
استئصال أذرع الأسد .. "الخارجية" تُجري تغييرات دبلوماسية تشمل سفيريها في روسيا والسعودية
كشف مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة "سانا"، أن وزير الخارجية أصدر قرارًا يقضي بنقل سفيري الجمهورية العربية السورية "بشار الجعفري" في روسيا الاتحادية و"أيمن سوسيان "، في المملكة العربية السعودية، إلى الإدارة المركزية في دمشق.
وبيّن المصدر أن هذا القرار يأتي في إطار حركة التغييرات الدبلوماسية التي أطلقتها الوزارة مؤخراً ضمن خطة شاملة لإعادة هيكلة البعثات الخارجية، بما يتوافق مع رؤية الدولة السورية الجديدة وتوجهاتها السياسية.
وأوضح المصدر أن القائمين بالأعمال في كل من السفارتين سيواصلون تسيير الشؤون الدبلوماسية والمهام القنصلية بشكل مؤقت، إلى حين صدور التعيينات الرسمية للسفراء الجدد بمرسوم من رئيس الجمهورية خلال الفترة القريبة المقبلة.
من هو "بشار الجعفري" سفير نظام الأسد في روسيا
"بشار الجعفري" اسم برز بشكل كبير لأزلام نظام الأسد، من خلال مواقفه وتصريحاته والدور الذي لعبه في شيطنة ومحاربة الحراك الشعبي السوري في المحافل الدولية وأروقة الأمم المتحدة مؤيداً القتل ونافياً استخدام النظام الأسلحة الكيمائية والمحرمة دولياً، وتميز بتصريحاته الاستفزازية التي كانت مليئة بالتضليل والكذب للدفاع عن جرائم النظام لسنوات طويلة.
وعين "الجعفري" مندوب سوريا الدائم في مقر الأمم المتحدة الرئيسي بنيويورك عام 2006، حيث دافع بشراسة عن سياسة النظام في القتل والقمع ونفي كل جرائمه، ثم عين بعد سنوات طويلة من عمله بالأمم المتحدة، سفيرا في موسكو بأكتوبر عام 2022 حتى الوقت الذي سقط فيه نظام الأسد إلى الأبد.
وفي آخر تصريحاته بعد سقوط نظام الأسد، قال الجعفري، إن بلاده في في عهد الأسد كانت بلا نظام، إنما تحكمها "منظومة فساد ومافيا"، داعيا للاحتفال بالتغيير، ودعا "العقلاء والحكماء لتهدئة الشارع وبناء المستقبل بحيث تكون سوريا لكل السوريين"، وشدد على ضرورة "عدم تكرار أخطاء الماضي".
ودافع "الجعفري" عن مواقفه السابقة في دعم نظام القتل والبراميل قائلاً: "في الأمم المتحدة كنت ابتدعت كلمة بلادي ووطني ولم أكن أذكر النظام أو رأسه، لأن بلادنا هي التي تجمعنا، وكان يوجّه لي اللوم من النظام المخلوع على ذلك".
وسبق أن كشف "محمود الحمزة" الأكاديمي والسياسي السوري ورئيس "الجالية السورية الحرة" في روسيا، كواليس الاحتفال بسقوط نظام الأسد في السفارة السورية بموسكو، ودور سفير النظام الساقط "بشار الجعفري" في عرقلة الاحتفالية واستعانته بالشرطة الروسية، ليعاود "الجعفري" إظهار تأييده للثورة وتنظيم فعالية بحضوره ضمن السفارة.
أما "محمد أيمن سوسان" سفير نظام الأسد في السعودية
هو دبلوماسي، يشغل منصب سفير سوريا في السعودية شغل سابقاً منصب معاون وزير الخارجية والمغتربين منذ عام 2014 وقبلها كان يشغل منصب سفير الجمهورية العربية السورية في بلجيكا والاتحاد الأوروبي حتى عام 2012 ويحمل شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية.
ويُعتبر سوسان من الشخصيات الدبلوماسية المرتبطة بالنظام المخلوع، حيث شغل مناصب قيادية في وزارة الخارجية وعمل سفيراً في دول عدة.
محامٍ سوري: استدعاء ممثلي الأسد من السفارات إجراء سيادي لا يحتمل التأجيل
كان شدد المحامي السوري "ميشيل شماس" على أن استبدال السفراء والقناصل المعتمدين يتطلب بطبيعته موافقة من الدول المضيفة، إلا أن استدعاءهم إلى دمشق وتعليق مهامهم الدبلوماسية يبقى قراراً سيادياً بحتاً، يمكن اتخاذه وتنفيذه بشكل فوري دون الحاجة لأي موافقات خارجية.
