صورة
صورة
● أخبار سورية ٥ سبتمبر ٢٠٢٤

"الشبكة السورية" تُدين إلغاء "الألعاب البارالمبية" وحملات التحريض ضد المنظمات في إدلب

أدانت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"، في بيان لها اليوم، إلغاء حكومة الإنقاذ التابعة لـ "هيئة تحرير الشام"، دورة الألعاب البارالمبية التي انطلقت في مدينة إدلب بتاريخ 26/ آب/ 2024، كما أدانت الحملة التحريضية التي تهدف إلى إرسال رسالة تهديد ليس فقط إلى "منظمة بنفسج" بل إلى مختلف المنظمات العاملة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ.


وطلبت الشبكة من "حكومة الإنقاذ" باعتبارها سلطة أمر واقع باحترام عمل المنظمات العاملة في خدمة المجتمع في مناطق سيطرتها، وحماية أعضائها، واحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومحاسبة المتطرفين وفصلهم من الحكومة، وتؤكد على ضرورة إصدار اعتذار للمنظمات العاملة، وطمأنتها أنَّ مثل هذه التهديدات لن تتكرر مستقبلاً. 


واعتبرت أن قرار حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام بمنع إقامة أي فعالية دون الحصول على موافقة من المديرية العامة للشؤون السياسية يرسخ سياسية التضييق التي تمارسها على المنظمات الإنسانية.

وأوضحت أنه "في 26/ آب من العام الحالي، نظمت منظمة “بنفسج – Violet Organization” دورة للألعاب البارالمبية بمشاركة 333 لاعب من ذوي الاحتياجات الخاصة، في الملعب البلدي في مدينة إدلب، تأتي هذه الفعالية بالتوازي مع دورة باريس للألعاب البارالمبية، تبدأ في 26/ آب وتستمر حتى 12/ أيلول/ 2024".


وفق برنامج معدٍّ مسبقاً لجميع الفعاليات يتضمن ثلاث مراحل، متفق عليها بكافة تفاصيلها، وذلك ضمن عقود موقَّعة بين المنظمة وحكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام في مدينة إدلب، وقد تم التحضير والتدريب على هذه الفعاليات على مدار عدة أشهر سابقة.


وتهدف إلى تسليط الضوء على فئة ضعيفة ومهمَّشة في المجتمع، وهي ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تعرضوا لإصابات أدت إلى إعاقات لهم ناتجة عن عمليات القصف الجوي التي قام بها بشكل أساسي النظام السوري وحلفاؤه على مدى سنوات، وإعاقات ناجمة عن زلزال شباط/ 2023.

تضمن الجزء الأول من الفعالية التي أقيمت في 26/ آب إشعال شعلة البداية، وفق ترتيبات وأماكن تم الاتفاق عليها مع حكومة الإنقاذ، حيث تم تحديد مسار مرور الشعلة وصولاً إلى الملعب البلدي، بالإضافة إلى أماكن التصوير والشخصيات المشاركة وكافة تفاصيل الفعالية، وصولاً لحفل الافتتاح ودخول الشعلة إلى الملعب وإشعال المرجل الكبير بالنار في الملعب.

وفي هذه الأثناء انحنى حامل الشعلة للجمهور لتحيتهم أمام المرجل الكبير الذي كان خلفه، مما أدى إلى بدء انتقادات واسعة في اليوم التالي، من قبل عدد من الشرعيين منهم من المحسوبين على هيئة تحرير الشام وآخرين، هاجموا فيها الفعاليات واعتبروها مخالفة للشريعة الإسلامية وتشبه بالغرب والكفار، لاسيما فعالية إضاءة الشعلة وقالوا إنَّها ترمز لـ “معتقدات وثنية”، ومنهم مَن دعا لإعادة تفعيل “جهاز الحسبة” في إدلب. (هناك بعض الشرعيين اعتبروها عادة وتقليداً لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية).

