعبت هذه الرسومات دورًا مهمًا في التوثيق البصري، وتحولت إلى شهادات فنية تحفظ الذاكرة الجمعية بعيدًا عن التشويه أو الإهمال، كما منحت صوتًا للمقهورين: المعتقلين، الأمهات، الأطفال، واللاجئين.

كما ساهم الفن في كسر الصمت العالمي، إذ خرجت اللوحات من سوريا إلى معارض دولية ومنصات إلكترونية، وأثّرت في الرأي العام، ورفعت المعنويات في أحلك الأوقات، من خلال رسائل الصمود والتفاؤل وحتى السخرية. كذلك حافظت العديد من الأعمال الفنية على عناصر من الهوية الثقافية السورية، من خلال توثيق المدن، الأزياء، والعادات، ما ساعد على حماية الذاكرة الثقافية من الضياع رغم الحرب والشتات.

واليوم، وقد تُوّجت الثورة السورية بالانتصار بعد أربعة عشر عامًا من النضال، يأمل الفنانون والمواطنون على حد سواء أن يحظى هذا الفن الذي واكب الثورة منذ انطلاقتها، بالاهتمام والرعاية من الحكومة الجديدة. فالفن لم يكن مجرّد أداة جمالية، بل كان سجلًا حيًا لذاكرة السوريين، وسلاحًا للهوية، ووسيلة للدفاع عن كرامة شعب قاوم بكل أدواته، من الرصاصة إلى الريشة، ومن الميدان إلى الجدار.

الكاتب: فريق العمل - سيرين المصطفى
مشاركة: 
الكلمات الدليلية:

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