تقرير يُسلط الضوء على استمرار تهريب المخدرات من سوريا وأثرها على التطبيع العربي
سلط تقرير نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، الضوء على واقع تهريب المخدرات من سوريا إلى الدول العربية، ولاسيما بعد أن أعادت الدول تلك العلاقات مع النظام، موضحة أن أحد المطالب الرئيسية التي قدمتها الدول العربية لسوريا مقابل إعادة التأهيل هو أن يساعد الأسد في قمع تجارة الكبتاغون.
ولفتت الشبكة إلى تصريح وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الذي قال فيه إن تهريب مخدر الكبتاغون من سوريا إلى الأردن قد زاد بعد محادثات التطبيع التي أدت إلى عودة الأسد إلى جامعة الدول العربية، في مايو الماضي.
وبينت أن عمّان، كانت إحدى أكبر المؤيدين لإعادة تأهيل الأسد، لكون الأردن أحد الضحايا الرئيسيين لتجارة المخدرات في سوريا، لكن المملكة تشعر الآن أن النظام إما غير راغب أو غير قادر على تضييق الخناق على هذه التجارة، بحسب ما ذكرته الشبكة الأميركية.
ونقلت الشبكة عن بيانات سابقة صادرة عن الحكومتين الأميركية والبريطانية، حيث يعتقد أن صناعة الكبتاغون تجلب 57 مليار دولار للنظام، وتعد الدول المجاورة ومنطقة الخليج وجهة المخدرات الرئيسية.
وقالت إن هذه التجارة، حولت سوريا إلى دولة مخدرات سمحت لنظام الأسد بتجديد خزائنه بعد سنوات من الحرب والعقوبات ومنحته نفوذا هائلا على جيرانه، وكانت مسؤولة جزئيا عن جلبهم إلى طاولة المفاوضات مع الأسد.
وفي علامة أخرى محتملة على الاستياء العربي من الأسد، ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" هذا الشهر، أن اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالإشراف على التطبيع العربي السوري جمدت اجتماعاتها مع دمشق بسبب عدم الرد على خارطة الطريق الموضوعة لتطبيع العلاقات العربية السورية.
من جهته، نفى الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، الجمعة، تلك التقارير، وقال في حديث لـ "سي إن إن" إنها "غير صحيحة"، ويرى إميل حكيم، مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) في لندن، أنه ليس من المستغرب أن تصطدم جهود إعادة الإدماج في سوريا بالحائط.
وأضاف حكيم في حديثه للشبكة الأميركية "لم يتم إنجاز أي شيء جوهري بينما حقق الأسد انتصارا رمزيا"، مضيفا أنه من الصعب رؤية كيف يمكن عكس قرار مايو وكيف يمكن استخدام العصا لإجبار الامتثال".
وقال الأسد في مقابلة مع سكاي نيوز عربية، الشهر الماضي، إن تهريب المخدرات يزداد سوءا مع الحرب، وبالتالي فإن مسؤولية مشكلة الكبتاغون في سوريا تقع على عاتق "الدول التي ساهمت في الفوضى في سوريا، وليس الدولة السورية". وأضاف أن بلاده، وليس جيرانها العرب، هي التي اقترحت حل أزمة المخدرات لأنه "مفيد للطرفين".
وقال خبراء إن عملية إعادة تأهيل سوريا كانت معيبة، ويقول إتش إيه هيلير، الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي "المشكلة هي أنه لا توجد في الواقع آلية للمساءلة فيما يتعلق بمبادرة التطبيع".
ويؤكد الأردن أن تجارة الكبتاغون تزدهر، حيث يستخدم المهربون تكنولوجيا متقدمة بشكل متزايد لتهريب المخدر من سوريا إلى البلدان المجاورة، وكان قال وزير الخارجية الأردني، الصفدي، في تصريح مؤخرا: "نرى زيادة في عدد العمليات" وأضاف "وعد السوريون بالعمل على هذا التحدي معنا، لكن الوضع على الأرض لا يزال صعبا للغاية".
ووصف الصفدي تجارة الكبتاغون بأنها "عملية منظمة للغاية"، حيث يستعمل مهربو المخدرات "تكنولوجيا متقدمة جدا" بما في ذلك الطائرات بدون طيار وأجهزة الرؤية الليلية، ويرى الأردن، الذي يشترك في حدود بطول 378 كلم مع سوريا، أن عدم الاستقرار مع جارته يضر بأمنه القومي.
وتبلغ دول الخليج والأردن بشكل روتيني عن ضبط المخدرات، مع محاولة إخفاء كميات هائلة من المخدرات في كل شيء من ألواح البناء إلى شحنات البقلاوة، وهذا الشهر، قالت الإمارات إنها أحبطت محاولة لتهريب 13 طنا من الكبتاغون بقيمة تزيد عن مليار دولار، مخبأة في شحنة من الأبواب وألواح البناء المزخرفة.
وتقوم القوات المسلحة الأردنية بشكل روتيني بإسقاط الطائرات بدون طيار التي تحلق من سوريا وتحمل المخدر، في وقت يقول الخبراء إن الأسد لم يجد حافزا قويا بما يكفي للتخلي عن تجارة المخدرات المربحة. وما يريده قد يكون من الصعب تحقيقه.
وقال حكيم للشبكة: "ما يريده الأسد دائما ليس شيئا يمكن للدول العربية أن تقدمه أو ستقدمه: دعم سياسي غير مشروط، ومساعدات مالية ضخمة، فضلا عن الضغط العربي لرفع العقوبات الغربية".
ومنذ حضور الأسد، اجتماعات القمة العربية، في شهر مايو الماضي، وما تلا ذلك من لقاءات رسمية جانبية، وصولا إلى الاجتماع الأول لـ"لجنة الاتصال العربية" في القاهرة، أغسطس الماضي، لم يطرأ أي جديد على الملفات الثلاث التي شكّلت أساس الانفتاح العربي على دمشق.
والملفات هي: "إعادة اللاجئين"، وقف عمليات تهريب "المخدرات وحبوب الكبتاغون"، والانخراط ودفع مسارات الحل السياسي بما يتماهى مع قرار مجلس الأمن الصادر في عام 2015، مع استئناف أعمال "اللجنة الدستورية السورية".
وبينما تواصلت عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن، وتطورت لتشمل عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات، بقي ملف "عودة اللاجئين" على حاله، دون أن يعبر بصورة عكسية أي سوري إلى داخل أراضي البلاد، حيث يسيطر النظام السوري.