
"البنتاغون" ينفي بدء الانسحاب من سوريا ويؤكد: "إعادة توزيع للقوات"
نفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) صحة التقارير التي تحدثت عن بدء انسحاب عسكري أميركي من سوريا، مؤكدة أن ما يجري هو "إعادة توزيع اعتيادية للقوات استجابة للمتغيرات العملياتية".
وقال متحدث باسم البنتاغون، في تصريحات نقلتها وكالة "نوفوستي" الروسية، إن وزارة الدفاع الأميركية "تعيد تموضع قواتها بانتظام وفقاً للحاجات التشغيلية والظروف الطارئة"، مشيراً إلى أن هذه الخطوة "لا تعني انسحاباً، بل تعبّر عن مرونة السياسة الدفاعية الأميركية وقدرتها على الانتشار السريع في مواجهة التهديدات المتغيرة".
أنباء عن انسحاب جزئي من قاعدة كونيكو في دير الزور
رغم النفي الأميركي، أفادت مصادر مقربة من "قوات سوريا الديمقراطية"، بأن الجيش الأميركي بدأ بالفعل إخلاء قاعدة حقل كونيكو في ريف دير الزور الشرقي. وبحسب المصادر، غادرت القاعدة خلال الأيام الماضية قافلتان كبيرتان تضمان أكثر من 200 آلية، بينها معدات ثقيلة وناقلات.
وأوضحت المصادر أن منطاد المراقبة التابع للقاعدة لم يُشاهد فوقها منذ أكثر من أسبوع، وأن الرتل الأميركي الأخير توجّه إلى أربيل في إقليم كردستان العراق، وأكدت مصادر أميركية لرويترز أن واشنطن تدرس خفض قواتها في سوريا إلى النصف، لتصل إلى نحو ألف جندي فقط، ضمن مراجعة أوسع لاستراتيجيتها العسكرية في المنطقة.
تقارير إسرائيلية: انسحاب أميركي تدريجي خلال شهرين
وفي سياق متصل، كانت كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن مسؤولين في البنتاغون أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين بعزم الولايات المتحدة تنفيذ انسحاب تدريجي من سوريا خلال الشهرين المقبلين، ما أثار قلقاً واسعاً داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
وحذرت وزارة الدفاع الإسرائيلية من أن الانسحاب الأميركي قد يمنح تركيا موطئ قدم استراتيجي في مناطق حساسة مثل مطار تي فور ومدينة تدمر، وهو ما اعتبرته تل أبيب تهديداً مباشراً لأمنها القومي ولسلاح الجو الإسرائيلي.
أنقرة تستعد لملء الفراغ ولقاءات تركية - إسرائيلية في باكو
التقرير الإسرائيلي أشار إلى أن تركيا تسعى لاستغلال أي فراغ أميركي لتعزيز حضورها العسكري في شمال وشرق سوريا، لاسيما مع تصاعد نفوذها في المشهد السوري بعد سقوط نظام الأسد.
وفي خطوة دبلوماسية لاحتواء التصعيد، عُقدت اجتماعات فنية الأسبوع الماضي في العاصمة الأذربيجانية باكو بين مسؤولين عسكريين أتراك وإسرائيليين لمناقشة آلية لتفادي الاشتباك في سوريا، لكن التوتر تجدد سريعاً بعد تصريحات هجومية أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وصف فيها إسرائيل بـ"الدولة الإرهابية" واتهمها بمحاولة "إجهاض الثورة السورية".
إسرائيل تحذّر دمشق وتحملها مسؤولية أمن الحدود
التقرير الإسرائيلي حذّر من أن أي تمركز تركي دائم في العمق السوري، خاصة في مواقع مثل تدمر، "يشكل خطاً أحمر" من منظور تل أبيب، وسيُعد تهديداً مباشراً لقدراتها العسكرية في المنطقة.
وأكدت تل أبيب في رسائل مباشرة أنها ستحمل الحكومة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، المسؤولية الكاملة عن أي نشاط عسكري يجري انطلاقاً من الأراضي السورية، مشيرة إلى أن فشل دمشق في ضبط الوضع الأمني "قد يؤدي إلى رد عسكري إسرائيلي مباشر".
توازنات إقليمية جديدة وسط تغيّر المشهد السوري
يرى مراقبون أن التصريحات المتضاربة بين المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، مقابل النفي الرسمي من البنتاغون، تعكس حجم التعقيد الذي يكتنف مستقبل الوجود الأميركي في سوريا. كما يعكس التوتر الإقليمي الناجم عن انسحاب محتمل مدى ترابط الملف السوري بمصالح إقليمية كبرى تشمل تركيا، إيران، إسرائيل، والولايات المتحدة.
ويأتي ذلك في ظل تحوّلات جذرية تشهدها سوريا بعد سقوط النظام السابق، وسط جهود حثيثة لإعادة تشكيل الخارطة العسكرية والسياسية، فيما تبقى معركة النفوذ الإقليمي مفتوحة على احتمالات متعددة، أبرزها: صعود الدور التركي، وعودة التوتر الأمني على حدود إسرائيل الشمالية، والتنافس على ملء فراغ القوة الأميركية.