
الشرع في باريس لمناقشة ملفات عدة منها الأقليات والعقوبات والتصعيد الإسرائيلي
أفادت وكالة “رويترز” أن الرئيس السوري أحمد الشرع يصل اليوم الأربعاء 7 أيار 2025 إلى باريس، في أول زيارة له إلى أوروبا منذ سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول الماضي، بهدف تعزيز الدعم الدولي لجهوده في إعادة الاستقرار إلى سوريا وإنعاش الاقتصاد المنهك بفعل 14 عامًا من الحرب والعقوبات.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن الشرع سيلتقي الرئيس إيمانويل ماكرون لبحث كيفية ضمان السيادة السورية وأمن البلاد، ومعالجة ملف الأقليات الدينية بعد الهجمات الأخيرة التي طالت العلويين والدروز، إضافة إلى مناقشة جهود مكافحة الإرهاب، خاصة ضد تنظيم الدولة، والتنسيق حول المساعدات الاقتصادية وإمكانية تخفيف العقوبات الغربية.
وذكرت “رويترز” أن الشرع حصل على إعفاء خاص من الأمم المتحدة يتيح له السفر رغم وجوده على قائمة العقوبات بسبب قيادته السابقة لتنظيم “هيئة تحرير الشام”، الفرع السابق للقاعدة في سوريا، قبل أن يعلن تخليه عن الجماعة عام 2016.
وأكد مسؤول في الإليزيه للوكالة أن “فرنسا ليست ساذجة تجاه ماضي الشرع، لكن هناك دور واضح يجب أن يلعبه المجتمع الدولي لدعم استقرار سوريا”، مشيرًا إلى أن باريس ما زالت تضع شروطًا واضحة لاستمرار المرحلة الانتقالية.
وشدد ماكرون، بحسب بيان رسمي، على أن فرنسا تدعم بناء “سوريا حرة ومستقرة وذات سيادة تحترم جميع مكونات المجتمع السوري”.
في حين لفتت وكالة “سانا” الرسمية إلى أن زيارة الشرع تأتي في توقيت حساس، مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على سوريا ومحاولات تل أبيب استغلال ملف الأقليات لفرض وصاية غير مباشرة على الجنوب السوري، لاسيما المناطق الدرزية.
كما أشارت الوكالة أن مسألة إعادة الإعمار وآفاق التعاون الاقتصادي والتنمية في سوريا تأتي في مقدمة القضايا التي ستركز عليها المباحثات، ولاسيما في مجالات الطاقة وقطاع الطيران، وتشمل المباحثات أيضاً ملفات مهمة، أبرزها التحديات الأمنية التي تواجه الحكومة السورية الجديدة، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على السيادة السورية، والعلاقات مع دول الجوار وخاصة لبنان.
وقالت سانا إن هذه الزيارة الرسمية للرئيس الشرع تكتسب أهمية كبيرة كونها الأولى إلى دولة أوروبية بعد سقوط النظام البائد، بما يسهم في تطوير العلاقات الخارجية للدولة واستعادة مكانتها، وتأتي ضمن مسار تطور العلاقات بين البلدين، حيث سبقتها مكالمات هاتفية عدة بين الرئيسين، ناقشت عدداً من القضايا المشتركة ذات الأهمية.
وكان ماكرون قد استضاف اجتماعًا ثلاثيًا بالفيديو الشهر الماضي ضم الشرع والرئيس اللبناني جوزيف عون، في محاولة لخفض التوترات الأمنية على الحدود، بينما عيّنت باريس مؤخرًا قائمًا بالأعمال مع فريق دبلوماسي مصغّر في دمشق كخطوة أولى نحو إعادة فتح السفارة الفرنسية التي أُغلقت منذ 2012.
ووفق “رويترز”، يهدف الشرع من هذه الزيارة إلى كسر الجمود الدبلوماسي مع أوروبا والحصول على دعم في ملف تخفيف العقوبات الأميركية والأوروبية، حيث تعاني سوريا من أزمة اقتصادية خانقة.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن كلفة إعادة الإعمار تتجاوز 250 مليار دولار، فيما تأمل دمشق ألا تُجدد بروكسل العقوبات المقرر انتهاء صلاحيتها في 1 حزيران المقبل.
وتحدثت الوكالة عن دور فرنسي متزايد في الملف السوري بعد انسحاب تدريجي للقوات الأميركية، حيث توسطت باريس بين الشرع والقوات الكردية في الشمال الشرقي، ضمن مساعٍ لإعادة بسط سيطرة الدولة على تلك المناطق.
وأوضحت مصادر رسمية أن فرنسا تسعى للعب “دور أكبر” في ترتيب المشهد السياسي والأمني بسوريا، بالتنسيق مع واشنطن.
على صعيد آخر، أشارت “رويترز” إلى أن إسرائيل كثّفت من عملياتها العسكرية في سوريا منذ الإطاحة بالأسد، مستهدفة مواقع في مختلف أنحاء البلاد، ومعلنة أنها تسعى لمنع عودة “التهديدات الإرهابية”، في حين تؤكد دمشق أن هذه الهجمات تهدف لزعزعة استقرار البلاد ومنع أي تقارب وطني شامل.
ختامًا، أكدت مصادر دبلوماسية للوكالة أن الشرع يعوّل على فرنسا للعب دور الوسيط مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى نتائج هذه القمة التي قد تحدد ملامح المرحلة المقبلة في سوريا والمنطقة.