الأمم المتحدة: بقاء القوات الإسرائيلية في سوريا انتهاك واضح وسحبها ضرورة ملحة
أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، أن بقاء القوات الإسرائيلية في الأراضي السورية يشكل انتهاكًا واضحًا للاتفاقيات الدولية، مشيرًا إلى أن انسحابها في أسرع وقت ممكن سيكون الأفضل للمنطقة.
جاءت تصريحات لاكروا خلال مؤتمر صحفي في نيويورك عقب زيارته إلى الشرق الأوسط، حيث شدد على أن استمرار التواجد العسكري الإسرائيلي يتعارض مع اتفاقية عام 1974 الخاصة بفصل القوات بين سوريا وإسرائيل، كما أنه يعرقل عمل بعثة الأمم المتحدة في المنطقة العازلة.
وأوضح لاكروا أن الأمم المتحدة تواصل تذكير المسؤولين الإسرائيليين بضرورة إنهاء وجودهم العسكري، لكنه أشار إلى أن إسرائيل تصفه بأنه “مؤقت”، مضيفًا: “كلما انتهى هذا الوجود العسكري بشكل أسرع، كان ذلك أفضل”. وردًا على سؤال حول الخطوات الملموسة التي يمكن أن تتخذها الأمم المتحدة لإجبار إسرائيل على الانسحاب، قال لاكروا إن دور المنظمة حاليًا هو الاستمرار في تذكير الجانب الإسرائيلي بأن وجوده يمثل انتهاكًا واضحًا، معربًا عن أمله في إنهاء هذا الوضع قريبًا.
وأشار المسؤول الأممي إلى أنه ناقش مع المسؤولين السوريين خلال زيارته إلى دمشق مهام الأمم المتحدة في المنطقة، مؤكدًا أنهم تلقوا ردودًا إيجابية من الجانب السوري، مما يعكس التزام سوريا بالتعاون مع المنظمة الدولية. كما أعرب لاكروا عن قلقه بشأن الوجود العسكري الإسرائيلي في جنوب لبنان، موضحًا أن الوضع هناك “متقلب لكنه هادئ حاليًا”، وشدد على ضرورة احترام إسرائيل لسلامة المدنيين وممتلكاتهم.
وفي 29 كانون الثاني 2025، عقد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ووزير الدفاع، اللواء مرهف أبو قصرة، اجتماعًا مع وفد الأمم المتحدة برئاسة لاكروا واللواء باتريك غوشات، القائم بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، حيث تم التأكيد على استعداد سوريا للتعاون الكامل مع الأمم المتحدة وفقًا للتفويض الصادر عام 1974، شرط أن يتم الانسحاب الفوري للقوات الإسرائيلية من الأراضي السورية.
كما أكد المسؤولون السوريون خلال اللقاء على أهمية دعم الأمم المتحدة في جهود إزالة الألغام ومخلفات الحرب، وتعزيز التنسيق بين السلطات السورية والمنظمات الدولية لضمان أمن واستقرار المنطقة. من جهتها، جددت قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك التزامها بالعمل على تسوية القضايا المتعلقة بالحدود السورية-الإسرائيلية، مشددة على ضرورة تحسين الخدمات في المناطق العازلة لضمان حماية السكان المدنيين.
وفي سياق متصل، دعت ضابطة الاستخبارات الإسرائيلية السابقة، كارميت فالنسي، حكومة الاحتلال إلى وضع شروط واضحة للانسحاب من المنطقة العازلة، محذرة من أن استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي لأكثر من ستة أشهر قد يؤدي إلى نتائج عكسية. وأكدت في تقرير نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” أن هناك حاجة ماسة لوضع خطة دفاعية جديدة تشمل ترتيبات أمنية مع النظام السوري الجديد وقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، بالإضافة إلى إمكانية توسيع هذه الترتيبات لتشمل تركيا، نظرًا لدورها المتنامي في المنطقة.
وأشارت فالنسي إلى أن إسرائيل يجب أن تستغل المتغيرات الحاصلة في سوريا لتعزيز موقعها الإقليمي، من خلال دمج التدابير الأمنية والدبلوماسية المدروسة، معتبرة أن هذه التطورات تمثل “فرصة ذهبية” يمكن أن تسهم في تعزيز أمنها القومي وإعادة ترتيب المعادلات السياسية في المنطقة. كما أوصت بإنشاء لجنة دولية رباعية تضم إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة وروسيا، لتنسيق جهود استقرار سوريا الجديدة وضمان حماية الأقليات.
ووسط هذه التطورات، تواصل إسرائيل تقييم خياراتها بشأن الانسحاب من سوريا، مع استمرار الضغوط الإقليمية والدولية لإنهاء وجودها العسكري في المنطقة. وتضع تل أبيب شروطًا واضحة للانسحاب النهائي، في وقت تسعى فيه إلى ضمان استقرار حدودها وتأمين مصالحها الاستراتيجية، بينما تتزايد الدعوات الدولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والالتزام بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بفض الاشتباك.