
أنقرة تنفي مزاعم عبدي بشأن الاتصالات.. وتؤكد رفضها لأي تفاهمات خارج الاتفاق مع دمشق
نفت وزارة الخارجية التركية بشكل قاطع صحة التصريحات التي أدلى بها قائد “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي، بشأن وجود اتصالات مباشرة مع أنقرة، مؤكدة أن ما ورد في بعض التقارير الإعلامية عن استعداد تركي للقاء عبدي “غير صحيح على الإطلاق”.
وكان عبدي قد قال في مقابلة تلفزيونية بثت يوم الجمعة، إن “قسد” على تواصل مباشر مع تركيا عبر قنوات مفتوحة ووسطاء، معربًا عن انفتاحه على لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “إذا توفرت الظروف السياسية لذلك”. واعتبر أن المرحلة الحالية تمثل فرصة لتحويل الهدنة المؤقتة إلى تهدئة دائمة.
غير أن مصادر دبلوماسية تركية شددت في تصريحات لوكالة “الأناضول” على أن أنقرة لم تفتح أي قنوات مع مظلوم عبدي أو قيادة “قسد”، ووصفت ما نُشر في تقرير لموقع “المونيتور” حول وساطة أميركية لعقد لقاءات مع شخصيات من قسد بأنه “ادعاءات باطلة ولا أساس لها من الصحة”.
وبحسب التقرير المذكور، فإن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك تحدث هاتفياً مع عبدي من دمشق، وشجعه على مواصلة محادثات خفض التصعيد مع تركيا، وطرح فكرة لقاء محتمل مع مسؤولين أتراك. إلا أن الخارجية التركية نفت ذلك أيضًا، وأكدت تمسكها برفض التعامل مع “قسد” التي تعتبرها “امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الإرهابي”.
وكانت أنقرة قد رحّبت سابقًا باتفاق اندماج “قسد” ضمن الجيش السوري الجديد، الذي تم توقيعه بين عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع في آذار الماضي، معتبرة أنه خطوة في الاتجاه الصحيح. لكن تصريحات عبدي الأخيرة أعادت طرح المخاوف التركية من نوايا “قسد”، خاصة بعد تأكيده أن عملية الدمج “قد تستغرق سنوات”، وأنها يجب أن تتم ضمن “إطار سياسي يعترف باللامركزية وحقوق مكونات شمال وشرق سوريا”.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علّق بدوره على الأمر قائلاً إن “قسد تستخدم تكتيكات للمماطلة رغم الاتفاق مع الحكومة السورية الجديدة”، مشددًا على أن وحدة سوريا وسلامة أراضيها هي أساس أي تفاهم، وأن دمج “قسد” يجب أن يتم ضمن الإطار الزمني المحدد.
وكانت فصائل “قسد” قد خاضت مواجهات ضد الجيش التركي والفصائل السورية المعارضة خلال الهجوم الأخير على دمشق، قبل أن تنتهي الاشتباكات باتفاق وقف إطلاق نار رعته واشنطن في كانون الأول الماضي. ومنذ ذلك الحين، تراجعت حدة التصعيد، مع بقاء بعض الملفات عالقة على خطوط التماس في الشمال السوري.
في المقابل، تؤكد الحكومة السورية الجديدة أنها ترفض “أي محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسمى الفيدرالية أو الإدارة الذاتية دون توافق وطني شامل”، كما ورد في بيان سابق للرئاسة السورية. وتُعدّ مسألة دمج “قسد” ضمن مؤسسة الجيش واحدة من أبرز الملفات المطروحة في المحادثات بين دمشق وأنقرة، وسط وساطات أميركية حثيثة لدفع العملية قدمًا.
وبينما يسعى مظلوم عبدي إلى فتح قنوات خارجية للتفاوض، تصر أنقرة على أن الطريق الوحيد هو تنفيذ الاتفاق مع دمشق بالكامل، دون قفز على الثوابت التركية. أما دمشق، فتُبقي الباب مفتوحًا للتسوية، بشرط أن تنطلق من وحدة الدولة، وسيادة القانون.