شاهد يكشف لـ "زمان الوصل" طريقة تجهيز المقابر الجماعية في "حي التضامن"
نقل موقع "زمان الوصل" في تقرير جديد له، شهادة أحد حفاري المقابر الجماعية في حي "التضامن"، كاشفا عن طريقة تجهيزها وإعدادها للمجازر، بعد أن كشفت مؤخراً صحيفة "الغارديان" عن تفاصيل مجزرة "التضامن" التي ارتكبتها قوات الأسد عام 2013، بحق 41 معتقلا في حي "التضامن" بدمشق.
وأوضح الموقع أن جريمة الإبادة الوحشية دفعت أحد الشبان السوريين للتواصل مع "زمان الوصل" لسرد تفاصيل ما زالت عالقة في ذاكرته منذ عام 2013، تحركت مع مزيد من الآلم والحسرة بعد انتشار فيديو الإعدام الجماعي الذي نشرته الصحيفة البريطانية، والتعرف على وجوه الإجرام ذاتها، من بينها ضابط الصف في قوات الأسد "أمجد يوسف".
وروى الشاب في شهادته أن ذات القوات، أوقفته على أحد حواجز دمشق، مع 14 شابا، جميعهم تحت 35 عاما واقتادتهم إلى مكان داخل العاصمة تحت مزاعم أنهم سيقومون بتنفيذ مهمة لصالح ما يسمى "الجيش العربي السوري".
يروي الشاهد الذي طَلب عدم ذكر اسمه لأسباب كثيرة يعرفها السوريون على رأسها الخوف من بطش النظام، أنه تم اعتقالهم على حاجز حي "الزاهرة الجديدة" القريب من الفرن الآلي بالعاصمة دمشق، من قبل مجموعة "أمجد يوسف"، مشيرًا إلى أنه تم اقتيادهم جميعا معصوبي الأعين ومكبلي الأيدي في سيارة عسكرية إلى أحد الأحياء الشعبية داخل العاصمة يخضع لسيطرة النظام بشكل كامل.
وقال الشاهد إنه وعند وصولهم ورفع الغطاء عن أعينهم سرعان ما تعرف على المكان بحكم أنه ابن المنطقة، مؤكدا أنه يقع في أحد تفرعات شارع "الدعبول" بحي "التضامن"، الحي ذاته الذي جرت فيه الجريمة القديمة الجديدة.
وأضاف قائلا: "عند وصولنا وجدنا معدات حفر يدوية يعرفها من كان مجندا في جيش النظام مثل (قزمات وفؤوس ومجارف وغيرها).. طُلب منّا الحفر في شارع فرعي لا يبعد إلا أمتار قليلة عن شارع (الدعبول)، تحت تهديد التصفية المباشرة في حال الرفض"، مضيفا أنهم بدأوا الحفر الساعة التاسعة صباحا وانتهوا الساعة الخامسة مساء من اليوم ذاته" لأن طبيعة الأرض كانت صخرية قاسية.
ووصف الشّاهد مشاعر الخوف والرعب التي اعترته مع بقية المعتقلين، خصوصا وأنها مصحوبة بالتهديد بالقتل والشتائم والأغاني الطائفية من قبل العناصر الذين توعدوا بمحو جميع المناطق الثأئرة من درعا جنوبا حتى حلب شمالا، معتبرين أن "بشار الأسد" هو "رب سوريا الذي لا يمكن أن يزول أو يتغير".
وشدد على أن الحفرة لم تكن على خطوط التماس مع فصائل المعارضة وليست في أرض مفتوحة بل كانت في شارع محاط بالمحال التجارية والأبنية السكنية، لافتا إلى أن جميع الموقوفين أبدوا استغرابهم من فائدة مثل هذه الحفرة، ليتبين لهم بعد سنوات أنها كانت لتنفيذ الإعدامات الميدانية بحق معتقلين أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم ينحدرون من مناطق تشهد مظاهرات رافضة لحكم آل الأسد.
وقال الشاهد إن قوات الأسد أعادت لهم ثبوتياتهم الشخصية بعد الانتهاء من الحفر، وطلبت منهم المغادرة على الفور، مؤكدا أنهم لاحظوا وجود الكثير من الحفر المشابهة في المنطقة بعضها تم ردمها بالتراب ما يعني وجود الكثير من المقابر الجماعية هناك.
والحادثة التي كشف عنها شّاهد "زمان الوصل" لم تكن الوحيدة، فعند عودته إلى منزله وسرد ما حدث معه على شقيق زوجته، أكد له الأخير أنه تم اقتياده مرتين بغرض الحفر، وبنفس الطريقة، من قبل عناصر الحاجز ذاته، الأولى إلى حي "التضامن"، والثانية إلى منطقة قريبة من "الصنمين" بريف درعا الشمالي.
كما أكد الشّاهد عبر "زمان الوصل" استعداده مع قريبه للشهادة والكشف عن أماكن الحفر التي قد تضم ضحايا قتلتهم مجموعات طائفية مشابهة لمجموعة "أمجد يوسف" في حال فتح تحقيق دولي يوفر شروط السلامة لهما ولجميع أفراد عائلتيهما.
وكشف الشاهد أيضاَ أن قوات الأسد اختارت شارع في منتصف حي "التضامن"، يتقاطع مع شارع "الدعبول" وشارع "نسرين"، يبعد عن مطعم "بركة" نحو 700 متر باتجاه شارع "الدعبول"، ووضعت عليه بوابة حديدية كبيرة تشبه بوابات الأفرع الأمنية، وجعلت من الأبنية على طرفي الشارع مراكز للاعتقال والتحقيق والتعذيب والإعدام وكان يتم إرسال الكثير من المعتقلين إلى هذا المكان.
وختم بالقول إنه تم تحويل الكثير من منازل الحي لمعتقلات ومراكز تصفية وتعذيب، الأمر ذاته في الفرن الآلي الواقع على أطراف الحي، حيث كانت تأتي إليه المجموعات الطائفية التابعة للنظام لاختيار المعتقلين بناء على سجلهم المدني والمناطق التي ينحدرون منها، ليتم اقتيادهم إلى داخل الحي وإعدامهم بطرق وحشية، إشباعا لغرائزهم الدموية القائمة على القتل والتنكيل وسفك الدماء.