
الشيخ "الهجري" عقب أحداث جرمانا: نحذر من الفتن وندعو للوحدة وبناء دولة القانون
أعرب الشيخ حكمت سلمان الهجري، الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز، عن حزنه الشديد لاستشهاد عدد من الأبرياء في مدينة جرمانا، نتيجة اعتداءات نفذتها من وصفها بـ "عصابات إرهابية تكفيرية"، معتبراً أن هذه الهجمات بأنها تهدف إلى بث الفتنة وشق الصف الوطني، دون أي مبرر سوى نشر القتل والعنف.
وأكد الشيخ الهجري، في بيان رسمي صادر عن الرئاسة الروحية، أن "هذه الاعتداءات المقيتة" يجب أن تدفع السوريين إلى التكاتف لا إلى التحريض والتخوين، مشيراً إلى أسفه العميق لانشغال البعض في توجيه اتهامات متبادلة، بما يعزز الانقسامات بين أبناء الوطن الواحد.
وأوضح أن أي انتقاد أو مطالبة بالحقوق أصبح يُواجه بتهم التخوين والتكفير، محذرًا من خطورة هذا النهج، ومؤكداً أن سوريا بلد التنوع والتلاقي الحضاري والديني، ولا يجوز لأي جهة أو شخص أن يسيء لهذه الأصالة الجامعة. وأضاف: "نحذر من إشعال الفتن، فالنار التي تشعلها الفتنة ستحرق الجميع دون استثناء".
انتقاد الأداء العام وغياب الإصلاحات الحقيقية
وانتقد الهجري استمرار غياب الإصلاحات الوطنية الحقيقية بعد سقوط النظام السابق، مشيرًا إلى أن الشعب السوري لم يقطف بعد ثمار النصر، ولم يُعقد مؤتمر وطني حر، ولم تتم صياغة دستور يعكس تطلعات الشعب.
وأضاف أن الأداء السياسي الحالي لا يزال متأثراً بثقافة اللون الواحد والإقصاء، محذرًا من محاولات إلباس الفتن ثوباً طائفياً ممنهجاً يخدم مخططات مدمرة للوطن. وأكد أن الأمن والاستقرار لن يتحققا طالما يستمر التحريض الطائفي دون محاسبة.
الدعوة لبناء وطن العدالة والمواطنة
وشدد الشيخ الهجري على أهمية تمكين الكوادر الوطنية الشابة والواعية للمساهمة في بناء سوريا الجديدة، قائلاً إن "العدالة الانتقالية لا تعني المحاسبة فقط، بل تعني توزيع المهام بعدالة، وإدارة المرحلة الانتقالية دون انتقام أو تأجيج للفتن".
وأشار إلى أن المطلوب اليوم هو محاسبة المجرمين السابقين واللاحقين، والقضاء على جذور الإجرام والتحريض بشكل سريع ونهائي، داعياً الشرفاء في كل المواقع إلى العمل على توجيه الشباب نحو التعاضد والاستمرار في بناء الحرية والكرامة.
رفض الإقصاء والتحريض الطائفي
وحذّر الشيخ الهجري من الانجرار وراء حملات التحريض والفتن الطائفية التي تهدد السلم الأهلي، مشيراً إلى أن التعدي على مكونات المجتمع ولحمته الشعبية تجاوز الحدود، وسيسجلها التاريخ بسواد، وهو ما لا يليق بشعب له جذور حضارية عميقة.
وأكد أن كل فرد مسؤول عن أفعاله، ولا يجوز تحميل طائفة أو مكون اجتماعي كامل خطأ فرد أو مجموعة صغيرة، داعياً إلى محاسبة كل مسيء باسمه وشخصه فقط.
وفي ختام كلمته، قال: "نحن نرفض أن يكون أبناء الوطن أدوات لصراعات طائفية أو سياسية تخدم أجندات خارجية. مصلحتنا العليا بوحدتنا ومحبتنا لبعضنا البعض، وعلينا قمع الإرهاب الحقيقي لا معاقبة من يدافع عن نفسه، ووقف كل أشكال التحريض الطائفي أينما كان. وبالله المستعان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
وزارة الداخلية تؤكد استقرار الأوضاع في جرمانا وملاحقة الفاعلين: لا تساهل مع مثيري الفتنة
وكان أصدر المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية السورية بياناً رسمياً حول الأحداث التي شهدتها منطقة جرمانا مؤخراً، وذلك على خلفية انتشار مقطع صوتي يتضمن إساءة لمقام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وما تبعه من تحريض وخطاب كراهية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح البيان أن منطقة جرمانا شهدت اشتباكات متقطعة بين مجموعات مسلحة، بعضها من داخل المنطقة وبعضها الآخر من خارجها، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، من بينهم عناصر من قوى الأمن المنتشرة في المنطقة.
