
الأسد المجرم يُعدم الحقيقة: اعتقال وقتل لبناني مسيحي بتهمة “الإخوان”
منذ انطلاق الثورة السورية في آذار/مارس عام 2011، وإعلان المجرم بشار الأسد الحرب على شعبه الذي طالب بالحرية والعدالة، توالت القصص المروعة عن المعتقلين الذين تمّت تصفيتهم في السجون، بطرق تعكس مدى الإجرام المتجذر في بنية نظام آل الأسد منذ عقود. لكن إحدى القصص التي نشرتها صحيفة زمان الوصل حملت طابعًا مختلفًا، يجمع بين الغرابة والصدمة.
اتهام مسيحي بالانتماء إلى الإخوان المسلمين
بطل القصة ليس معارضًا سياسيًا، ولم يكن حتى سوريًا، بل هو المواطن اللبناني قزحيا فريد شهوان، المولود في الرابع من كانون الأول/ديسمبر عام 1951، وهو أب لأربعة أولاد ومنحدر من منطقة العلالي في البترون. بدأت مأساة قزحيا حينما داهمت المخابرات السورية مكان عمله في “شركة كيماويات سلعاتا” بلبنان بتاريخ الثلاثاء 22 تموز/يوليو 1980. حاول مدير الشركة ثنيهم عن اعتقاله لإتاحة الفرصة له للفرار، لكنه رفض الهرب وسلّم نفسه طوعًا.
في اليوم نفسه، أُبلغ والده وزوجته عبر مركز الجيش السوري في شكا أن قزحيا موجود وسيُفرج عنه في اليوم التالي، لكن لم يُسمح لهما برؤيته. وبعد ستة أشهر، تمكّنت زوجته من زيارته في سجن المزة بدمشق، وكانت تلك آخر مرة يُرى فيها. مرّت السنوات دون أي معلومات، وظل مصيره مجهولاً لأكثر من أربعة عقود.
الحقيقة تُكشف بعد أربعة وأربعين عامًا
بعد 44 عامًا من اختفائه، ظهر اسم قزحيا في قوائم الأشخاص الذين أُعدموا في سجن تدمر بين عامي 1980 و1985. وتحديدًا، تبين أنه أُعدم عام 1981 بتهمة “الانتماء إلى تنظيم مسلح تابع لجماعة الإخوان المسلمين”—تهمة عبثية وصادمة نظرًا لكونه مسيحيًا، لا يمتّ بأي صلة للجماعة التي تُعرف بطابعها الإسلامي السني.
دلالات التهمة وتوظيفها القمعي
هذه الحادثة تكشف عن الطبيعة الأمنية والسياسية التعسفية لنظام الأسد، حيث يُوجَّه الاتهام بالإرهاب والانتماء إلى الإخوان كأداة جاهزة لقمع المعارضين، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو الفكرية. لم يكن الهدف من هذه التهم البحث عن الحقيقة أو تحقيق العدالة، بل إخضاع المجتمع وترهيبه، وتحقيق السيطرة الكاملة من خلال زرع الخوف والدم.
إن توجيه هذه التهمة إلى مسيحي لبناني يُثبت أن تهمة “الانتماء إلى الإخوان المسلمين” لم تكن أبدًا متعلقة بعقيدة أو انتماء حقيقي، بل كانت وسيلة يستخدمها الأسد المجرم لإقصاء كل من يراهم تهديدًا لحكمه، حتى لو لم يكن لهم أي نشاط سياسي، كما في حالة قزحيا شهوان.
قصة قزحيا ليست مجرد مأساة فردية، بل شاهد على مرحلة مظلمة من تاريخ سوريا ولبنان، حيث تحوّل القضاء إلى أداة قتل، وتحولت التهم إلى وسيلة حكم. لقد فضحت هذه الحكاية زيف ادعاءات الأسد بحماية الأقليات، وأكدت أن النظام لا يفرّق بين سنّي أو مسيحي أو درزي أو علوي عندما يشعر بالخطر على سلطته. ما يهمه فقط هو البقاء في الحكم، ولو كان الثمن أرواح الأبرياء وخراب الأوطان.