
"الشبيبة الثورية" تواصل خطف الأطفال لتجنيدهم في مناطق سيطرة "قسد" بسوريا
قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إنها وثقت خطف عناصر "الشبيبة الثورية"، الطفلة فريدة خليل محمد، من أبناء قرية بخجة التابعة لمدينة عفرين شمال غرب محافظة حلب، من مواليد عام 2009، وتقيم في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، بهدف التجنيد القسري في 15-3-2025، قرب سوق الخضرة في شارع بلاليكو في حي الشيخ مقصود، واقتادتها إلى أحد مراكز التجنيد التابعة لها.
ولفتت الشبكة الحقوقية إلى أنه لم يتم إبلاغ أحد من ذويها بذلك، وتم منعها من التواصل مع ذويها أو السماح لهم بزيارتها، ونخشى أن يُزجّ بها في الأعمال العسكرية المباشرة وغير المباشرة، وأكدت أن قرابة 413 طفلاً ما زالوا قيد التجنيد الإجباري في المعسكرات التابعة لقوات سوريا الديمقراطية.
حقوقي يُطالب "ب ك ك" بوقف تجنيد الأطفال القصر شرقي سوريا
سب ان دعا الناشط الحقوقي الكردي "محمود علو"، حزب العمال الكردستاني PKK وأذرعه إلى إطلاق سراح الأطفال الذين خطفتهم بهدف تجنيدهم قسريا في صفوف قوات الحزب، والكف عن سياسية تجنيد الأطفال القصر التي تعد جريمة حرب.
وقال الحقوقي في حديث لموقع (باسنيوز) بمناسبة "اليوم العالمي للطفل"، إن "PKK وأذرعه في كافة أجزاء كردستان خطفوا آلاف الأطفال من الجنسين، منذ تأسيسه بغرض تجنيدهم قسريا في صفوف أذرع PKK العسكرية".
وأضاف أن "أذرع PKK في سوريا، وقضاء سنجار ومناطق أخرى في إقليم كردستان، وكذلك في تركيا وإيران تواصل التغرير بالأطفال وتجنيدهم في صفوف قوات الحزب"، ولفت إلى أن "مئات الأطفال الكرد لقوا حتفهم في الأعمال القتالية بعد أن زج بهم PKK منذ تأسيسه".
وأوضح الحقوقي الكردي أن "ما تسمى الشبيبة الثورية التي يشرف عليها كوادر PKK في غربي كوردستان خطفت أكثر من 150 قاصرا (من الجنسين) خلال العام الجاري"، وذكر أن "هؤلاء الأطفال يتعرضون إلى ضرب وعنف شديدين في معسكرات PKK إذا ما طالبوا بالعودة إلى ذويهم، وتمنع أذرع الحزب ذوي المختطفين الالتقاء بأبنائهم أو معرفة شيء عن مصيرهم".
وأكد الحقوقي أن "خطف القصر وزجهم في الأعمال القتالية يعد جريمة حرب وينتهك القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات"، ودعا "PKK وأذرعه إلى إطلاق سراح آلاف الأطفال الذين خطفتهم بهدف تجنيدهم قسريا في صفوف قوات الحزب، والكف عن سياسية تجنيد الأطفال القصر التي تعد جريمة حرب بشعة".
وكانت قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها، إن مجموعة شبيبة كردية في شمال شرق سوريا، تربطها صِلات بسلطات الأمر الواقع "قسد"، تُجنّد الأطفال ليلتحقوا بعد ذلك حسب الافتراض بمجموعات مسلحة، مؤكدة أن تجنيد الأطفال يحرمهم من طفولتهم ويُعرضهم للعنف الشديد وقد يؤدي إلى صدمات جسدية ونفسية طويلة الأمد.
ووفق المنظمة، جنّدت "حركة الشبيبة الثورية في سوريا" فتيات وفتيانا في سن الـ 12، مقتلعة إياهم من مدارسهم وعائلاتهم، ومنعت ذويهم من الاتصال بهم، وصدّت جميع محاولات عائلاتهم الحثيثة لإيجادهم، رغم التزام السلطات بإنهاء هذه الممارسة، يُفترض أن المجموعة تنخرط في عملية التلقين الأيديولوجي للأطفال، نيابة عن المجموعات المسلحة، علنا ودون أي عقاب.
رغم أن حركة الشبيبة الثورية ليست مجموعة مسلحة، إلا أنها حسب الافتراض منخرطة بشدة في الهياكل السياسية والعسكرية لـ"الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" بقيادة الأكراد، وجناحها العسكري أي قسد التي يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة، وفق المنظمة.
وقالت "رايتس ووتش" إنه يُفترض أن دورها الأساسي هو التلقين الأيديولوجي للأطفال، وقد وثّقت منظمات حقوقية سورية مستقلة حالات قامت فيها الحركة بنقل الأطفال، لا سيما الفتيات، إلى مجموعات مسلحة تابعة لـ قسد، رغم تعهد هذه الأخيرة بإنهاء تجنيد الأطفال.
