تبريرات مع تجدد الجدل حول سرقة المساعدات .. النظام يتحدث عن طرق تعويض المتضررين
تجدد الحديث عن سرقة المساعدات المخصصة للمتضررين من الزلزال ضمن مناطق سيطرة النظام، مع تحول القضية إلى أبرز المواضيع تداولاً على مواقع التواصل وأكثرها تبريراً من قبل إعلام موالون للنظام فيما زعمت حكومة نظام الأسد بأنها في صدد تعويض المتضررين عبر عدة طرق.
وزعم وزير التجارة الداخلية في حكومة النظام إن الأخير "سيقوم بإعمار منازل جديدة لمن فقد منزله"، وذكر أنه "بحاجة لجمع بيانات من كل مبنى متهدّم لنقوم بتعويض أصحابه"، وأضاف، أن "إعلان المناطق منكوبة سيسمح بتحويل أموال الموازنة العامة للدولة لصالح المناطق المنكوبة"، وفق تعبيره.
وحول بيان وزارة الخزانة الأمريكية "اعتبر أن ما صدر هو استثناء من بعض العقوبات وليس رفع عقوبات، وهو أمر مهم جداً لأن أي أمر إغاثي أصبح مستثنى من العقوبات"، واتهم الوزير أن هناك مختارين يوزعان المساعدات على أقاربهم فقط في ريف اللاذقية، مبررا بذلك حوادث سرقة المساعدات.
وزعم "سالم"، معالجة الأمر وجرى توزيع المساعدات بشكل عادل للجميع بعد أن تم إرسال دوريات إلى بلدة اسطامو في اللاذقية، كما كشف أنه أقيم حساب للجنة العليا للإغاثة، ووصلت تبرعات بعدة مليارات، وتزيد بشكل لحظي، وفق تقديراته.
وادعى أنه لا يحق لأحد التصرف أو التدخل بهذه التبرعات ولا خوف عليها، ونحن كوزارة تجارة لن نأخذ منها إلا بالحالات الضرورية، وكان أعلن وزير التموين التبرع بـ 50 مليون ليرة من جيبه الخاص لضحايا الزلزال، ضمن حركة استعراضية أكثر منها إنسانية وأخلاقية، وفق متابعون.
وانتشرت على وسائل التواصل في مناطق سيطرة النظام، الكثير من الأخبار التي تتحدث عن سرقة المساعدات التي قدمتها العديد من الدول لضحايا الزلزال، في اللاذقية وحلب على وجه الخصوص.
وقال موالون للنظام بأن من يتولون توزيع هذه المساعدات من المخاتير ورجال الدين، يقومون بإعطائها لأقاربهم من غير المتضررين، دون أن تصل إلى مستحقيها الحقيقيين، وفي تبريرات جديدة تعد تزايد الانتقادات والتحذيرات من سرقة المساعدات.
وأثارت قضية تداول أخبار سرقة المساعدات، تبادلاً للاتهامات بين الإعلاميين بضرورة عدم نشرها، حتى "لا تضيع النخوة من رؤوس الرجال"، بحسب ما كتب الإعلامي الداعم للنظام، "نزار الفرا"، الأمر الذي انتقده نظراء "الفرا"، وقالوا إن ما ينشرونه من أخبار هي عبارة عن شكاوى يتلقونها من أرض الواقع لأحداث حقيقية وليست مختلقة.
في حين بدا واضحاً أن التشكيك بإيصال المساعدات إلى ضحايا الزلزال وسرقتها، ينم عن فقدان الثقة بسلطات النظام، حيث أكد العديد من المعلقين، أن المحال التجارية ملآى بالمواد المعروضة للبيع والمكتوب عليها "برنامج الغذاء العالمي" و"غير مخصص للبيع"، وفق موقع اقتصاد المحلي.
وذلك في إشارة إلى سرقة المساعدات الدولية الدورية التي تصل إلى السوريين المتضررين في الداخل، ويتم سرقتها بالكامل، أو تقوم سلطات النظام بتوزيعها على فرق الجيش والشبيحة، وأحياناً يتم توزيع قسم منها على ذوي الجرحى والقتلى من النظام، باسم الأمانة السورية للتنمية التي تتبع لزوجة رئيس النظام السوري، أسماء الأخرس.
