أزمة متفاقمة: مرضى الثلاسيميا في إدلب وحماة بين غياب الدعم وصعوبة تأمين الدم
أزمة متفاقمة: مرضى الثلاسيميا في إدلب وحماة بين غياب الدعم وصعوبة تأمين الدم
● أخبار سورية ١٨ أبريل ٢٠٢٥

أزمة متفاقمة: مرضى الثلاسيميا في إدلب وحماة بين غياب الدعم وصعوبة تأمين الدم

تواجه مئات العائلات في إدلب وحماة مأساة متجددة، حيث تتفاقم معاناة مرضى الثلاسيميا نتيجة التحديات المتراكمة في القطاع الصحي، في ظل غياب الدعم وانهيار البنية التحتية الذي خلفه النظام السابق. وفي وقت تسعى فيه المناطق المحررة للنهوض من آثار الحرب، تبقى الفئات الأشد ضعفاً في مواجهة الخطر، في مقدمتهم مرضى الدم المزمنون.

توقف الدعم عن مراكز العلاج في إدلب
في محافظة إدلب، يشكو مرضى الثلاسيميا وذووهم من صعوبة الحصول على الخدمات العلاجية، لاسيما بعد توقف الدعم عن مركز كللي الصحي، الذي كان يعد أحد المراكز المتخصصة في تقديم نقل الدم والعلاج اللازم. وأدى إغلاق المركز إلى اضطرار المرضى للانتقال إلى مراكز بديلة في مدينة إدلب وسلقين وقاح، ما زاد من الضغط على هذه المرافق المحدودة أصلاً، وفاقم من التحديات التي يواجهها المرضى، خصوصاً في ظل أوضاعهم المادية المتدهورة.

النازحون المقيمون قرب مركز كللي عبّروا عن استيائهم من اضطرارهم لتحمّل أعباء إضافية تتعلق بالمواصلات، وغياب مركز قريب يوفر لهم الرعاية المنتظمة، وهو أمر بالغ الخطورة نظراً لارتباط علاج مرض الثلاسيميا بمواعيد ثابتة لجلسات نقل الدم.

نقص حاد في أكياس الدم بحماة
أما في مدينة حماة، فيواجه المرضى صعوبة متزايدة في تأمين وحدات الدم اللازمة، مع تراجع أعداد المتبرعين بشكل ملحوظ. وأشارت مصادر ميدانية إلى أن بعض المستشفيات باتت تشترط على المرضى تأمين متبرعين قبل كل جلسة علاج، ما يضيف عبئاً نفسياً وتنظيمياً إضافياً على ذوي المرضى.

وأكد عدد من الأهالي أن رحلة البحث عن كيس دم باتت مرهقة، تتخللها التنقلات المتكررة بين المستشفيات وبنك الدم، وسط تخوف دائم من عدم توافر الزمرة المطلوبة، لا سيما لدى أصحاب الزمر النادرة مثل O السالب، ما يهدد صحة المرضى ويعرضهم لمضاعفات قاتلة.

إلغاء وثيقة التبرع يزيد الأزمة
أحد العوامل التي ساهمت في تراجع الإقبال على التبرع بالدم هو إلغاء العمل بوثيقة التبرع، والتي كانت تُستخدم في السابق كأحد متطلبات القبول أو التوظيف لدى الجامعات والدوائر الرسمية، ما جعلها دافعاً عملياً لكثير من المتبرعين.

في غياب هذا الحافز، ومع ضعف حملات التوعية والتشجيع على التبرع، باتت بنوك الدم في حماة عاجزة عن توفير الكميات المطلوبة، في وقت يشكل فيه تأخير جلسة نقل الدم خطراً داهماً على حياة المريض، خاصة أن من يعاني من الثلاسيميا بحاجة إلى نقل دوري للدم لتفادي فشل الأعضاء أو مضاعفات مميتة.

 أدوية غير متوفرة ومضاعفات خطيرة
ويواجه المرضى أيضاً صعوبة في الحصول على أدوية إزالة الحديد الزائد (أدوية التخلب الحديدي)، التي تعد ضرورية لتقليل الأضرار الناجمة عن نقل الدم المتكرر، في ظل غياب الدعم الطبي الكافي وارتفاع أسعار هذه الأدوية إن وجدت في السوق.

حلول مطروحة تنتظر الدعم
رغم هذا الواقع المؤلم، ثمة مقترحات عملية من شأنها تخفيف حدة الأزمة، أهمها إعادة تفعيل حملات التبرع بالدم في المراكز التعليمية والدينية والمجتمعية، إضافة إلى ضرورة توفير الدعم المستدام لمراكز الثلاسيميا عبر التواصل الفعّال مع المنظمات الصحية والجهات الداعمة، لتأمين التمويل اللازم لتشغيلها وضمان استمرار تقديم الرعاية للمصابين.

في ظل هذه الظروف، تبقى معاناة مرضى الثلاسيميا في إدلب وحماة شاهداً على الحاجة الملحّة لإعادة بناء نظام صحي عادل وفعال في سوريا، يُراعي احتياجات المرضى الأشد ضعفاً، ويوفر لهم الحق الأساسي في العلاج والحياة الكريمة.

الكاتب: سيرين المصفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