وأوضحت أن تجنيد الأطفال في المجموعات أو القوات المسلحة ينتهك القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر تجنيد الأطفال دون سن الـ 15 واستخدامهم في النزاعات، كما أن تجنيد أو استخدام الأطفال على هذا النحو، يُعتبر جريمة حرب بموجب "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".
وعلاوة على ذلك، فإن "البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة" يمنع المجموعات المسلحة غير التابعة للدولة من تجنيد الأطفال دون الـ 18، مهما كانت الظروف.
في تقريره السنوي الأخير بشأن الأطفال والنزاعات المسلحة، اتهم الأمين العام لـ"الأمم المتحدة" جميع أطراف النزاع في سوريا بتجنيد الأطفال، مع 231 حالة تحققت منها الأمم المتحدة في 2023 نُسِبت إلى قسد والمجموعات التابعة لها. في تقرير نشرته في يوليو/تموز 2023، وثقت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" 43 حالة تجنيد على يد حركة الشبيبة الثورية في النصف الأول من 2023 فقط.
وقابلت "هيومن رايتس ووتش" بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2024، سبع عائلات في مناطق خاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية قالت إن حركة الشبيبة الثورية أخذت أطفالها، ست فتيات وفتيان تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما، بين مارس/آذار 2023 ويوليو/تموز 2024. بين هؤلاء الأطفال أربعة دون سن الـ 15، وسبعة، بينهم شقيقان، يأتون من عائلات نزحت جراء التوغل التركي العسكري في المنطقة.
وكانت وقّعت قسد في 2019، خطة عمل مشتركة مع الأمم المتحدة، تلتزم فيها بتدابير ملموسة ومحددة زمنيا لإنهاء تجنيد الأطفال ومنع استخدامهم لأغراض عسكرية، وفي إطار خطة العمل التي وضعتها، أصدرت قسد، وهي تحالف مجموعات مسلحة متعدد الإثنيات، أوامر عسكرية تحظر تجنيد أو استخدام الأطفال، ودرّبت القادة، وأنشأت مكاتب حماية الأطفال التي تستقبل دعاوى تجنيد الأطفال وتحقق فيها في جميع المناطق تحت سيطرتها، وسرّحت عشرات الأطفال المجندين.
إلا أن تقارير الأمم المتحدة المتعاقبة تُظهر تقدما متأرجحا، إذ سُجِّل ما بين 130 و285 حالة تجنيد قسد لأطفال سنويا بين 2019 و2023 تم التحقق منها. في 2020، سرّحت قسد 150 طفلا من صفوفها، مُظهرة جهدا كبيرا في تطبيق خطة عمل 2019. ارتفع عدد المسرَّحين قليلا إلى 182 في 2021، ما يشير إلى تقدُّم مستمر.
في 2022، ارتفع عدد الأطفال الذين جندتهم قسد إلى حده الأقصى، فبلغ 637 حالة تم التحقق منها. بحسب الأمم المتحدة، في العام نفسه وصل تسريح الأطفال إلى حده الأدنى، إذ بلغ 33 طفلا فقط، ما يعكس تراجعا مقلقا في عمل الإجراءات التصحيحية، بينما ارتفعت أعداد الأطفال المجندين. في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أغلقت قسد بحسب تقارير أحد مكاتبها الثمانية لحماية الأطفال. نسبت تقارير الأمم المتحدة المتتالية 60 حالة تجنيد أطفال تم التحقق منها إلى حركة الشبيبة الثورية بين 2019 و2023.
يُظهر بحث أجرته منظمات حقوقية سورية مستقلة، أن حركة الشبيبة الثورية نقلت الأطفال إلى مكوِّنَيْن أساسيين في قسد، "وحدات حماية الشعب" وجناحها النسائي "وحدات حماية المرأة"، وهما مجموعتان مسلحتان انخرطتا مباشرة بتجنيد الأطفال.
على نحو مماثل، أشار تقرير في 2024 لـ"مركز التوثيق ومكافحة التطرف"، وهي وكالة حكومية دنماركية، إلى شهادات عن أطفال يخضعون للتلقين على يد المجموعة، ثم ينتهون في معسكرات التدريب في جبال قنديل وسنجار.
وفقا لتقرير صدر عن المركز السوري للعدالة والمساءلة في أبريل/نيسان 2024، والذي وثق 23 حالة تجنيد للأطفال في شمال شرق سوريا بين 2020 و2023، إحدى أكثر طرق التجنيد شيوعا لدى حركة الشبيبة الثورية هي تحديد أطفال المدارس من خلال الأنشطة الثقافية في مراكزهم الخاصة.
وقال المركز: "غالبا ما يخدعون الأطفال، ويقنعونهم بالتسجيل في دورات تعليمية أو مهنية أو حتى فرص عمل واعدة، في حين أن الغرض الحقيقي هو التجنيد". وجد تقرير صدر عن منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في يوليو/تموز 2023 أن من بين 52 حالة تجنيد للأطفال وثقتها في مناطق قسد في 2023 فقط، كانت حركة الشبيبة الثورية مسؤولة عن 43 حالة.