سوريا "ساحة لتآكل الردع الإيراني".. انتقادات في طهران لغياب الرد على قصف قنصليتها
كشفت وسائل إعلام إيرانية، عن تصاعد الدعوات في إيران للرد على الضربة الإسرائيلية التي استهدفت السفارة الإيرانية في دمشق، في ظل انتقادات لتجاهل وتأخر الرد على العديد من الهجمات السابقة.
وقالت صحيفة "فرهيختكان" الإيرانية، إن سوريا "أصبحت ساحة لتآكل الردع الإيراني"، متسائلة ما إذا كانت معادلة الردع بحاجة إلى إعادة النظر؟، وعبر النائب الإيراني أحمد نادري، عن أسفه لعدم الرد على هجوم إسرائيلي سابق استهدف مقراً للمستشارين العسكريين في دمشق، مؤكداً أن استهداف القنصلية يجب أن يقابله "رد متناسب وواضح وحازم ومباشر"، وفق وسائل إعلام إيرانية.
في السياق، قال ممثل مدينة كرمان محمد مهدي زاهدي، إن بلاده تنتظر "رداً حازماً من جبهة المقاومة"، في حين رأى النائب جلال رسيدي كوجي، أن "المماطلة والصبر والتأخير في الرد الحازم والمماثل تحت أي عنوان، ضربة قوية لسمعة إيران".
واقترح كوجي، استهداف أحد المراكز الدبلوماسية الإسرائيلية بشكل علني ومباشر في إحدى دول المنطقة، مفضلاً أن تكون أذربيجان، واعتبر رئيس تحرير صحيفة "كيهان"، المقربة من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، أن مهاجمة السفارات الإسرائيلية في الدول الأخرى حق إيراني مشروع، داعياً إلى "محو إسرائيل" من الخريطة الجيوسياسية للعالم.
وكانت رصدت شبكة "شام" الإخبارية، أبرز التعليقات والمنشورات على الصعيد المحلي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد الغارة الإسرائيلية التي دمرت مقرّ القنصلية الإيرانية في حي المّزة وسط دمشق، وأدت إلى مقتل وجرح أكثر من 10 أشخاص بينهم القيادي الإيراني البارز "محمد رضا زاهدي".
وسادت حالة من الفرح والسرور، وصلت إلى حد توزيع الحلوى في مناطق الشمال السوري المحرر احتفالا بمقتل القادة الإيرانيين ممن ولغوا بدماء السوريين وغيرهم من شعوب المنطقة، واعبروا ذلك قصاصًا وشفاء لما في صدورهم من آلام تسببت بها الميليشيات الإيرانية من جرائم القتل والتهجير والتدمير وغيرها من الانتهاكات التي لا تُحصى.
وأما في الجانب الآخر تصاعدت الانتقادات الموجهة من قبل الموالين لحلفاء النظام وتحديدا إيران التي تتسبب بمزيد من الضربات، وفي هذا التقرير نستعرض كيف كان رأي أبرز الشخصيات الإعلامية الموالية لنظام الأسد بعد الضربة الإسرائيلية الغير مسبوقة من حيث الموقع والتوقيت، في الوقت الذي يكرر النظام وحليفه مزاعم التصدي واقتراب الرد.
وقال مراسل قناة الميادين المدعومة من إيران، رضا الباشا، "أتمنى من كل قلبي أن تتخذ طهران وحزب الله قرارا حاسما بالانسحاب الكامل من سوريا"، وأضاف، أنه يطلب من الأشقاء الإيرانيين بعد الانسحاب إرسال الدعم العسكري والاقتصادي، لـ"سد الفراغ الذي سيخلفه الخروج الإيراني والحزب من الجبهات العسكرية والاقتصادية"، وفق تعبيره.
ونتج عن المنشور سيل من التعليقات ضمن تشبيح متبادل مع وضد الاحتلال الإيراني، وسط وجود عشرات التعليقات التي تؤكد استحالة الخروج الإيراني الذي بات يشبه الورطة التي أوقع نظام الأسد بها الموالين، مع منحهم امتيازات أفضت إلى تحويل حتى أحياء دمشق الراقية لمربعات أمنية وعسكرية إيرانية، وأكد موالون أنه بناء على حجم كمية الاستثمارات والنفوذ التي حصل عليها الإيرانيون عند دخولهم لحماية النظام لن يخروجوا ابداً الأمر الذي ينطبق على الروس أيضا.
وذكر الإعلامي العامل في وسائل إعلام تابعة للنظام محمد مقيِّد، في منشور على صفحته الشخصية على فيسبوك، "تتميز إيران بطبيعة خلابة و مساحة واسعة وعودوا إليها يا أصدقاء وتمتعوا بجمال بلادكم"، وعلما أنّ المنشور كان مخصصا للأصدقاء فقط حذفه الإعلامي لاحقاً من صفحته وسط مؤشرات على ضغوط من مخابرات الأسد.
وأما مضر إبراهيم مدير قناة الإخبارية السابق، وفارس الشهابي رئيس غرفة صناعة حلب، هاجما بكامل الطاقة التشبحية المخزنة لديهم من وصفوهم بـ"المرتزقة السوريين، والخونة" ممن "قاموا بالشماتة والتشفي بالشهداء الإيرانيين"، -حسب قولهم- وفي انتقاد مبطن لتصريح وزير الخارجية فيصل المقداد قال "الشهابي"، هذه الاعتداءات ليست على إيران، و لا على حزب الله، هذا الاعتداءات هي أولاً و آخراً على سوريا.