في 28/ آب/ 2024، استدعى مكتب تنسيق العمل الإنساني التابع لحكومة الإنقاذ مسؤول العلاقات في منظمة بنفسج إلى مقرهم في مدينة إدلب، وطلب المكتب من المنظمة نشر بيان اعتذار عن تحية الشاب الرياضي ونشره على معرفاتها، لكن المنظمة أكدت على أنَّ جميع الأنشطة تمت وفق الاتفاقيات الموقَّعة. 


لاحقاً، فوجئت المنظمة بتصريح من حكومة الإنقاذ قالت فيه إنَّ ما حصل في الفعالية مخالف للثقافة والعادات والتقاليد، وجاء التصريح على لسان مدير العلاقات العامة في وزارة التنمية والشؤون الإنسانية، طارق العلي، وقال فيه إنَّ منظمة “بنفسج” تقدمت بمشروع إقامة “أنشطة رياضية لذوي الإعاقة”، وأخذت الموافقة عليه أصولا ًكفعالية رياضية. 


وأضاف أنَّه خلال تنفيذ المشروع، قامت المنظمة بتنفيذ مهرجان احتفالي خارج تخصصها يتطلب إجراءات خاصة، وإحالة إلى الجهة المختصة في إدارة الشؤون السياسية، ما سبب وقوع العديد من التجاوزات في النشاط المذكور، والتي “تخالف ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا“.

وقالت الشبكة، إن التحريض على الفعالية الرياضية، أدى إلى قيام منظمة بنفسج بإيقافها نتيجة المخاوف بأن تتطور عمليات التحريض لعمليات اعتداء على العاملين في المنظمة، وربما وقف أعمالها في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ. 


وفي 29/ آب/ 2024، أصدرت حكومة الإنقاذ السورية قراراً قالت فيه: "انطلاقاً من المصلحة العامة، وحرصاً من رئاسة مجلس الوزراء على تنظيم العمل وعدم وقوع أي مخالفات، يمنع إقامة أي فعالية دون الحصول على موافقة مكتب الفعاليات لدى المديرية العامة للشؤون السياسية".

وأكدت أن حملات التحريض التي تقودها الأطراف الشديدة التطرف في هيئة تحرير الشام وتجاوب حكومة الإنقاذ معها، شكلت حالة من الخوف والرعب لدى العاملين في المؤسسات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني خاصة مع تكرار حوادث الاعتداءات التي وثَّقناها، مثال ذلك إطلاق النار على مول الحمرا في مدينة الدانا قبل أشهر عدة، وذلك بعد حملات تحريض مشابهة طالت تنظيم افتتاحية المول بسبب الاختلاط بين الذكور والإناث التي حصلت خلالها. 


ووفق الشبكة، تندرج القرارات الصادرة عن حكومة الإنقاذ ضمن سياق سياسة التضييق الذي تمارسه مؤسسات الهيئة وحكومتها على العمل الإنساني ككل من خلال تقييد الإجراءات والتدخل في المشاريع وعمل المنظمات عبر قراراتها التي تأتي فجائية وغير مدروسة وترتبط في أحداث بعينها منها القرار الأخير الصادر في منع إقامة أي فعاليات دون موافقة مكتب الفعاليات المحدث مؤخراً.

وكانت سادت حالة من السجال والجدل في أعقاب بيان صادر عن حكومة الإنقاذ في إدلب، حيث لوحظ وجود انقسامات عديدة تشي بوجود صراع داخلي خفي ظهر للعلن على خلفية دورة للألعاب البارالمبية لذوي الاحتياجات الخاصة في الملعب البلدي بمدينة إدلب.

وحسب نشطاء جدت حكومة الإنقاذ لنفسها مخرجاً عبر بيان حمل صيغة التنصل ونتج عن ذلك صراع ساحته مواقع التواصل الاجتماعي، بين من وجد أن الحفل تضمن تجاوزات منافية للعادات والتقاليد وبين أخرى دافعت عن رؤية الحكومة التي من المؤكد أنها رخصت كل شيء وتعلم فعاليات الاحتفال بالتفصيل.