وأكدت الوزارة أن وحدات من قوى الأمن العام، مدعومة بقوات من وزارة الدفاع، توجهت إلى المنطقة لفض الاشتباكات وتأمين الحماية للأهالي والحفاظ على السلم المجتمعي، مشيرة إلى أنه تم فرض طوق أمني لمنع تكرار مثل هذه الحوادث وضمان استقرار الوضع.
وشدد البيان على أن وزارة الداخلية حريصة على ملاحقة جميع المتورطين ومحاسبتهم وفقاً للقانون، مؤكدة استمرار التحقيقات لكشف هوية صاحب المقطع الصوتي المسيء ومحاسبته، إلى جانب ملاحقة كل من ساهم في إثارة الفوضى وتقويض الاستقرار المجتمعي، وختمت الوزارة بيانها بالتأكيد على عدم التساهل مع أي طرف يهدد الأمن والسلم الأهلي، والتعهد بتقديم جميع المتورطين إلى العدالة.
محافظ السويداء: خطابنا في سوريا ليس طائفياً ولن نحمل أحداً وزر غيره
أكد محافظ السويداء، مصطفى البكور، أن الخطاب الرسمي في سوريا قائم على الوحدة الوطنية وليس على الطائفية، مشدداً على أن أحداً لن يُحمَّل مسؤولية أخطاء أو إساءات ارتكبها آخرون.
وفي بيان رسمي أصدره تعليقاً على الأحداث والاشتباكات التي شهدتها مدينة جرمانا فجر اليوم، توجه البكور بخطاب إلى السوريين كافة، قائلاً: "خطابنا في سوريا ليس طائفياً"، مستشهداً بقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
وشدد محافظ السويداء على أن السلطات السورية "لن تحمل أحداً وزر ما ارتكبه غيره من إثم أو خطأ"، مؤكداً في الوقت نفسه أن أي إساءة إلى الرموز الدينية، وخاصة إلى النبي الكريم، "لن تُقبل، وسيتم محاسبة مرتكبيها وفق القانون".
وكشف البكور عن توجيهاته لقيادة الشرطة بفتح تحقيق وتحري هوية صاحب المقطع الصوتي المسيء للنبي الكريم، تمهيداً لتحويله إلى القضاء أصولاً، مؤكداً أن القانون سيكون الفيصل في هذه القضية لضمان عدم استغلالها في تأجيج الفتن أو إثارة الانقسامات.
اشتباكات دموية في جرمانا إثر تسجيل مسيء للنبي.. والداخلية تحذر
وكانت شهدت مدينة جرمانا بريف دمشق ليلة دامية، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن عنصرين من قوات الأمن العام وخمسة من أبناء المدينة المسلحين، إلى جانب عدد من المهاجمين، في اشتباكات اندلعت عقب انتشار تسجيل صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد ﷺ، ما فجّر موجة غضب شعبي واسع واحتقاناً طائفياً في أكثر من منطقة سورية.
وبحسب مصادر أمنية، فإن الاشتباكات اندلعت بعدما حاولت مجموعات مسلحة، بعضها قدم من خارج المدينة، اقتحام جرمانا من عدة محاور، أبرزها حاجز النسيم ومحيط مبنى أمن الدولة، مدججة بأسلحة خفيفة ومتوسطة، وسط إطلاق نار كثيف وعشوائي.
وقد انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لجثث 5 أشخاص، قيل انهم لجثث من قام بالهجوم على مدينة جرمانا، ويظهر في الفيديو أشخاصا مسلحين من ابناء مدينة جرمانا يقومون بالدوس على هذه الجثث، ولم تتمكن شبكة شام بعد من تأكيد هذا الفيديو وتاريخه، حيث حذر نشطاء من تداول هذا الفيديو، لما قد يغذي النزعة الطائفية.
