
العقاب الذهبي.. الهوية البصرية للجمهورية العربية السورية: تفاصيل اعتمادها ودلالاتها
جاء إطلاق شعار "العقاب الذهبي" كشعار جديد للجمهورية السورية تتويجًا لجهد جماعي شارك فيه مختصون سوريون من أكثر من 30 دولة، في مشروع بصري وطني يعكس رمزية سيادية وتاريخية عميقة، مستلهماً من حضارات سوريا القديمة، وهادفاً إلى استعادة رمزية العقاب من شعارات النظام السابق التي كرّست السلطة فوق الشعب. وقد تم اعتماد تصميم حديث يمزج بين الأصالة والمعايير البصرية العالمية، ليُعبّر عن سوريا الجديدة التي تضع المواطن في قلب مؤسساتها.
رمزية العقاب واتجاهه
في لقاء مع وكالة "سانا"، أوضح مدير فريق تطوير الهوية البصرية، وسيم قدورة، أن اختيار العقاب الذهبي جاء ليرمز إلى الشعب السوري، لما يحمله هذا الطائر من صفات النبل، والشجاعة، والاستقلالية، والقدرة على التحمل، وهي خصال رآها المصممون متجذرة في شخصية السوريين. أما اللون الذهبي فاختير لما يدل عليه من رفعة وسمو.
وقد تم توجيه رأس العقاب نحو اليمين، في إشارة إلى المستقبل والتقدم، بعد أن كان الشعار القديم في عهد النظام البائد موجهاً نحو اليسار في دلالة سياسية متأثرة بالخلافات الحزبية.
دلالات الوحدة والسيادة
يحتوي الشعار الجديد على 14 ريشة تمثل المحافظات السورية، و5 ريشات في الذيل تشير إلى المناطق الجغرافية الخمس (شمال، جنوب، شرق، غرب، وسط)، ما يؤكد على وحدة البلاد وتكاملها. أما النجوم، التي كانت سابقًا تحت جناح العقاب وترمز إلى تقييد الشعب، فقد وُضعت الآن فوق رأسه للدلالة على أن الشعب هو مصدر الشرعية، وأن السلطة في خدمته.
مرجعية تاريخية بتقنيات حديثة
بيّن قدورة أن العقاب كرمز استخدم في الحضارات الآشورية والتدمرية والإسلامية، ومنه استُوحي التصميم الحالي بأسلوب عصري مبسّط بعيد عن الزخرفة الشرقية، بما يناسب الوسائط الرقمية الحديثة ويواكب الهويات البصرية المعتمدة دوليًا. وأشار إلى أن وجود تشابه شكلي مع شعارات دول أخرى لا يلغي الخصوصية الرمزية المتجذرة في الثقافة السورية العريقة.
رسالة خارجية واستعداد داخلي
يعكس وضع جناحي العقاب حالة استعداد سلمي، لا هجومي، في رسالة موجهة إلى العالم بأن سوريا الجديدة دولة تحترم شعبها، وتستعد للدفاع عنه إن اقتضى الأمر. وأُرفق الشعار بدليل استخدام تفصيلي من 250 صفحة لتوحيد استخدامه في جميع المنصات المطبوعة والرقمية، بما في ذلك السياقات الرسمية والدولية.
مراحل التصميم والعمل الجماعي
انطلق العمل على الشعار في 25 كانون الأول 2024، عبر دعوة مفتوحة للتطوع أطلقتها وزارة الإعلام، فاستجاب أكثر من 4000 شخص، تم اختيار 40 منهم لتشكيل فريق عمل توزّع في 9 مجموعات بحسب التخصص. وقد استند الفريق إلى بحث تاريخي مكثف واستبيان شعبي أظهر أن 70% من السوريين يفضلون العقاب أو الطائر الجارح كرمز وطني.
ورغم التحديات اللوجستية بسبب تباعد الأعضاء جغرافيًا، إلا أن المشروع نجح في تحقيق تنوّع بصري وثقافي، وتم بدعم لوجستي ومعنوي من وزارة الإعلام دون تدخل خارجي، بحسب قدورة.
مشاريع مقبلة وهوية رقمية
كُلّف الفريق ذاته بتصميم العملة السورية الجديدة، ويجري حاليًا النقاش مع الحكومة حول تصميم جواز السفر وبعض الوثائق الرسمية الأخرى. وأوضح قدورة أن الصور المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي لوثائق مزعومة ليست رسمية، مشددًا على أن كل التصاميم الرسمية تمر عبر قنوات حكومية معتمدة.
الشعار الجديد، بحسب القائمين عليه، يمثل بداية لهوية سورية وطنية حديثة، تتجاوز شعارات الأجهزة الأمنية والسلطوية، وتؤسس لمرحلة تضع السيادة بيد الشعب، في دولة عصرية ذات طابع مستقل ووجه حضاري.