وقال الباحث الداعم للأسد أمجد بدران، في منشور له "هل الأشقاء في إيران قدموا إلى سوريا لتلقي الضربات فقط؟" وأضاف، أنه خاض معارك ربما لم يخضها 95% من جنرالات إيران الحاليين في حياتهم، في إشارة إلى دوره في المعارك الوحشية التي شنها نظام الأسد ضد المناطق المحررة، وطرح عدة تساؤلات حول الأسلوب العسكري الإيراني الفاشل منتقدا تسبب طهران بمقتل سوريين بهذه الضربات دون أي رد.
وردا على الانتقادات برزت آراء موالون للنظام يدعمون الميليشيات الإيرانية، منهم صهيب المصري، الذي قال إنه يعمل مراسلا لقناة إيرانية منذ 8 سنوات ولم يأخذ حتى خاتم ولم يتعرض لغسيل دماغ ولم يتم تجنيده، منتقدا المنشورات التي هاجمت ميليشيات إيران، قائلاً لنذهب ونسد الفراغ مكانهم ويخرجوا من سوريا، ونحصل على الدعم العربي ساخرا من الدول العربية.
وفي سياق مواز، شدد أحد العاملين في وسائل الإعلام الإيرانية في سوريا، أنه مع قرارات رأس النظام الإرهابي بشار الأسد، بما يتعلق بالرد على تدمير مقر القنصلية الإيرانية بدمشق، وبرر عدم الرد بأنه على مدى 13 عاماً تم العمل على تدمير الدفاع الجوي السوري بشكل كبير، بدعم من الخارج للوصول إلى هذه المرحلة، علما أن النظام يكرر مزاعم التصدي عبر الوسائط الجوية بما فيها ضربة القنصلية التي قال إنه أسقط بعض "صواريخ العدوان".
وهاجمت قالت الصحيفة الداعمة للأسد يارا حميرة، التحليلات التي تخرج مع كل ضربة وتهاجم الوجود الإيراني في سوريا، وقالت إن ضربة "جمرايا، الديماس، حلب" وقبلها الكثير من الضربات الإسرائيلية على مواقع الجيش والمطارات، لم يكن هناك تواجد إيراني وفق زعمها.
ونشر الصحفي الإعلامي الموالي للنظام هيثم كزو، منشورا قال فيه لكل كل شخص يطالب بخروج إيران لإنهاء الضربات الإسرائيلية على سوريا، ما رأيك تأتي لإزالة السفارة الإيرانية ووضع السفارة الإسرائيلية بدلا منها، وفي منشور آخر أن المنطقة أمام خيارين كلاهما شديد البأس.
وأضاف، أن الخيار الأول ألا تقوم إيران بالرد المباشر وإنما بطرق غير مباشرة باعتبار أن الاعتداء جاء على أراض تعتبر إيرانية "القنصلية - السفارة" وهنا سيتمادى الكيان أكثر في مسلسل الاغتيالات، والخيار الثاني أن يكون الرد قوي ومباشر وأعتقد سيشعل المنطقة برمتها وهذا ما يتمناه تحت مسمى "علي و على أعدائي"، وفق نص المنشور.
وقال محمد الحلو، مراسل وزارة داخلية الأسد الذي هرع إلى المكان المستهدف، إن يوم أمس كان يوم عصيب على عموم سوريا، وخصوصا على دمشق، معتبراً أن نظام الأسد يدفع ثمن مواقفه منذ 13 عاماً، وأضاف "طالما سنبقى على حق مع حلفائنا سنبقى ندفع"، على حد قوله، واعتبر موالون للنظام أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة هي الأقسى على الإطلاق.
هذا وتشير تقديرات أن إسرائيل دمرت 58 هدفاً للنظام السوري والميليشيات الإيرانية منذ مطلع العام الحالي مع تنفيذ حوالي 30 هجوما جويا، نتج عنها مقتل وجرح عشرات العسكريين بمن فيهم قياديون إيرانيون وآخرون من ميليشيات "حزب الله اللبناني"، الإرهابي، وتقصف إسرائيل منذ سنوات أهدافاً إيرانية في سوريا، لكن وتيرة الضربات زادت بشكل غير مسبوق.
وإضافة إلى ضربة القنصلية التي أدت لمقتل 7 من كوادر الحرس الثوري الإيراني على رأسهم محمد رضا زاهدي، قتل آخرين بينهم رضي موسوي وسعيد علي دادي، وخمسة آخرون في ضربة استهدفت منطقة المزة في دمشق، وكذلك قتل القيادي في "الحرس الثوري" الإيراني، رضا زراعي في بانياس غربي سوريا، وذهبت كل التهديدات الإيرانية أدراج الرياح.
ويذكر أن العديد من الردود على المستوى المحلي والدولي رافقت استهداف مبنى القنصلية الإيرانية بدمشق، وكرر مسؤولي النظام وإيران التصريحات الجوفاء والتي تحولت إلى محط للسخرية والجدل مع كل حادث مماثل إذ تتواصل الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا صباح مساء، دون تحريك، ساكن الأمر الذي أحدث سخرية عند البعض واستنكار وتعجب لدى حتى الموالين.