استمرار الانتهاكات في سوريا خلال كانون الثاني 2025 رغم التغيرات السياسية
رغم سقوط نظام الأسد واستلام الإدارة السورية الجديدة السلطة، لا تزال سوريا تشهد انتهاكات خطيرة بحق المدنيين، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 236 مدنياً خلال كانون الثاني/يناير 2025، بينهم 32 طفلاً و18 سيدة.
وجاءت هذه الانتهاكات نتيجة استمرار أعمال العنف، سواء من بقايا ميليشيات النظام السابق أو من أطراف أخرى لا تزال تمارس القتل العشوائي واستهداف المدنيين، في ظل عدم استقرار الأوضاع الأمنية بشكل كامل.
شهدت محافظة حلب العدد الأكبر من الضحايا، حيث شكلت 35% من إجمالي الوفيات، تلتها حماة بنسبة 16%، ثم دير الزور بنسبة 10%. وبحسب التقرير، فإن جزءاً من عمليات القتل لا تزال تُرتكب من قبل قوات النظام السابق، حيث قُتل 9 مدنيين، بينهم 4 أطفال على يد بقايا قوات الأسد والميليشيات الموالية له.
كما قتلت قوات سوريا الديمقراطية 21 مدنياً، بينهم 7 أطفال و6 سيدات، بينما قُتل 4 مدنيين، بينهم 2 طفل وسيدة، على يد الجيش الوطني، إضافة إلى مقتل طفل واحد على يد قوات التحالف الدولي. أما العدد الأكبر من الضحايا، والذي بلغ 201 مدنياً، بينهم 18 طفلاً و11 سيدة، فقد سقطوا على يد جهات مجهولة لم يتم تحديدها.
لم تتوقف المخاطر عند عمليات القتل المباشر، إذ أدى انفجار الألغام الأرضية والذخائر العنقودية إلى مقتل 71 مدنياً، بينهم 7 أطفال و3 سيدات. ويؤكد التقرير أن هذه الألغام، التي زرعتها أطراف النزاع خلال السنوات الماضية، لا تزال تشكل تهديداً لحياة السكان، في ظل غياب جهود جدية لتحديد مواقعها وإزالتها.
كما رصد التقرير استمرار حالات التعذيب والقتل داخل المعتقلات، حيث تم توثيق مقتل سيدة واحدة تحت التعذيب على يد قوات سوريا الديمقراطية. وأشار إلى مقتل 4 من الكوادر الطبية، و1 من الكوادر الإعلامية، و1 من كوادر الدفاع المدني على يد جهات مجهولة. كما سجل التقرير وقوع مجزرتين خلال الشهر، راح ضحيتهما عشرات المدنيين.
الاعتداءات على المنشآت الحيوية لم تتوقف، حيث وثق التقرير 14 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، توزعت بين 1 حادثة على يد الجيش الوطني، و4 حوادث على يد قوات سوريا الديمقراطية، و9 حوادث ارتُكبت من قبل جهات أخرى.
ويؤكد التقرير أن استمرار أعمال العنف في البلاد، رغم المرحلة الانتقالية، يعكس مدى التعقيد الذي تواجهه الإدارة السورية الجديدة في فرض الاستقرار وحماية المدنيين، لا سيما في ظل وجود ميليشيات لا تزال تمارس الانتهاكات.
خلص التقرير إلى مجموعة من الاستنتاجات، من بينها أن جميع أطراف النزاع فشلت في حماية المدنيين، وأن الألغام لا تزال تحصد الأرواح دون أي جهود واضحة لإزالتها. كما أشار إلى استخدام قوات سوريا الديمقراطية للقصف العشوائي في المناطق المدنية، ما أدى إلى مقتل مدنيين دون تمييز.
وفي توصياتها، دعت الشبكة إلى ضرورة إجراء تحقيقات مستقلة حول الجرائم المرتكبة، وتقديم مرتكبيها إلى العدالة، إضافة إلى إطلاق جهود مكثفة لإزالة الألغام وتأمين المناطق المتضررة. كما شددت على أهمية وقف استهداف المدنيين، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لذوي الضحايا، وضمان تقديم تعويضات عادلة لهم.
ورغم أن الإدارة السورية الجديدة تعمل على تحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين، إلا أن التقرير يحذر من أن استمرار هذه الانتهاكات دون ردع حقيقي قد يعيق عملية إعادة بناء سوريا، ما يستوجب تدخلاً جاداً من قبل الجهات المعنية لحماية السكان وتحقيق الاستقرار.