وانتقل الصراع على سرقة المساعدات الإنسانية من قبل سلطات النظام السوري، من على صفحات التواصل الاجتماعي إلى وسائل الإعلام العربية والدولية، حيث تحدثت العديد من القنوات والصحف والمواقع، من أن النظام لا يقوم بإيصال المساعدات سوى لفئة محدودة من مؤيديه في مناطق حاضنته الشعبية، والباقي يتم سرقته وبيعه في الأسواق لصالح رجالاته في المخابرات والجيش وبعض المنتفعين.
وفي هذا الصدد، أكد تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "CSIS" أن ملايين الطرود من المساعدات الإنسانية التي أرسلتها الأمم المتحدة إلى المناطق الخاضعة تحت سيطرة النظام السوري قد تبخرت ولم يعرف مصيرها، مشيراً إلى أن النظام السوري استخدم المساعدات الدولية الإنسانية طيلة عشرة أعوام، لمصلحة عناصره ومسؤوليه.
وأفاد التقرير، المؤلف من 70 صفحة، والمستند إلى مقابلات مع مسؤولي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني في سوريا، أن النظام السوري استخدم تلك المساعدات كمورد اقتصادي جديد.
التقرير جاء تحت عنوان "إنقاذ المساعدات في سوريا"، وأشار إلى أن النظام السوري استغل سلطته للهيمنة على منظمات الإغاثة وسرقة القوافل الإغاثية لدعم جيشه وتوظيف أقارب كبار مسؤوليه داخل هيئات الأمم المتحدة.
في هذه الأثناء، وفي ظل الجدل الدائر حول الخوف من سرقة المساعدات الواصلة لمتضرري الزلزال، وكانت نشرت مواقع إعلامية للنظام، أبرز أسماء المتبرعين لضحايا الزلزال مع المبالغ التي تبرعوا بها وذكرت أن حملة التبرعات لا تزال مستمرة، لكنها شككت في الوقت بنفسه بإمكانية أن تصل هذه التبرعات إلى المتضررين، بعد تقارير تحدثت عن فساد في إدارة ملف المساعدات من قبل سلطات النظام.
وأكدت مصادر إعلامية متطابقة بأنّ نظام الأسد يقوم بعملية سرقة ممنهجة للمساعدات المقدمة إلى المتضررين من الزلزال المدمر في مناطق سيطرته، كما يقوم باستغلال الدعم والتبرعات رغم التحذيرات المتصاعدة بهذا الشأن.
وتصاعدت الشكاوى والكشف عن حالات السرقة التي يرتكبها نظام الأسد، كما يفرض النظام وجود "تصريح أمني"، على كل تطوع لمساعدة المصابين في مناطق اللاذقية وحلب وحماة ضمن كافة المناطق المتضررة من فعل الزلزال المدمر، كما يعيق عملهم بشكل كبير.
هذا وينتقد ناشطون دعوات تقديم الدعم للنظام ويعملون على دحض مزاعمه والمطالبة بوقوف المجتمع الدولي أمام مسؤولياتهم، وتعد المناطق الأشد تضررا في الشمال السوري خارج سيطرة النظام، فكيف يفيد تمويل الأسد في مساعدة المنكوبين هناك؟ وحتى المنكوبين تحت سلطته لا يوجد أي ضمانة أن المساعدات ستصلهم، لأن نظام الأسد يواظب على سرقة المساعدات واستغلال الدعم بكافة أنواعه وأشكاله.
وتشير تقديرات بأن نسبة كبيرة من السوريين الذين يعيشون في المنطقة التي أصابها الزلزال هم ممن هجرّهم نظام الأسد من بلدانهم، وهي منطقة خارج سيطرته، ويحذر سوريون من التطبيع مع النظام أو جعله القناة الرسمية لتمرير المساعدات التي لن تصل إلى المتضررين ويعتبر ذلك أمر يتعدى الوقاحة السياسية ليصبح هزّة مضاعفة للمنكوبين، وفق تعبيرهم.