"الإدارة الذاتية" تعلن "مبادرة" و"عفو" وتدعو لوقف المعارك
على وقع تصاعد المطالب الشعبية بتحرير المحافظات السورية الشرقية، صعدت سلطات الأمر الواقع هناك من قراراتها وتصريحاتها المحمومة التي تصب في اتجاه واحد وهو محاولة الحفاظ على نفوذها في الجزيرة السورية التي تشكل سلة سوريا الغذائية وتضم أهم موارد البلاد.
وفي حديث هذه القرارات، أعلنت "الإدارة الذاتية" عن "عفو" عن العناصر الفارين من قوات "قسد" مقابل تسليم أنفسهم خلال فترة محددة، 30 يوم للفرار الداخلي، و90 يوم للفرار الخارجي، بشرط التحاقهم بالتجنيد الإجباري، ويأتي ذلك مع حدوث انشقاقات في صفوف ميليشيات "قسد".
وأعلنت الإدارة عن مبادرة الحوار السوري لبناء سوريا الجديدة، وحددت 10 خطوات، ذكرت أنها "مصيرية" للشعب السوري، وهاجمت في البند الأول الدولة التركية وفصائل الثورة السورية ودعت في الثاني إلى "وقف العمليات العسكرية في كامل سوريا للبدء بحوار وطني".
وتتجسد هذه المبادرة في تصريحات قائد ميليشيات قوات "قسد" مظلوم عبدي الذي رحب بالبيان الختامي لقمة العقبة لوزراء خارجية لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا، وأكد على ضرورة وقف العمليات العسكرية، وفقاً لما ورد في البيان الختامي.
فيما رحب "الائتلاف الوطني السوري"، ببيان العقبة وتحدث رئيسه "هادي البحرة"، عن ضرورة تشكيل حكومة من خلال عملية شفافة تستند قرار مجلس الأمن الدولي 2254".
وكتب المتحدث الرسمي باسم المجلس الإسلامي السوري الشيخ "مطيع البطين" منشورا عبر حسابه في فيسبوك قال فيه لأخذ العلم الأسماء السورية التي تطالب بتطبيق القرار 2254 لها هدف واحد، هو أن تكون موجودة في واجهة المشهد الحالي، ولو على حساب مصلحة البلد، ما أقوله ليس تحليلاً ولا توقعاً.
وقال المفكر والكتاب "برهان غليون" إن "عقد اجتماع لجنة الاتصال حول سورية في "العقبة" بحضور عديد الدول التي لم تخف دعمها لنظام الأسد بدل عقده في دمشق الحرة بمشاركة السوريين لا يبشر بخير ولا يطمئن حول نوايا اللجنة. إنه يوحي بالأحرى بإرادة فرض الوصاية، ويظهر كمؤامرة أكثر بكثير من رغبة في التضامن وتقديم الدعم للسوريين".
وكانت اعتبرت "هيئة التفاوض السورية" أن قرار مجلس الأمن 2254 مفتاح لبناء دولة ديمقراطية آمنة، فيما طالب قائد إدارة العمليات العسكرية، "أحمد الشرع" بتحديث القرار 2254 ليتماشى مع الواقع الجديد في سوريا.
وبالعودة إلى تطور الأحداث في الشرق السوري تداول نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، الخميس، وثيقة قالوا إنها "مسودة تفاهم" بين "قسد" و"هيئة تحرير الشام" تنص على انسحاب "قسد" من شرق دير الزور ومدينتي الرقة والطبقة، الأمر الذي نفته "قسد" لاحقا.
وتشير التطورات السريعة في المشهد السياسي والعسكري السوري إلى أن "قسد" بدأت تواجه تحدياً وجودياً في تقرير مصيرها في سوريا الجديدة، خاصة مع تأكيد "إدارة العمليات العسكرية" أنها "لا تقبل" بخروج أي جزء من جغرافية البلاد عن سيطرة الحكومة الحالية في دمشق.
ولا تبدو خيارات "قسد" واسعة رغم التأكيد الأميركي على التمسك بخيار دعمهم كحليف موثوق في القتال ضد "داعش"، لأنها بدأت تفقد جزء من حاضنتها الشعبية، في ظل أنباء عن سقوط شخصين ووقوع إصابات بمظاهرات في الرقة والحسكة وريف دير الزور.
وشنت ميليشيات "قسد" حملات اعتقال واسعة وقطع للخدمات في مناطق ديرالزور والرقة والحسكة، يضاف ذلك إلى جرائم قتل وتنكيل بحق أبناء الشرق السوري لا سيّما مع تفريق المظاهرات المناهضة للميليشيات الانفصالية بالرصاص الحي.
وكان أصدر نشطاء وثوار المنطقة الشرقية بياناً يوم السبت 14 كانون الأول/ ديسمبر، أكدوا فيه إن ديرالزور والرقة والحسكة وريف حلب الشرقي جزء لا يتجزأ من سوريا ولا يمكن إعلان التحرير الكامل دون عودتها إلى أهلها.