وأكدت المصادر أن قوات الأمن العام حاولت التدخل لاحتواء التوتر وتشكيل “قوة فصل”، إلا أن الاشتباكات العنيفة التي دارت في محيط المدينة أسفرت عن مقتل اثنين من عناصرها وجرح عدد آخر أثناء أداء مهامهم، فيما قُتل أيضاً خمسة من أبناء جرمانا كانوا يحملون السلاح، وسط معلومات عن سقوط عدد من المسلحين المهاجمين خلال الاشتباكات.
وتمكنت القوات الأمنية من تطويق الوضع ومنع المجموعات المسلحة من دخول المدينة بشكل شبه كامل، مع استمرار الاشتباكات بشكل متقطع في محيط المدينة، وأرسلت وزارة الداخلية تعزيزات أمنية مكثفة ونشرت عناصرها في مداخل ومحيط جرمانا، بالتزامن مع إغلاق طريق دمشق–السويداء في منطقة المطلّة إثر تعرض مركبات لإطلاق نار.
الهيئة الروحية للطائفة الدرزية في جرمانا تدين "الاعتداءات" وتحمّل السلطات المسؤولية
أصدرت الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في مدينة جرمانا بياناً عقب الأحداث الدامية التي شهدتها المدينة مؤخراً، عبّرت فيه عن استنكارها الشديد لما وصفته بمحاولة زرع الفتنة والانقسام بين أبناء الوطن، محذرة من تداعيات التصعيد وخطورة استهداف السلم الأهلي.
وأضافت: "نستنكر أي إساءة تُوجَّه للنبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، ونؤكد أن ما تم تداوله من مقطع صوتي – وفق ما أوضح بيان وزارة الداخلية – ما هو إلا محاولة خبيثة لزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد"، معتبرين ما جرى مشروع فتنة يهدف إلى تفتيت النسيج المجتمعي.
وأدانت الهيئة بشدة الهجوم المسلح "غير المبرر" الذي استهدف أحياء مدينة جرمانا، واستخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة، مما أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين وترويع السكان الآمنين، واستشهد البيان بقول الله تعالى: *{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}*، للتأكيد على ضرورة عدم تحميل الأبرياء مسؤولية أفعال فردية أو ملفقة.
وأوضحت الهيئة أن غالبية الشهداء والجرحى من أبناء المدينة كانوا من منتسبي جهاز الأمن العام، وقد سقطوا أثناء تأديتهم لواجبهم، بعدما باغتهم الهجوم العدواني، وشدد البيان على أن حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم مسؤولية الدولة وأجهزتها الأمنية، داعياً إلى تحرك فوري وحاسم لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات ومحاسبة المتورطين فيها.
وأكدت الهيئة الروحية أن دماء الضحايا "ليست رخيصة"، وأن تحصيل حقوقهم وجبر الضرر الواقع على ذويهم هو "مطلب عادل لا تراجع عنه"، ودعا البيان الجهات الرسمية إلى مصارحة الرأي العام وتوضيح الملابسات التي أحاطت بالأحداث، مع وقف حملات التحريض والتخوين التي تسهم في تأزيم الوضع وزيادة التوتر.
واختتمت الهيئة بيانها بتحمّل السلطات المسؤولية الكاملة عما جرى، وعن أي تطورات أو تفاقمات مستقبلية للأزمة، داعية إلى تغليب صوت العقل والحفاظ على وحدة المدينة وسلامة أبنائها.
من جهته، قال الشيخ حمود الحناوي إن “الذين يتطاولون على النبي لا يمثلون إلا أنفسهم”، محذّراً من “مندسّين يصطادون في الماء العكر ويسعون لإشعال الفتنة”، داعياً السوريين إلى “الوحدة والوعي وعدم تحميل الأبرياء جريرة المسيئين”.
كما أصدرت “مضافة رجال الكرامة” بياناً دانت فيه التسجيل الصوتي المسيء، وأكدت أن هذه الإساءات “لا تعبر عن قيم أهالي السويداء”، واعتبرته “تصرفاً فردياً مدفوعاً من جهات خارجية تسعى لزرع الفتنة وشق الصف الوطني”، مؤكدةً أن “الوحدة الوطنية هي الضمانة الحقيقية لمستقبل سوريا”.
هذا وتواصل الحكومة السورية التحقيقات وسط دعوات رسمية وشعبية لتهدئة الأوضاع ومنع الانزلاق إلى صراع أهلي، فيما يُنتظر أن تصدر بيانات إضافية خلال الساعات القادمة لتوضيح ملابسات الحادثة والإجراءات المرتقبة.