تقرير شام الاقتصادي | 16 آب 2025
تقرير شام الاقتصادي | 16 آب 2025
● أخبار سورية ١٦ أغسطس ٢٠٢٥

تقرير شام الاقتصادي | 16 آب 2025

تشهد الأسواق السورية حالة من الترقب والحذر مع استمرار تقلبات أسعار الصرف والذهب، إلى جانب الضغوط المناخية التي انعكست بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي وأسواق المواد الغذائية.

في ما يتعلق بسوق العملات، بقي سعر صرف الدولار مستقراً نسبياً في دمشق وحلب وإدلب عند مستوى 10,900 ليرة للشراء و10,950 ليرة للمبيع، في حين ارتفع السعر في الحسكة ليسجل 11,200 ليرة للشراء و11,250 ليرة للمبيع، وهو ما يعكس تبايناً جغرافياً معتاداً بين المناطق.

أما على المستوى الرسمي، فقد حدد مصرف سوريا المركزي سعر الصرف عند 11,000 ليرة للشراء و11,110 ليرة للمبيع، ما يشير إلى فارق طفيف مع السوق الموازية. هذا الاستقرار النسبي في الأسعار يعكس محاولات الجهات الرسمية ضبط التوازن، لكنه يبقى هشاً أمام أي تطورات اقتصادية أو سياسية.

من جهته واصل الذهب صعوده ليسجل مستويات قياسية جديدة، حيث تجاوز غرام الذهب عيار 21 حاجز المليون ليرة لأول مرة ليبلغ 1,000,000 ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 93.5 دولار، بينما بلغ غرام الذهب عيار 18 نحو 980,000 ليرة بما يعادل 92 دولاراً.

كما ارتفع سعر الليرة الذهبية ليصل إلى ثمانية ملايين ليرة للعيار 21، و8.5 مليون ليرة للعيار 22، فيما سجّلت الأونصة العالمية ما يعادل 35.9 مليون ليرة سورية أو 3335 دولاراً.

هذه القفزة في الأسعار ترتبط بعوامل داخلية وخارجية، إذ يتأثر السوق المحلي مباشرة بارتفاع سعر الأونصة عالمياً، لكنه يعكس أيضاً طلباً متزايداً على الذهب كملاذ آمن في ظل الضغوط المعيشية وتذبذب الليرة.

وشكلت التطورات المناخية الأخيرة بدورها عبئاً إضافياً على الأسواق، حيث أدت موجة الحر الشديدة إلى تراجع الإنتاج الزراعي بشكل لافت.

ففي سوق الهال بدمشق، انخفضت واردات الخضراوات والفواكه بنسبة تصل إلى 25%، نتيجة صعوبة عمليات القطاف في ظل درجات الحرارة المرتفعة.

وأوضح محمد العقاد، نائب رئيس لجنة تجار ومصدري الخضراوات والفواكه في دمشق، أن المزارعين باتوا عاجزين عن مواصلة العمل تحت أشعة الشمس، الأمر الذي انعكس مباشرة على حجم المعروض في الأسواق. هذا التراجع في الكميات تسبب بارتفاع أسعار الخضار والفواكه بنسبة تقارب 10%، وسط توقعات بعودة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية مع انخفاض درجات الحرارة في الأيام المقبلة.

ولم يقتصر التأثير المناخي على الزراعة فقط، بل طال قطاع الدواجن أيضاً، حيث شهدت أسواق درعا ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار البيض. فقد ارتفع سعر طبق البيض من 28 ألف ليرة إلى 33 ألفاً بالجملة خلال أيام قليلة.

وأرجع الطبيب البيطري وهيب مقداد هذا الارتفاع إلى نفوق أعداد كبيرة من الدواجن بسبب الحر، إلى جانب ارتفاع تكاليف التبريد والتهوية، الأمر الذي أجبر المربين على رفع الأسعار لتعويض خسائرهم المتزايدة، خاصة مع ارتفاع كلف المحروقات والمستلزمات.

في العاصمة دمشق، برزت قضية البسطات المخالفة إلى الواجهة بعد حملة واسعة نفذتها المحافظة بالتعاون مع الشرطة. شوارع رئيسية مثل البرامكة وجسر الحرية والحميدية شهدت انحساراً شبه كامل للبسطات التي كانت قد انتشرت بكثافة خلال الأشهر الماضية.

ورغم أن الخطوة لاقت ترحيباً من بعض المواطنين الذين اعتبروا أن انتشار البسطات تسبب في عرقلة الحركة وإشغال الأرصفة، إلا أن شريحة واسعة أخرى رأت أن هذه الحملة حرمت مئات الأسر من مصدر رزقها الوحيد، وطالبت بتأمين أسواق بديلة ومنظمة تسمح لأصحاب البسطات بممارسة عملهم بعيداً عن الفوضى.

ومن اللافت أن الحملة جاءت في وقت يشهد فيه السوق المحلي إقبالاً متزايداً على البضائع المستوردة المستعملة أو ما يُعرف بـ "البالة"، التي باتت متنفساً لشرائح واسعة من المواطنين نتيجة انخفاض أسعارها مقارنة بالسلع الجديدة.

وتجمع هذه التطورات صورة للمشهد الاقتصادي السوري، حيث يواجه المواطن ضغوطاً متراكبة من تراجع القدرة الشرائية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتأثير التغيرات المناخية، إضافة إلى الإجراءات التنظيمية التي تُتخذ أحياناً بشكل مفاجئ.

وفي المحصلة، يبقى الاستقرار الاقتصادي مرهوناً بقدرة الحكومة على الموازنة بين متطلبات ضبط الأسواق والحفاظ على الحد الأدنى من قدرة المواطنين على التكيف مع الظروف المعيشية المتقلبة.

وكان أصدر البنك الدولي تقريراً جديداً تضمن مراجعة إيجابية لتوقعات النمو الاقتصادي في ثماني دول عربية، من بينها سوريا، التي ظهرت مجدداً في بيانات البنك للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاماً.

يشار أن خلال الفترة الماضية أصدرت القيادة السورية الجديدة قرارات عدة لصالح الاقتصاد السوري، أبرزها السماح بتداول العملات الأجنبية، والدولار في التعاملات التجارية والبيع والشراء، وحتى الأمس القريب، وكان النظام البائد يجرّم التعامل بغير الليرة ويفرض غرامات وعقوبات قاسية تصل إلى السجن سبع سنوات.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