وقاد الفريق الأول شخصيات جلهم من الشرعيين المقربين من الهيئة بما فيهم شخصيات مطرودة منها، هجوما تحريضيا على الحفل، أما الفريق الثاني وهي شخصيات رديفة وأخرى إعلاميّة دافعت عن الحفل واعتبرت أنه لا يستحق كل هذا التجييش وحذرت من تبعات ذلك كما حدث في فعاليات سابقة.

وغرّد "أحمد زيدان" أحد أقطاب التيار الموالي لحكومة الإنقاذ السورية، مدافعا عن الحفل الذي اعتبره الكثير من الشرعيين المقربين من هيئة تحرير الشام، يتضمن مخالفات شرعية، وهاجم "المتشددين" الذين قال إنهم يحملون "إرث تشدد داعشي".

وانتقد الحديث عن حجة وجود "منكرات" وتفسير شعلة الأولمبياد على أنها عبادة للنار، وذكر أن "الحفل عظيم ورائع وجهد مشكور قامت به منظمة ‎بنفسج للتخفيف عن أصحاب الإعاقات"، وأضاف للفتوى حدود وللتغريدة قيود فلربما تغريدة تسببت في قتل العشرات.

وتابع، "لنستذكر فعالية افتتاح مول الحمراء قبل سنة، حين هاجم قلة من المشايخ بعض تجاوزات الافتتاح، فأقدم أحدهم على إطلاق النار"، وظهر "زيدان" في صف الحكومة التي أصدرت عبر وزارة التنمية والشؤون الإنسانية بيان ينص على إنذار لمنظمة بنفسج للإغاثة والتنمية بسبب وجود مخالفات.

وكان اعتبر ناشطون بأن هذا القرار جاء بعد حملة تحريض وفتاوى شرعية أطلقها رجال دين وشرعيين مقربين من هيئة تحرير الشام، عبر مواقع التواصل لا سيّما قنوات التلجرام، معتبرين أن هناك مخالفات شرعية حدثت، ونوه نشطاء على ضرورة بوجود حملات تطالب بمكافحة الفقر والظلم والفساد.

وقاد عدد من الشرعيين المقربين من هيئة تحرير الشام، حملة إعلامية ضد ما وصفوها بمخالفات تستوجب المحاسبة ومنهم من اعتبر أن الشعلة التي ظهرت في الفعالية تشير إلى معتقدات وثنية مثل الشيخ السعودي "مصلح العلياني".

الأمر الذي دفع حكومة الإنقاذ إلى التنصل من هذه الفعاليات التي كانت ستعتبرها إنجاز يضاف لها لولا حملة شرعيي الهيئة التي يبدو أنها رضخت لها، ضمن تجاذبات داخلية بين شخصيات إدارية تعمل ضمن الإنقاذ والهيئة تمت ترجمتها على شكل بيان توضيحي من قبل جهة رسمية تتبع لحكومة "الإنقاذ".

هذا وتعتمد الدوائر الرسمية التنفيذية لدى حكومة الإنقاذ سياسة تتبع الترند حيث أنها تقتنص الفرص إزاء الأحداث الإعلامية الكبيرة وتجهز روايات مسبقة للتعامل معها، ويستنكر نشطاء هذه السياسة التي يقولون أن لها تفسير واحد هو استغباء الشعب بشكل معيب بعد قهره وفرض القبضة الأمنية والتسلط عليه.

ويذكر أن الصراع القائم على تجاذبات داخلية ظهر في كثير من الأحيان ضمن كتل و تحزبات على مستوى قيادة "هيئة تحرير الشام" أولا وحكومة الإنقاذ التي تشكل ذراعها المدني وكذلك جهاز الأمن العام الذي تحول إلى إدارة تابعة لوزارة الداخلية وظهر ذلك جلياً خلال مراحل التحقيق مع قادة بتهمة العمالة قبل الإفراج عنهم لاحقاً.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 
الكلمات الدليلية:

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