 
        
      الأمم المتحدة تحذر من تصاعد العنف في سوريا وتدعو إلى محاسبة المسؤولين
أعربت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية التابعة للأمم المتحدة عن قلق بالغ إزاء تجدّد أعمال العنف الواسعة في عدد من المحافظات السورية، محذّرة من أن هذه التطورات قد تُهدّد الآمال التي رافقت مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق العام الماضي.
وقال رئيس اللجنة، باولو سيرجيو بينييرو، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن “مستقبل سوريا على المحك، والبلاد بحاجة ماسة إلى دعم يتجاوز الإغاثة الإنسانية التي لا تزال تعاني من نقص حاد في التمويل”.
وأشار بينييرو إلى أن تكرار المجازر والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك تلك المنسوبة إلى عناصر من قوات الأمن التابعة للحكومة الانتقالية، يهدّد بإعادة البلاد إلى دوامة العنف.
وأوضح التقرير أن أكثر من مليون لاجئ سوري عادوا إلى البلاد منذ كانون الأول/ديسمبر 2024 بدافع الأمل في بناء مرحلة جديدة، مدعومين بإنشاء هيئة العدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين، وهما خطوتان رحّبت بهما اللجنة باعتبارهما أساسيتين لتحقيق العدالة للضحايا.
كما أشادت اللجنة بسماح السلطات لها بإجراء زيارات ميدانية إلى محافظات اللاذقية وطرطوس والسويداء ومناطق أخرى.
غير أن بينييرو شدد على أن الاشتباكات والمجازر المتكررة، ولا سيما في الساحل السوري ومحافظات الوسط، قلّصت من تفاؤل السوريين بقدرة الحكومة الانتقالية على إنهاء دوامات العنف القديمة.
وكشف أن ما يُقدّر بنحو 1400 مدني قُتلوا في مجازر خلال آذار/مارس الماضي في اللاذقية وطرطوس وحماة، بينهم نساء وأطفال، بعضهم على يد مسلحين من الجانبين المتصارعين.
وأضاف أن اللجنة تلقت تقارير مقلقة حول عمليات إعدام ميدانية وتعذيب وتهجير قسري لمدنيين من الطائفة العلوية في دمشق وغرب البلاد، إلى جانب تصاعد الانتهاكات بحق النساء والفتيات، تشمل الخطف والعنف الجنسي والزواج القسري، وسط غياب واضح لإجراءات تحقيق فعالة من السلطات المحلية.
ودعت اللجنة إلى إجراءات عاجلة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، ومواجهة خطاب الكراهية والتحريض المنتشر عبر الإنترنت وخارجه، محذّرة من أن الإفلات من العقاب قد يمهّد لموجات جديدة من العنف.
كما نددت اللجنة بالتدخلات الخارجية، ولا سيما التوغل الإسرائيلي في الجنوب السوري أواخر العام الماضي والغارات الجوية المتواصلة، مشيرة إلى أن هذه العمليات أدت إلى نزوح واحتجاز تعسفي لمدنيين، وقد تفاقم من حدة الصراع ومعاناة السوريين.
وأشار بينييرو إلى أن الاشتباكات لا تزال مستمرة في شمال شرق البلاد، خصوصاً في حلب ومحيط سد تشرين، داعياً إلى معالجة الأسباب الجذرية للعنف وتعزيز مؤسسات الدولة على أسس حقوقية شاملة.
وختم قائلاً: “إن بناء سوريا آمنة تحترم حقوق مواطنيها يتطلب مؤسسات قوية وشاملة، قائمة على سيادة القانون والمساءلة”، مؤكداً أن الإجراءات المتخذة الآن ستحدد مستقبل البلاد لعقود مقبلة.
وتأسست لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في 22 آب/أغسطس 2011 بقرار من مجلس حقوق الإنسان، بهدف التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وتحديد المسؤولين عنها، وقد تم تمديد ولايتها مراراً، آخرها حتى 31 آذار/مارس 2025.
 
           
           
           
           
           
           
           
           
          