وأكد شماس، في مشنور على صفحته الشخصية على "فيسبوك"، أن هذا الإجراء "ضروري وملح"، لا سيما في ما يتعلق باستدعاء العناصر الأمنية التابعة لمخابرات النظام السابق، والذين ما زالوا يمارسون عملهم داخل السفارات السورية، مطالباً بكفّ يدهم عن العمل فوراً.
وأوضح أن وزير الخارجية في الحكومة السورية الجديدة ملزم بممارسة هذا الحق دون إبطاء، باعتباره مسؤولاً مباشراً عن إعادة هيكلة السلك الدبلوماسي وتطهيره من أدوات النظام البائد.
ورأى شماس أن نقص الكوادر الدبلوماسية يمكن تجاوزه بسهولة، من خلال الاستفادة من الكفاءات السورية المقيمة في الخارج، مشيراً إلى وجود عدد كبير من المختصين والدبلوماسيين المنشقين المؤهلين لتولي المهام التمثيلية بكفاءة ومهنية عالية، بما يعكس الوجه الجديد لسوريا بعد سقوط نظام الأسد.
دبلوماسيون سوريون ينتقدون الإبقاء على سفراء النظام السابق في مناصبهم
سبق أن انتقد دبلوماسيون سوريون سابقون استمرار الحكومة السورية في الاحتفاظ بمعظم الدبلوماسيين الذين تم تعيينهم في عهد نظام بشار الأسد، معتبرين أن هؤلاء الدبلوماسيين ما زالوا مخلصين للنظام السابق ويقومون بأنشطة ضد الحكومة الحالية.
في تصريح له لموقع "العربي الجديد"، قال السفير السابق بسام العمادي، إن المسؤولين في وزارة الخارجية السورية يعتمدون على استشارات خاطئة بشأن الإبقاء على الدبلوماسيين المعينين في عهد النظام السابق.
وأضاف أن هؤلاء المسؤولين يفتقرون إلى الكفاءة في العمل الدبلوماسي، ويميلون إلى الاستعانة بالولاء الشخصي بدلاً من الكفاءة المهنية. كما أشار إلى أن الدبلوماسيين المعينين في عهد بشار الأسد ما زالوا يتقاضون رواتبهم من دمشق، التي تتراوح بين 8 آلاف و15 ألف يورو لكل دبلوماسي.
العمادي أكد أن هناك نصائح خاطئة تم تقديمها للقيادة الجديدة بشأن بقاء هؤلاء الدبلوماسيين في المناصب. وقال إن بعض المستشارين أقنعوا القيادة بأن الدول المضيفة قد لا تقبل بسحب السفراء بسبب عدم اعترافها بالحكومة الجديدة، وأكد أن هذا غير صحيح تماماً.
وأوضح أن الدولة المرسلة لها الحق الكامل في سحب السفراء بغض النظر عن اعتراف الدول المضيفة. كما أشار إلى أن عدم قيام الحكومة الحالية بتفعيل وزارة الخارجية بشكل أمثل قد أعاق مساعيها في رفع العقوبات المفروضة على النظام السابق.
من جانبه، أشار السفير السوري السابق بسام براباندي إلى أن المستشار القانوني لوزير الخارجية الحالي أسعد الشيباني كان هو نفسه المستشار القانوني لرجل الأعمال الموالي لنظام الأسد، نزار أسعد، في محاولة للتخلص من العقوبات المفروضة عليه. واعتبر براباندي أن "شبيحة النظام" في السفارات سيكونون ضد الوزارة وضد سوريا الجديدة.
أما الصحافي علي عيد فقد أكد في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن العديد من العاملين الأمنيين في السفارات السورية في الخارج كانوا في السابق يعملون في فرع أمن الدولة التابع للنظام، وبعضهم لا يزال يشغل مناصب في السفارات السورية في دول مثل فرنسا وهولندا وألمانيا، حيث يشاركون في تحريك المظاهرات ضد الحكومة السورية الجديدة.
وكانت مواقع إعلامية مثل "زمان الوصل" قد نقلت تقارير تشير إلى أن بعض موظفي السفارات السورية في دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا قد شاركوا في تنظيم المظاهرات ضد الحكومة السورية الجديدة، وهو ما يشير إلى أن السفارات لا تزال تحتفظ ببنية أمنية تتبع النظام السابق.