التعامل مع الاختلاف: كيف نحمي طلابنا ذوي الحالات الخاصة من التنمّر؟
تحتضن المدرسة طلاباً متنوعين من حيث العمر والبيئة الاجتماعية، وبينهم من يواجه إعاقات جسدية أو مشكلات صحية أو ملامح خلقية تجعلهم مختلفين عن باقي زملائهم، ما قد يعرضهم لمواقف قاسية أو محرجة داخل الصف.
ويؤدي هذا الاختلاف أحياناً إلى شعور بعض الأطفال بالضعف أو نقص الثقة بالنفس، ولا سيما عندما يجدون أنفسهم أمام تعليقات مؤذية أو سلوكيات تنمّر من بعض الطلاب.
وتتعدد هذه الحالات بين طفل يعرج في مشيته، أو يتلعثم في الكلام، أو يملك وحمة بارزة في وجهه، أو يعاني آثار حروق أو فقدان أحد الأطراف.
هذه الاختلافات، رغم طبيعتها الإنسانية، قد تصبح سبباً في تعرض الطفل للتهكّم ما لم تتعامل البيئة المدرسية والأسرية معها بحكمة.
وتروي نادية مصطفى، وهي أم لأربعة أطفال، تجربتها مع ابنتها التي كانت تعاني من وحمة واضحة في وجهها، الأمر الذي جعل بعض زميلاتها يطلقن عليها ألقاباً قاسية أثرت بشكل كبير على حالتها النفسية، حتى أنها أصبحت تكره الذهاب إلى المدرسة.
وتوضح الأم أنها تعاملت مع الأمر بزيارات متكررة للمدرسة، وبالتواصل المستمر مع الكادر التدريسي وأهالي الطالبات اللواتي أسأن لابنتها، في محاولة منها لوقف أي شكل من أشكال التنمّر قبل أن يترك أثراً لا يُمحى في شخصية طفلتها.
ويلعب الأهالي دوراً أساسياً في حماية أبنائهم من آثار التنمر، سواء من خلال مراقبة سلوكياتهم اليومية، أو الاستماع لهم عند عودتهم من المدرسة، أو التدخل عند ظهور أي مؤشرات على الضيق أو الانعزال. كما يتحمّلون مسؤولية تقديم دعم نفسي ومجتمعي لأطفالهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم مهما كانت اختلافاتهم.
وفي المقابل، يضطلع المعلّمون بدور حاسم داخل الصف، فهم الأقدر على مراقبة تفاعل الطلاب، واكتشاف السلوكيات المسيئة، وخلق بيئة آمنة تقوم على الاحترام المتبادل ومنع أي شكل من أشكال السخرية.
ويلفت المدرّس محمد المصطفى إلى أن التعامل مع الأطفال ذوي الحالات الخاصة يجب أن يكون قائماً على الاحترام الكامل، دون أي تمييز أو نظرة شفقة، مع مراعاة خصوصيتهم واحتياجاتهم داخل الصف. ويشدد على أهمية تفقد مكان جلوسهم وتوفير ظروف مناسبة لهم، إضافة إلى التدخل الفوري عند ظهور أي سلوكيات تنمّر، والعمل على إدماجهم بين زملائهم وعدم عزلهم باعتبارهم استثناء.
كما يدعو إلى توعية الطلاب بأهمية قبول الآخر وتقدير اختلافاته، والتعامل بمحبة واحترام مع الجميع.
وفي المحصلة، فإن وجود طلاب يعانون إعاقات أو مشكلات صحية داخل المدرسة أمر طبيعي، لكن ما هو غير طبيعي هو تركهم يواجهون التنمّر وحدهم. إن التعاون بين الأهل والمعلمين، إلى جانب تعزيز ثقافة احترام الاختلاف، كفيل ببناء بيئة تعليمية أكثر أماناً وإنسانية، تُشعر كل طفل، مهما كان مختلفاً، بأنه جزء مهم من هذه المدرسة ومن هذا المجتمع